يا جبال أوّبي / كتب الدكتور محمد الهادي الحسني
يا جبال أوّبي
محمد الهادي الحسني ** **
الجبال آية من آيات الله- عز وجل- وقد جعلها أوتادا لتمسك الأرض.. ومن عظمة الله في هذه الجبال الشاهقة أن المغمور منها أكبر بكثير من الظاهر...
وأما أوّبي فمعناها ردّدي، وأعيدي، ورجّعي. وهي هنا أمر من الآمر المطلق- سبحانه وتعالى- إلى هذه الجبال أن تؤوّب وتردد مع عبد من عباد الله الصالحين، وهو سيدنا داود- عليه السلام- ما كان يتلوه من مزامير وأقوال مسبحة لله، حامدة له، مثينة عليه... وقد آتى الله- عز وجل- عبده داود- فضلا منه- النبوة والزبور وإلانة الحديد.. مما لا قدرة لأحد عليه إلا للقادر على كل شيء...
أما الجبال التي أعنيها فهي جبال جرجرة، التي وصفها- صادقا- ابنها الشاعر حسن حموتن بأنها "نواطح السحب"..
وأما ما تردده، وتؤوّبه فهو آيات رب العالمين، وتهليلاته، وتكبيراته، وتسبيحاته التي انطلقت من آلاف الحناجر ليلة الجمعة ونهارها بمناسبة وفاة "ابن جرجرة" وابن الجزائر ودفنه الأخ حسين آيت أحمد...
لقد انطلقت تلك الآلاف من الحناجر تكبر الله، وتذكر الله، وتحمد الله على ما يصيبها من خير وشر، وتستغفر الله، وتشهد أنه لا مربوب بحق إلا رب العالمين، ما جعل "إخوان الشياطين وجنودهم" يؤمنون بأنهم أحقر وأتفه من إنجاح مخططهم الشيطاني..
ظنت فرنسا المفتنة وظن سفهاؤنا الذين دلتهم بغرور أن منطقة زواوة قد انسلخت من الإسلام، وهجرت القرآن، واستحوذ عليها الشيطان.. فإذا بمنطقة زواوة تسفه الجميع، وتؤكد للأعمى والأصم قبل البصير والسميع مقولة شاعرها حسن حموتن:
"فلا رجوع عن الإسلام والنسب".. (ديوان حسن حموتن ص 28)، وتقول لمن أراد سلخها عن الإسلام، وتعبيدها للأزلام، كما قال حسن حموتن أيضا:
قل للذي يفسد الأفكار مت حسدا". ص48. وما الذي يفسد الأفكار ويبغيها عوجا إلا الذين:
تفرنسوا لغة فكرا ومعتقدا ساءوا وساء الذي بسوئه جهروا
رهط خنافسة شكلا وفلسفة تغيرت فيهم الأفكار والصور ( ص !!!)
أجمل ما في هذا التأويب أنه تلقائي شعبي، لم يأت تطبيقا لتعليمات (...) ولا تجسيدا لتوجيهات (...) ولهذا كان جميلان مؤثرا، لا أثر فيه لنفاق، ولا رائحة فيه لتملق... ولا مطمع فيه لشهرة على حساب هذا الرجل، وما كل ذكر رجل...
رحم الله حسين آيت أحمد، وجزاه الجزاء الأوفى، وأخزى كل من يعيش على غير حقيقته في غش، ويكذب ويسعى بذلك، ويقبله ويدلس على غيره، ويحشر نفسه مع الأخيار وهو من أشر الأشرار.. ويحسب نفسه من الأفضل، وهو من أرذل الأراذل.. و"الناس معادن.." للشروق