فضاءات أورتزاغ

أورتزاغ

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـجماعة
العياشي كيمية
مسجــل منــــذ: 2011-08-16
مجموع النقط: 76.2
إعلانات


آراء أبناء الوردزاغ.......الأستاد عبد الحق الرحيوي

آراء أبناء الوردزاغ ......الأستاد عبد الحق رحيوي

×××××

أزمة الديموقراطية وصعود الحركات الدينية....

إن صعود الحركات الدينية في العالم العربي، وعودة الفكر الديني بشكل أكثر تطرفا الى الساحة العربية والعالمية، يطرح أكثر من سؤال على المستوى السياسي، والفكري، والثقافي، بعد أن كان الكل يعتقد أن الأصوليين قد اختفوا، وأن الفكر الديني توارى وراء ضباب الفكر الغربي والعولمة، شهد العالم العربي عودة قوية وموجعة للحركات الدينية أعادت من جديد حمل السلاح وصناعة الموت في الأرض الله الواسعة.

لقد أصبحت الحركات الدينية المتمثلة في دولة “الخلافة الإسلامية” المعروفة إعلاميا بداعش، أصبحت واقعا وحدثا تاريخيا مؤلما في تاريخ الفكر الإسلامي والإنساني، نظرا لما تقترفه من جرائم ضد الإنسانية، فكيف ظهرت الحركات الإسلامية المتطرفة؟ من المسؤول عن ظهورها ؟ وهل من أفق سياسي لحل هذه الخلايا القاتلة التي تنتشر في كل مكان ؟.

إن البحث في الأسباب التي ساعدت في ظهور دولة الخلافة الإسلامية في بلاد الشام، قد تكون عديدة وقد يكون من السهل تقفي أثر بعض هذه الأسباب، وقد يكون من الصعوبة تقفي آثار أسباب عديدة، يمكن أن نبدأ في البداية ونقول أن الربيع العربي وفقدان الأنظمة القدرة على مراقبة وعي الجماهير وسلوكهم الثوري، وفر مناخا مناسبا لاستيقاظ هذه الخلايا النائمة، حيث خرجت بدورها الى الشارع رافعة شعارات أكثر جذرية وراديكالية، من أجل ضمان حقها في الممارسة السياسية داخل المجال العمومي، معبرة عن آمالها وطموحاتها السياسية.

نظرا لصعوبة التحكم في المد الجماهيري في الدول العربية التي هبت عليها رياح الربيع ، وعدم قدرة الدولة على إخماد المد الثوري كان عاملا مساعدا كما قلنا في ظهور الحركات الديينة، ونحن نعرف على المستوى التاريخي أن الحركات الدينية تشكل النقيض المباشر للمصالح الغربية نظرا لإديولوجيتها المتعارضة مع مبادئ العولمة والرأسمالية. ولكي تضمن الدول الغربية بقيادة أمريكا مصالحها الاقتصادية في العالم العربي، عملت على بلورة خريطة سياسية جديدة تتمركز حول الأحزاب الدينية المعتدلة، وذلك من أجل التخلص من الحركات الدينية أكثر تديننا ورفضا للحضارة الغربية، فوصول الأحزاب الدينية الى الحكم في المغرب ومصر، وتونس، ،لم يكن في الأساس اختيارا ديموقراطيا، بقدر ما كان من أجل تحقيق نوع من المصالحة السياسية مع هذه الأحزاب وذلك من أجل محاربة الحركات الدينية المتطرفة.

نظرا لعدم الاستقرار الذي يعرفه عالم العربي رغم تشكل الحكومات الجديدة، وصعوبة حسم المعارك في بعض الدول كسوريا مثلا وتمزق العراق بعد العدوان الأمريكي، والتهميش السياسي الذي عانت منه لسنوات طويلة الحركات الدينية في العالم العربي، تهميش وحظر مورس في حقها بأبشع الطرق، كون مع مرور السنين حقدا دفينا لكل الأشخاص المؤمنين بالفكر الديني ومبادئه، هذا الحقد كان يحتاج فقط الى فرصة مناسبة لكي ينفجر ويتحول الى سلوك يومي بشع، نظرا لكون هؤلاء الكائنات كانت تعيش في الظلام وتحت الحراسة النظرية، غير قادرة على التعبير عن أفكارها في الساحة السياسية، فلما سمحت لها الظروف بالخروج الى أرض الواقع، أصبحت بمثابة ذلك الثور الذي قضى سنوات طويلة في الظلام، فهو غير قادر على الرؤية بشكل جيد وهذا ما تفتقد إليه الدولة الإسلامية “داعش” فهي لا تملك رؤية سياسية، هذا من جهة ومن جهة أخرى تكون لهؤلاء الأشخاص بعد عدواني نظرا لمعاناتهم الطويلة داخل دولهم.

من الناحية النظرية يمكن أن نقول أن الربيع العربي وفر مناخا مناسبا لعمل الحركات الإسلامية وظهور الدولة الدينية، لكن من الناحية الواقعية يمكن أن نقول أن غياب الديمقراطية وسياسة الإقصاء والقمع والترهيب التي مارستها الدولة العربية على الحركات الدينية أكثر راديكالية، كانت هي السبب المباشر لظهور الحركات الدينية بكل هذه الوحشية والجرائم التي تقترفها ضد الإنسانية، من الناحية المنطقية ينبغي على الدول العربية أن تعيد ترتيب أوراقها السياسية، وفتح أفق رحب للممارسة السياسية، حتى يتمكن كل الأشخاص التعبير عن أفكارهم السياسية والدينية بكل حرية، فغياب الحرية في الساحة العربية وهذا التخلف التاريخي الذي نعاني منه هو السبب المباشر في ظهور هذه الوحشية الجديدة في مرحلة تاريخية كنا نعتقد أننا قطعنا كليا مع الحروب الدينية والعرقية التي غالبا ما تكون أكثر دموية. .

ما يمكن أن نقوله في الأخير رغم الغموض الذي تحمله في طياتها الدولة الإسلامية وكيف استطاعت أن تحقق هذه التوسع في ظرف وجيز، قد تكون صناعة أمريكية وقد تكون صناعة عربية نظرا لغياب الديمقراطية والتحكم في المجال العمومي، ولكن ما نحن متأكدين منه هو أن الأشخاص الذين يقومون بهذه الأعمال البشعة هم مسلمون عرب بهويتهم وإسمهم، اغلبهم عانى في سجون الأنظمة العربية يحملون حقدا دفينا في قلوبهم على كل الأنظمة العربية والتيارات السياسية.

ما يمكن أن نخلص إليه فلكي تحارب الدول العربية هذا التنظيم السياسي وتقنع مواطنيها بعدم الالتحاق بخلايا داعش، عليها أن تفكر في أول شيء وهو فتح المجال السياسي، عليها أن تجرب الحرية بعد أن جربت الديكتاتورية لسنوات طويلة دون أن تعطي نتائج إيجابية على المستوى السياسي، والاقتصادي، والإنساني. إن الأزمة هي أزمة حرية بالأساس ينبغي أن نواجه التطرف الديني بالعقل والحوار والحجة وليس بالإقصاء والقمع، فالإرهاب لا يولد سوى الإرهاب وبالتالي علينا أن نتقبل من الناحية العملية ظهور هذه الحركة وأن ما تمارسه مورس في حقها، لذلك أرى من الناحية العملية ينبغي دمقرطة العمل السياسي، كحل ديمقراطي لمواجهة الحركات الدينية والتطرف عموما ينبغي أن نتدرب على الإنسانية والحوار والتواصل. كما ينبغي على الدول العربية أن تكف عن تعامل بهذه الإزداوجية مع الفكر الديني، فهي لا تكف عن تشجيع المؤسسات الدينية، وتعتبر الدين أحد الضمانات الأساسية والإديولوجيا الأكثر فعالية في تزييف الوعي العربي، وضمان استقرار سياسي مبني على القناعة وحب الله، وليس مبني على التنمية والحرية والمساواة، لكن في نفس الوقت تعمل على تشييد المؤسسات الدينية ومحاربة الفكر الفلسفي والنقدي وتهميشه، وهذا ما ساهم في الأخير في إنتاج هذه الآلات القاتلة التي تصنع الموت في الشرق والغرب بدل أن تصنع إنسانا يفكر في تحسين شروط حياة الإنسانية.

عبدالحق رحيوي

عن جريدة أنوال 24


تقييم:

1

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة