التحذير من الخوارج تنظيم ( بوكو حرام ) في نيجيريا - الشيخ محمد بن هادي المدخلي
التحذير من الخوارج تنظيم ( بوكو حرام ) في نيجيريا - الشيخ محمد بن هادي المدخلي ( عربي - إنجليزي )
التفريغ :
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان
أما بعد
فأوصي إخوتي وأبنائي في نيجيريا خاصة وفي كل مكان لكن أخص أهل نيجيريا لأنه قد جاءني السؤال منهم وعرضت علي مسألتهم وذكروا ما ذكروا فيها من جماعات قائمة بالدعوة الآن عندهم فذكروا من ذلك الطائفة التي تنتهج نهج الخوارج من تكفيروتفجير وتدمير وإفساد وتشريد وهذا نحن نسمعه وهي المسماة بجماعة بوكو حرام .
فأقول لهم إن مثل هذا الإفساد لا يقره الإسلام ولا يرضاه فضلا على أن ينسب إلى الاسلام أو أنه يدعو إليه فلا يجوز، والدعوة إلى الله تبارك وتعالى مهمة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين (( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل )) ويقول جلّ وعلا لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو آخرهم وخاتمهم وأفضلهم (( إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا)) فبين سبحانه وتعالى في هذه الآية المهمة التي بُعث لها هذا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبر أنه أرسله لدعوة الناس وهدايتهم (( إنا أرسلناك شاهدا )) يعني على المدعوين هؤلاء لأن الحق قد بلغهم واستبانت لهم الطريق وقامت عليهم الحجة .
ومبشرا لمن أطاعك فآمن بك وصدقك واتبعك ونذيرا لمن عصاك وخالف أمرك وحاربك ، نذيرا له بالصغارفي الدنيا والنار في الآخرة عياذا بالله من ذلك .
ثم قال بعد ذلك وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا فأخبرسبحانه وتعالى أن نبينا صلى الله عليه وسلم داعيا إليه جلّ وعلا لا إلى دنيا ولا إلى رئاسات ولا إلى شيء من ذلك وإنما داعي إلى الله سبحانه وتعالى يريد هداية الناس واستقامتهم على أمر الله تبارك وتعالى وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فيما أمره الله بأن يقوله : (( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ))
فهذه الدعوة إنما هي إلى الله إلى هداية الناس إلى دين الله جلّ وعلا وإخراجهم من الظلمات إلى النور وتخليصهم من الشرك وادخالهم في التوحيد ، تخليصهم من الجهل وإدخالهم في العلم تخليصهم من الظلام وإدخالهم في النور ، هذه هي الدعوة التي قام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن اتبعه عليه الصلاة والسلام لابد وأن يسير على طريقته كما قال جلّ وعلا : (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ))
وكما قال جلّ وعلا : ((وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون))
قال جلّ وعلا : (( وإن تطيعوه تهتدوا ))
فالشاهد الواجب على المسلم أن يقوم بالدعوة إلى الله إلى دينه وإلى طريقه وإلى سبيله كما قال جلّ وعلا عن رسوله صلى الله عليه وسلم : (( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة )) .
والبصيرة هي العلم في أرجح قولي العلماء ومن اتبعه صلى الله عليه وسلم دعا إلى الله على بصيرة وهذه البصيرة هي التي تنير له الطريق فيعرف بها الحق فيأتيه ويعمل به ويدعو إليه ويعرف الباطل فيجتنبه ويخافه ويحذره ويحذر منه .
فهذا الواجب على الانسان الذي منّ الله عليه بالعلم وبالمعرفة أن يقوم بدعوة الناس إلى دين الله الحق وإلى الطريق التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفة الطرق المخالفة مما يفيد الداعية إلى الله في دعوته وذلك باجتنابه لها وحثه لمن دعاهم أن يتجنبوها .
فأنا أوصيهم ، أوصي إخوتي وأبنائي في نيجيريا أن يحذروا الطرائق المخالفة لطريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها هذه الطريقة التي نحن نسمع بها طريقة جماعة بوكو حرام إذ ما فيها إلا القتل والتفجير والإرهاب الذي بسببه يتسلط أعداء الاسلام على الإسلام وعلى المسلمين ويلصقون بسببه الساءة بأهل الدعوة الصحيحة التي هي طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
كما أيضا أوصيهم أن يجتنبوا الطريق الأخرى وهي التجميع والتخليط بين جميع الطوائف ، فهذا ليس بصحيح فالنبي صلى الله عليه وسلم قد حذرنا من ذلك بقوله " إنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا " وفي حال هذا الاختلاف ما المخرج ؟ قال :" عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور " فأمرنا صلى الله عليه وسلم في حال وجود الاختلاف الكثير والافتراق الكثيرأن نتمسك بالسنة ففيها النجاة بإذن الله تبارك وتعالى ، وأن ندع هذه الطرائق التي هي على خلاف سنته صلى الله عليه وسلم في الاعتقادات وفي الأقوال وفي الأعمال جميعها وندع ذلك كله إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فإذا نحن سلكنا هذا الطريق فالنبشر بالخير وليكن دعوتنا للناس على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم واظهار الحرص على هدايتهم والرحمة بهم والرأفة بهم والشفقة عليهم واظهار الاسلام للناس لغير المسلمين خاصة اظهاره على الصورة الصحيحة التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الصورة التي تدعوا إلى نشر الفضل والفضيلة والرحمة والعدل والحرية الحقيقية حقا التي تخرج الناس من الرق لغيرالله تبارك وتعالى والتعلق بغير الله تبارك وتعالى اظهار الاسلام على الوجه الصحيح الذي تركه عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار عليه أصحابه من بعده وهذا لا يمكن أن يتأتى إلا باتصالكم معشر الإخوة والأبناء بأهل العلم الراسخين في العلم والمعروفين بالسنة والمعروفين بالاتباع أينما كانوا وبالأخص هنا في المملكة العربية السعودية حماها الله ووفقها لكل خير وجنبها وبلاد المسلمين كل شر، فالعلماء فيها متوافرون حملة السنة وحينما أتكلم بهذا أتكلم عمّ أعلم ولا ينفي ذلك وجود الخيرين في الأماكن الأخرى ولكن على حسب ما أعلم أن هذه البلاد هي مرجع أهل السنة في كل مكان ولله الحمد زادهم الله هدى وتوفيقا .
فأوصي أبنائي وإخواني في نيجيريا من طلبة العلم أن يلزموا هذا الطريق وأن يتعاونوا مع إخوانهم طلاب العلم أهل السنة الذين تخرجوا من الجامعة الاسلامية وعادوا إليهم فمن وجدوه على السنة فليتعاونوا معه ومن لم يكن على السنة قد جرفته الأحزاب الثورية والسياسية والدعوات البدعية ،فليحذروه غاية الحذر وعليهم أن يسألوا عمن يريدوا أن يتعاونوا معه قبل أن يتعاونوا معه ،فمن عرفناه نحن أجبناهم عنه ومن عرفه غيرنا من أهل السنة وعلماء السنة أجابوهم ، ومن لا يُعرف فحيّاه الله ، ومرحبا به لكن لا يُقدم ويكون هو المقدم حتى يُعرف من هو ،وما حاله ، فإذا كان كذلك ، كان على السنة وعلى الطريق ولله الحمد فهذا خيروهذا يسعدنا ويفرحنا،فإنه يعيننا على دعوة الناس إلى الحق وإلى الهدى وإذا اكتشفنا أنه على خلاف ظاهره الذي تبدّى به لنا حذرناه وتجنبناه ونكون حينئذ لم نتورط معه ، فأوصي إخواني وأبنائي بهذا .
ثم أوصيهم أن يحرصواعلى إقامة الدعوة بين الناس في المساجد ولا يتخفوا بها ، يقيموها في المساجد إن استطاعوا أن يعلموا ، أن يدرسوا ويقعدوا للناس في المساجد فالحمد لله ما وجدوا فليسعوا إلى تأسيس المساجد التي تقوم على الاسلام الصحيح وعلى السنة الصحيحة ولله الحمد يستطيعون في نيجيريا ، الباب مفتوح فكما أن غيرهم تفتح لهم المساجد من أصحاب الطرائق الصوفية والجماعات البدعية الدعوية فهم عليهم أن يأخذوا بالأسباب ، فيفتحوا مركزا لهم أو مسجدا لهم يجتمعون فيه ينظمون أمر الدعوة ينتشرون في بلاد نيجيريا شمالها وفي جنوبها يقوّمون من كان على الاسلام وعنده نقص أولا ثم بعد ذلك يتجهون إلى دعوة الوثنيين ودعوة المشركين ودعوة النصارى فهذه هي مهمتهم (( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)) هذه مهمة طالب العلم إذا جاء وتعلم وعاد إلى بلده فإنه يُعلم يقوم بهذه المسؤلية فإن العلم أمانة وله زكاة وزكاته بذله ونشره بين الناس ودعوة الناس حتى يستقيموا على هذا الباب الذي تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وعليهم أيضا أن يقوموا بما يرونه من تكثيف الكلمات أو المحاضرات أو زيارة المناطق النائية التي تحتاج إلى أن يقام إليها برحلات أو بدعوات حتى ينتشر الحق فيما بينهم أو يبلغهم هذا الدين ، هذا الذي يجب عليهم على حسب استطاعتهم وليحذروا كل الحذر من دخول أصحاب الدعوات الهدامة فيما بينهم واندساسهم في صفوفهم سواء كانت الدعوات السياسية المنحرفة أو الدعوات المتسترة البدعية فإنهم إذا دخلوا فيهم من دون أن يتنبهوا لهم فإنهم قد يضرونهم ويفسدون عليهم ، فعليهم أن يحتاطوا لأنفسهم في هذا الباب وعليهم أن يقوموا بتعليم الكتب النافعة التي تبنى عليها عقيدة الاسلام الصحيحة في التوحيد خاصة يهتمون به فإن الله سبحانه وتعالى بعث رسوله صلى الله عليه وسلم ومكث عليه الصلاة والسلام ثلاث عشرة سنة لا يدعو إلا إلى التوحيد (( اعبدوا الله ما لكم من إله غيره )) فليهتموا بدعوة الناس إلى التوحيد وتخليصهم من شبكة الشرك التي عمّت وطمّت أكثر في هذه البلاد عفانا الله وإياكم وسائر إخواننا المسلمين ، فعليهم أن يختاروا الكتب النافعة لإخوانهم وليبدؤا معهم بالمختصرات التي تكون يسيرة وسهلة الفهم لمبتدئي الطلاب ولعوام المسلمين وأيضا لمن يدخل جديدا حديثا في الاسلام لا تشق عليه فيشرحونها ويقربونها ولله الحمد سواء كان هؤلاء الإخوة الآن الذين نخاطبهم أهل نيجيريا أو كانوا في آخر الدنيا في هذا الوقت في هذا الزمن اتصلت ولله الحمد الأمم بعضها ببعض و سهلت الاتصلات فيما بينهم في الشبكة ، عن طريق الانترنت أو الاتصلات الهاتفية ، لكن النت صار أسرع فالاتصال عن طريقه أسرع فعلى هؤلاء الإخوان أن يدخلوا إلى المواقع السنية السلفية المعروفة ويسحبوا منها كتب أهل السنة وشروح العلماء مثل القواعد الأربع ، مثل الدروس المهمة ، مثل ثلاثة الأصول ، مثل كتاب التوحيد ونحو ذلك في العقيدة الواسطية ، تلخيص الحموية يسحبوا مثل هذه الكتب والشروح عليها للعلماء المعروفين مثل سماحة شيخنا ووالدنا الشيخ عبد العزيزابن بازرحمه الله مثل كذلك الشيخ محمد بن صالح ابن عثيمين كذلك الشيخ صالح الفوزان ، كذلك الشيخ الأباني ووكذلك الشيخ الغديان وأمثالهم ، إن مثل هؤلاء فإن شروحهم المكتوبة والمطبوعة التي فرغت من الأشرطة المسموعة متوفرة ولله الحمد على هذه الشبكة ويستطيع الآن طالب العلم والداعية الوصول إليها بسهولة ويسر فعلى إخوتي وأبنائي في نيجيريا خاصة أن يرجعوا إلى هذه الكتب ويستفيدوا منها ويستفيدوا من هذه الشروح فيشرحوا للناس هذه الكتب النافعة التي تؤصّل فيهم العقيدة فإذا تأصّلت العقيدة في القلوب صلحت الأعمال واستقامت الأخلاق والسلوك والأداب تستقيم بناءا على ذلك .
فأسأل الله تبارك وتعالى التوفيق لنا ولهم جميعا .
كما أوصيهم أيضا الحذر كل الحذر من الجمعيات التي تفد عليهم وعليهم قبل أن يتعاونوا مع هذه الجمعيات أن يسألوا عنها قبل أن يدخلوا وينخرطوا في التعاون معها فإن أكثر هذه الجمعيات تسرق جهود السلفيين ثم تحريفهم فيما بعد فيبدؤون سلفيين وينتهون خلفيين نسأل الله العافية والسلامة وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعهم بإحسان .
تفريغ كمال زيادي
15 ذو القعدة 1436 هـ
قسنطينة ـ الجزائر ـ