مِنْ جَـواهِـر خـَيْر ِالأنـــام ِ
مِنْ جَـواهِـر خـَيْر ِالأنـــام ِ..
.
قــالَ رَسُـولُ الله ِ - صلَّى الله ُعليه وسلَّمَ - :
( سَتَكُونُ فِتَنٌ ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ
الْمَاشِي ، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي ، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا
تَسْتَشْرِفْهُ ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ".
رَوَاهُ البُخــاريّ ومُسْـلمُ .
----------------
----------------
* قالَ الحافِظ ُابنُ حَجَر - رحِمَه الله ُ- في شَـرْح ِمعـاني الحَـديثِ :
-----------
[ قـَولـُه :
( مَنْ يُشْرِفْ لَهَا ) أي : >>> تطـَلَّـعَُ لها ..
بأنْ يتصـدَّى ويتعَـرَّضَ لها ولا يُعْـرْضُ عنها.
و قـَولـُه :
( تَسْتَشْرِفْهُ ) أي : >>> تـُهْـلِـكُـه ..
بأنْ يُشْـرفَ منها على الهَــلاك ِ ، يُقالُ :
" اسْـتشْـرَِفتُ الشَّيءَ " أى : عَـلــَوْتـُه وأشْـرَفتُ عَـليه ..
يُـريْـد ُ :
مَنْ انتصَبَ لها انتصَبَتْ له ، ومَنْ أعْرَضَ عنها أعْرَضَتْ عنه..
وحـاصِلـُه :
أنَّ مَنْ طـَلـَعَ َفيها بشَـخْصِه قــابَـلـَتهُ بشَــرِّها.
ويَحْتمِـلُ أن ْيكونَ المُرادُ :
مَنْ خـاطـَرَ َفيها بنفسِهِ أهْـلـَكَـتـْهُ ، ونحْـوَهُ قـَـوْلُ القـــائِـل ِ :
مَنْ غـــالبَها غـَلـَبَـتـْهُ .
أمَّا قـَولـُه :
(مَنْ وَجَدَ مَلْجَأً ) أي : >>> يَـلـْتـَجـِئُ إليهِ مِنْ شَـرِّها .
و قـَولـُه :
(أَوْ مَعَاذًا ) هو بمَعْـنى : المَلجَــأ .
و قـَولـُه :
( فَلْيَعُذْ بِهِ ) أي : >>> لِيَعْـتـَزلْ فيه ليَسْـلَم َمِنْ شَـرِّ الفِتـْنـَةِ .
والمُرادُ بهَـذِه الفِتـْن ِ ما يكُـون ُبينَ المُسْـلِـمينَ مِنَ القِـتــال ِبالبَغـْي
والعُـــدْوان ِ، أوْالتنــازُع ِ على أمُــور ِالدُّنيــا ، دُوْنَ أنْ يَـتبيَّنَ أيّ الفـَريْقـَيْن
هو المًحِــقُ، أوْ أيُّهُما هو المُبْطِـــلُ ] .
وقــالَ الإمامُ النـَّوَويّ - رحِمَه اللهُ :
--------
[ وأمَّا قـَولـُه - صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - :
( الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ .... ) إلى آخِـرهِ ، فمَعْـنــاهُ بيـان ُعَـظِـيمُ
خَطـَرها ، والحَـثُّ على تجَـنـُّبـِها، والهَـرَبُ منها ، وأنَّ شَـرَّها وفِـتـْنـَتِها
يكُونُ على حَـسَب ِ التعَـلـُّق ِبها ] .
* وقالَ فِيهِ الحافِظ ُابنُ حَجَر - رحِمَه الله ُ- :
----------------
[ قـَولـُه :
( الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ .... ) حَـكَـى ابنُ التـيْـن ِعَن ِالداودِي أن َّ
الظـَّاهِـرَ أنَّ المُـرادَ مَنْ يكُـونُ مُبــاشراً لها في الأحْــوال ِكُـلها ، يعْـني
أنَّ بعْـضَهم في ذلكَ أشَـدُّ مِنْ بعْـض ٍ،
فأعْــلاهُم في ذلك َ السَّـاعي فيها بحَـيْْثُ يكُـونُ سَـبَبـاً لإثـارتها ..
ثمَّ مَنْ يكُـونُ قــائِـماً بأسْـبـابها ، وهوالمـاشِي ..
ثمَّ مَنْ يكُـونُ مُبـاشِـراً لها ، وهوالقــائِـمُ ..
ثمَّ مَنْ يكُـونُ معَ النظـَّـارة ِ ـ يعْـنِي المُتـَفـَرِّجـِين ـ ولا يُقــاتِـلُ ، وهوالقــاعِـدُ ..
ثمَّ مَنْ يكُـونُ مُجْـتـَنِـبَـاً لها ولا يُـبـاشِـرُ ولا يَـنظـُرُ ، وهو المُضْـطـَجـِعُ اليَـقـْظــانُ ..
ثمَّ مَنْ لا يَـقــَعُ منهُ شَـيءٌ مِنْ ذلِك َولكِـنـَّهُ راضٍ ، ٍوهوالنـَّـائِـمُ .
والمُـرادُ بالأفـْضليَّة في هذِه الخـَيْـريَّة مَنْ يكُـونُ أقـَلَّ شَـرَّاً مِمَّنْ فـَوْقَـَه
على التفصِـيل ِالمَـذكُـور ِ. وفِـيه التحْــذيْـرُ مِنَ الفِتـْنـَةِ ،والحَـث ِّعلى
اجْـتِنــابِ الدُّخـُول ِ فِـيها، وأنَّ شَـرَّها يكُـونُ بحَـسْبِ التعَـلـُّق ِبها ] .
_________________