تهنئة بمولودة
كتب الصاحب بن عّباد تهنئة في مولودة :
" هنأ اللّه سيدي وِروْدَ الكريمة عليه، وثمّر بها أعداد النسل الطيِّب لديه ؛ وجعَلَها مُؤْذِنةً بأخوة برَرَة ، يَعْمُرون أنْدِية الفَضْل ، ويَغْبُرون بقيّةَ الدَّهْر ِ.
اتصل بي خَبَر المولودة ، كرّم الله غُرّتها وأنْبتها نباتاً حسناً ، وما كان من تَغَيُّرِك بعد اتِّضَاحِ الخبَر، وإنكارك ما اختاره اللَّهُ لك في سابقِ القَدَر، وقد علمتَ أنهن أقربُ من القلوب ، وأنَّ الله تعالى بدأ بهن في الترتيب ، فقال جل من قائل :"يَهَبُ لِمَنْ يشاءُ إناثاً ويَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُكُورَ". وما سمّاه هبة فهو بالشكر أولى ، وبحُسْنِ التقبل أحرَى .
أهلاً وسهلاً بعقيلة النساء، وأُمّ الأبناء، وجالبة الأصهار، وأولاد الأطهار، والمبشّرة بأخوة يتناسقون ، ونُجَباء يتلاحقون:
فَلَوْ كانَ النِّسَاءُ كَمِثْلِ هـذِي
لَفُضِّلَتِ النَسَاءُ على الرِّجَالِ
فما التأْنِيثُ لاسْمِ الشَّمْس عَيْبٌ
ولاَ التذْكِيرُ فَخْرٌ لِلـهـلاَلِ
والله يعرفُكَ البركةَ في مَطْلعها ، والسعادةَ في موقعها ، فأدَرع اغتباطاً ، واستأنِف نشاطاً.
الدنيا مؤنثة، والرجال يخدمونها.
والنارُ مؤنثة، والذكور يَعْبُدونها.
والأرض مؤّنثة، ومنها خُلِقت البرية، وفيها كثرت الذريّة.
والسماءُ مؤنثة، وقد حُلِّيت بالكواكب ، وزينت بالنجوم الثواقب.
والنفسُ مؤنثة، وهي قوام الأبدان، ومِلاَك الحيوان.
والحياةُ مؤنثة، ولولاها لم تتصرَّف الأَجسامُ ولا عُرِفَ الأنام.
والجنّة مؤنّثة، وبها وُعِدَ المتقون ، وفيها يَنْعَم المرسلون ؛ فهنأك اللّه ما أُوليت ، وأوْزَعك شُكْرَ ما أُعطيت ، وأطَالَ اللَّهُ بقاءك ما عُرِفَ النَسْل والوَلد ، وما بقي العَصْرُ والأبد؛ إنه فعّالٌ لما يشاء .
_________________