غرناطة
قصر الحمراء/ "غرناطة"
إبداع نزار قباني
في مدخل ( الحمراء ) كان لقاؤنا ..
ما أطيبَ اللَّقيا بلا ميعادِ
عينانِ سوداوانِ .. في حجريهِما
تتوالدُ الأبعادُ من أبعاد ..
هل أنتِ إسبانيَّةٌ .. ساءلتُها
قالت : وفي غرناطةٍ ميلادي .
غرناطةٌ وصحت قرونٌ سبعةٌ
في تينِكَ العينين .. بعدَ رُقادِ
وأميَّةٌ .. راياتُها مرفوعةٌ
وجيادُها موصولةٌ بجيادِ ..
ما أغربَ التاريخَ .. كيف أعادني
لحفيدةٍ سمراءَ .. من أحفادي
وجهٌ دمشقيٌ .. رأيتُ خلالهُ
أجفان بلقيسٍ .. وجيدَ سُعادِ
ورأيتُ منزلنا القديم .. وحجرةً
كانت بها أمّي تمدُّ وسادي
والياسمينةَ ، رُصعَّت بنجومها
والبِركة الذهبيَّة الإنشادِ ..
*
ودمشقُ .. أين تكونُ ؟ قلتُ ترينها
في شعركِ المنسابِ نهرَ سوادِ
في وجهكِ العربيَّ ، في الثغر الذي
ما زال مختزناً شموسَ بلادي
في طيب ( جنّاتِ العريفِ ) ومائها
في الفُلَّ ، في الريحانِ ، في الكبَّادِ
*
سارت معي .. والشعرُ يلهثُ خلفها
كسنابلٍ تُركت بغير حصادِ ..
يتألَّقُ القرُطُ الطويلُ بجيدها
مثلَ الشموع بليلةِ الميلادِ ..
ومشيتُ مثل الطفل خلف دليلتي
وورائيَ التاريخُ .. كومُ رمادِ ..
الزخرفاتُ أكادُ أسمعُ نبضها
والزركشاتُ على السقوفِ تنادي
قالت : هنا الحمراءُ .. زهوُ جدودِنا
فاقرأ على جدرانها أمجادي
أمجادُها ومسحتُ جرحاً نازفاً
ومسحتُ جرحاً ثانياً بفؤادي
باليت وارثتي الجميلة أدركت
أنَّ الذين عنتهُمُ أجدادي ...
*
عانقتُ فيها عندما ودَّعتُها
رجلاً يسمَّى ( طارقَ بنَ زيادِ ) ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ