من وحي أكتوبر
من وحي أكتوبر
قال الشاعر صلاح عبد الصبور مخاطبا أول جندي يرفع العَلَم المصري في سيناء:
تَمَلَّيْناك حين أَهَلَّ فوق الشاشةِ البيضاءِوجهك يَلْفُقُ العَلَمَا..
وترفعه يداك ، لكي يُحَلِّقَ في مدارِ الشمسِ حُرَّ الوجهِ مقتحِمَا..
ولكن ، كان هذا الوجهُ يظهرُ ثم يَسْتَخْفي. ولم ألمح سوى بَسْمتِك الزهراءِ والعينينِ..
ولم تعلن لنا الشاشةُ نعتًا لك أو اسمَا..
ولكن ، كيف كان اسمٌ هنالك يحتويك؟ وأنت في لحظتك العظمى ، تحولت إلى معنى كمعنى الحُبِّ ،معنى الخيرِ ، معنى النورِ ، معنى القدرةِ الأسمى..
تُراكَ ، وأنت في ساحِ الخلودِ ، وظِلُّ اللهِ والأمْلاك ، تُراكَ ، وأنت تصنعُ آيةً وتَخُطُّ تاريخًا تُراكَ وأنت أقربُ ما تكونُ إلى مدارِ الشمسِ والأفْلاك..
تُراكَ ذَكَرْتَني ، وذَكَرْتَ أمثالي من الفانين والبُسَطاء.. وكان عذابه هو حب هذا العَلَمِ الهائمِ في الأجواء..
ولا ننسى كذلك الشاعر الراحل : فتحي سعيد ، والذي أصدر ديوانا كاملا تحت عنوان : مصر لم تنم . وفي مقدمته قصيدته : تدفق تدفق يقول فيها :
تدفق ، تدفق ،ومِن كُلِّ شبرٍ ومِن كُلِّ خَنْدَق ،تدفق ، تدفق
كأنكَ صاعِقةٌ حينما تصعَق ، عدوَّ النهارِ ، حبيبَ الدمار
، تدفق ، تدفق
ففي كُلِّ بيتٍ وفي كُلِّ دارِ ، وفي كُلِّ مرفق ، وراؤك شعبٌ عريقٌ يصدق
بأنك أعرقْ ، بأنك نورٌ ونار ، تُضيءُ وتُحْرِق
تُضيءُ الحياة ، وتُحْرِقُ أعداءها والطُغاة..