حِـلمُ وكَـرَمُ مَعْـنَ بن ِزائِـدة ِالشَّـيْبـانىّ
حِـلمُ وكَـرَمُ مَعْـنَ بن ِزائِـدة ِالشَّـيْبـانىّ
تـَراهَـن جَـماعة ُعلى ( 100 ) مـائة ِناقـَةٍ لمَنْ يسْتطيْعُ أنْ يُغـْضِبَ
" مَعْـنَ بنَ زائِـدة َ" ويُخـْرجَـهُ عَنْ حِـلمِه ِ وسعة صدره الذى عرف به
فقـدْ كانَ مَعْنُ منْ أوْسَع ِالنـَّاس ِحِـلـْماً و صَـفحـاً و عَفـْواً عَنْ زلاتِ
النـَّاس ِ .
فانطـَلـَقَ أحَـدَهُم – وكان َأعْرابيـَّاً - ودَخـلَ مَجْـلِسَهُ ، ولمْ يُسَلـِّمْ عليْهِ ،
- وكانَ مَعْـنُ يَـوْمَـئِـذٍ والِـيـاً على اليَمَن ِفى زمَن ِالخليْفةِ أبى جَـعْفـَر ٍ
المَنصُـور ِ- وقـالَ :
أتـَذكُـرُ إذ لِحـافـكَ جِلـْدُ شـاة ٍ
------ وإذ نعْـلاكَ مِنْ جِلـْدِ البَعِـيْر؟
فقــالَ مَعْـنُ :
أذكُـرُهُ ولا أنسـاهُ والحَـمْدُ لله ِ.
فقـالَ الرَّجُـلُ :
فسُبْحـانَ الذي أعْطـاكَ مُلـْكـاً
------ وعَـلـَّمَـك َالجُـلـُوسَ على السَّريْر ِ
فقــالَ مَعْـنُ :
لهُ الحَـمُدُ والشُّـكْـرُعلى ما أعْطى .
فقـالَ الرَّجُـلُ :
فلسْـتُ مُسَـلـِّمـاً ما عِشْـتُ دَهْـراً
------ على مَعْـنَ بتسْـلِـيْم ِالأمِـيْـْر ِ
فقــالَ مَعْـنُ :
السَّـلامُ خيْرٌ ياأخا العـَرَبِ ، ولنْ أضَـرَّ إنْ لمْ تـُسـلـِّمْ .
فقـالَ الرَّجُـلُ :
سـأرْحُـلُ عَنْ بــلادٍ أنتَ فِـيْها
------ ولوجــارَ الزَّمـانُ على الفـَقِـيْر ِ
فقــالَ مَعْـنُ :
إنْ جـاوَرْتـَنـا فمَـرْحَـبـاً ، وإنْ رَحَـلـْتَ فمَصْحُـوباً بالسَّـلامةِ .
فقـالَ الرَّجُـلُ :
فجُـدْ لي يا ابْنَ نـاقِصَـةٍ بمـال ٍ
------ فإنـِّي قـَدْ عَـزَمْتُ على المَسِـيْـر ِ
فأعْطــاهُ مَعْـنُ ألـْفَ ديْنـار ٍتخفـِّفُ عنهُ مشـاقَ الأسْـفار ِ..
فأخـَذَها الرَّجُـلُ وقـالَ :
قـَليْـلٌ ما أتيْـتَ بهِ وإنـِّي
------ لأطـْمَعُ مِنـْكَ في المــال ِالكَـثِيْـر ِ
فأعْطــاهُ ألـْفـاً أخـْرَى ، فقـالَ الرَّجُـلُ :
فـَثنِّ فقـَدْ أتــاكَ المُـلـْكُ عَـفـْـواً
------ بلا عَـقـْـــل ٍو لا رَأيٍ مُنِـيْـرِ ِ
فقــالَ مَعْـنُ :
أعْطـُوهُ ألـْفيْنَ ليكُـونَ عنـَّا راضِيـاً .. ثـُمَّ قــالَ لهُ :
هَـلْ هَــدأ بالـُكَ يا أخـا العـَرَبِ ؟!
عِـنـدَئِـذ ٍبَـكَى الرَّجُـلُ وقـالَ :
سـألـْتُ اللهَ أنْ يُبْقِـيْـكَ دَهْــــراً
------ فمَـا لكَ فى البَـرَيَّة ِمِنْ نـَظِـيْـر ِ
فمِنـْكَ الجُــودُ والإفـْضـالُ حَـقــَّاً
------ وفـَيْـضَ يَـدَيْـك كالبَحْـر ِالغـَزيْـر ِ
فقــالَ مَعْـنُ :
أعْطـَيْنـاهُ أرْبَعـَة ًعلى ذمِّـه ،ِ فأعْـطـُوهُ أرْبَعـَة ًعلى مَـدْحِـهِ .
فاعْـتـَـذرَ الرَّجُـلُ لِمَعٍْـن َ، وقـالَ :
بأبي أيُّها الأميْر ُونفسِي فأنتَ نسيْج ُوحْـدكِ في الحِـلم ِ، ونـادرة ُ
دَهْـركَ في الجُـودِ ، فقـَدْ كنتُ في صِـفـاتِكَ بيْنَ مُصَـدِّق ٍومُكَـذبٍ ،
فلمَّا بلوتـُك صَغـُرَ الخـَبَـرُ وأذهَـبَ ضعْـفُ الشَّـكِّ قــُوَّة ُاليَقِـيْن ِ
وما بعَثـَنِي على مافعَـلـْتُ إلا ( 100 ) مـائة ُناقـَةٍ جُعِـلـَتْ لِي
على إغضـابك َ.
فقـالَ لهُ الأميْرُ :
لا تثـْريْبَ عليْكَ .
وأمَـرَ له بالمـائة ُِناقـَةٍ ِلأصْحـابِ الرِّهــان ٍ وبمـائةٍ مثـْلِها لهُ.
فانصَـرَف الرَّجُـلُ داعِـيـاً لهُ فـَرحـاً بهـِبـاتِهِ مُعْجَـبـاً بأنـاتِهِ وخِلمٍِهِ
وكَرَمِهِ .