من بلاغة القرآن
درر من بلاغة القرآن :
قال تعالى :"
(وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)
[سورة ا?نعام 92]
التعبير عن مكة بقوله ( أم القرى ) لأنها مكان أول بيت وضع للناس ، ولأنها قبلة المسلمين ،ولأنها قبلة أهل القرى ومحاجهم، ولأنها أعظم القرى شأنا .
تعدد الصفات ل (كتاب ) يدل على شرفه وعلو منزلته فجملة ( أنزلناه) في محل رفع صفة أولى لكتاب و( مبارك )صفة ثانية و(مصدق ) صفة ثالثة .
جاء بالصفة الأولى للكتاب فعلية وهي جملة ( أنزلناه ) لأن الإنزال يتجدد وقتا بعد وقت .
ووقعت الصفة الثانية والثالثة اسما للدلالة على الثبوت والاستمرار وديمومة البركة
"والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به " الذين مبتدأ وصلة الموصول (يؤمنون بالآخرة )
ويجوز أن تكون الواو عاطفة والذين اسم موصول معطوف على أم القرى ، أي : لتنذر أهل أم القرى و لتنذر الذين آمنوا فتكون جملة (يؤمنون ) الثانية حالا من الموصول والواو حالية وهم مبتدأ وجملة (يحافظون ) خبر والجملة نصب على الحال
والتعبير بالجملة الاسمية ليدل على ثبوت هذه الصفة فيهم وهي المحافظة على الصلاة .
ثم التعبير بالفعل المضارع (يحافظون ) ليدل على تجدد هذه الصفة فيهم .
كتاب جاءت نكرة للتعظيم ثم إسناد الإنزال لله في قوله (أنزلناه ) زيادة في تعظيم وتشريف هذا الكتاب
"مصدق الذي بين يديه "إشارة إلى بين يديه مستعار لمعنى القبلية أو مجاز مرسل .
شرح القونوي على تفسير البيضاوي مع حاشية ابن التمجيد (8/193 )