أول مجلة إعلامية تم إصدارها بجبل "بوكحيل"

من بينها أول مجلة إعلامية تم إصدارها بجبل "بوكحيل"

صدى الجبال، كوّن نفسك يا مجاهد، التعليمات السوداء و القائد وحرب العصابات: نماذج من إصدارات الولاية السادسة التاريخية

يتزامن نشر هذا المقال مع إحياء الذكرى الثالثة والخمسون لاستقلال الجزائر بعد ثورة حمل مشعلها أبطال الكرامة والحرية، تبناها الناس البسطاء من القرى والبوادي واعتبروها قضيتهم الأولى لا تسبقها أية أولوية أخرى فقدموا ممتلكاتهم الشحيحة بسخاء وحثوا فلذات أكبادهم على التضحية والفداء.

شعب تجنّد وتعبأ للدفاع عن أرضه وعرضه، شعب اتحد ورفض فصل الصحراء عن باقي مناطق الوطن، وقد كان بيان أول نوفمبر أول عمل يشق طريقه إلى قلوبهم وعقولهم، بيان أول نوفمبر الذي حدد مهام وأهداف الثورة ومبادئها لتحطيم الفكرة التي ظلت فرنسا ترددها بأنّ الجزائر جزء منها، فالمناطق الجنوبية و-الولاية السادسة تحديدا- تميزت عن سواها من الجهات الأخرى لا من حيث عمليات الكفاح فحسب وإنما من حيث نوعيته، ذلك الكفاح الذي يجري في المناطق الصحراوية فرض نوعا معينا ومختلفا من التنظيم والتسيير، وبهذا لقيت مجهودات الولاية السادسة تفاعلا مع المواطنين حيث تكللت بالنجاح حول التجنيد الكامل للثورة واستئصال المؤامرة الفرنسية.

اهتمت قيادة الولاية السادسة بمجال تكوين وتعليم المجاهدين ميدانيا إضافة إلى الأهمية البالغة التي منحتها للإطارات المشكلة لمختلف هياكل الثورة في اكتسابها المعرفة والخبرات في مختلف المجالات ودعمتها بعدة إصدارات حاولنا جمعها والتعريف بها .

إصدارات التكوين العام

وتشتمل على المبادئ والأسس العامة التي يجب أن يعرفها المجاهد بدء بحقوقه وواجباته والتعريف بوطنه وزعماء وقادة ثورته وفي هذا الإطار صدر كل من: كوّن نفسك يا مجاهد وهو عبارة عن كتيب موجز عن تاريخ الجزائر في شكل أسئلة وأجوبة، صمم الغلاف المجاهد "عبد العزيز إدريس" وساهم فيه المجاهد "السعيد عبادو" صدر منه ثلاث أجزاء ووزع على المجاهدين لقراءته وحفظه وكان محل امتحان يجازي فيه الناجحين. وقد صدر أيضا واجبات وحقوق المجاهد وجاء فيه أهم المبادئ والأسس العامة التي يجب أن يطلع عليها المجاهد ليتعرف على حقوقه وواجباته، وكذا المعلومات الأولية عن تاريخه الوطني، فالمناضل بأنواعه الثلاث الجندي والفدائي والمسبل يحتاج إلى تعبئة عسكرية وسياسة إعلامية أكثر من غيره لمن يجاهد؟ لماذا يجاهد؟ كيف يجاهد؟. إضافة إلى كتاب الأناشيد الوطنية الذي احتوي على 19 نشيدا من الأناشيد الوطنية الشائعة في الحركة الوطنية، وما جدّ في الثورة التحريرية وهذا من خلال التدريبات الاستعراضية والاحتفالات بالأيام الوطنية خاصة أول نوفمبر.

أما كتيب جغرافيا العالم فضم الدول العربية والدول المؤيدة لكفاح الشعب الجزائري واحتوي على المعلومات التالية: اسم البلد- عاصمته- مساحته- عدد سكانه- ديانته- موقعه الجغرافي- نظامه السياسي- اسم رئيس دولته- موقفه من الثورة الجزائرية. بالإضافة إلى كتيب هيئات تنوير الرأي العام.

إصدارات التكوين الخاص

وجه هذا النوع من الإصدارات لمختلف الإطارات: سياسيين، عسكريين، ممرضين، إخباريين وغيرهم مما تحتاجه الثورة في مسيرتها ونشاطها اليومي، وتعد مكاتب القسمات والنواحي والمناطق في الولاية أهم مصادر هذا التكوين، وتضمن برنامجا للتدريب الميداني يعتني بالانضباط وفيه يتم تعلّم حرب العصابات، واستخدام الأسلحة بأنواعها، وضع الألغام ورمي القنابل، وكيفية حفر الخنادق وغيرها من التدريبات التي تعدّ أساس التجنيد في مواجهة العدو وخصت هذه الفئة باهتمام كبير وجاء هذا التكوين في شكل كتيبات لمختلف القطاعات، ومن بينها كتيب التعليمات السوداء خاص برجل الاستعلامات ترجمه المجاهد "معافي عبد الباقي" من الإنجليزية والألمانية والفرنسية إلى العربية، ويحتوي على غرض التجسس وأعمال الجوسسة، أهمية الجوسسة، صفات الجاسوس، تقسيم الجوسسة ، كما يحتوي هذا الكتيب، الذي أصدره العقيد شعباني في 15 جوان 1961 ، على كيفية التقاط الأخبار وتحليلها وكيفية الرد عليها. في حين شمل كتيب القائد وحرب العصابات أهم مميزات القائد وخصائصه واستراتيجيته، حيث اقتبس من مذكرات "ماوتسي تونغ" و"هو شي منه" والجنرال "جياب".

كتاب الدليل الصحي: حظي الجانب الصحي بعناية خاصة نظرا للخصوصية التي تميز بها بحيث يتم اختيار الأفراد المنتسبين إليه خاصة من ذوي المؤهلات الثقافية والعلمية وذوي الاستعدادات النفسية اذ يتلقى المنتسبون له تربصا بالمستشفى المركزي للولاية تحت إشراف ضابط الصحة ويوزع هذا الدليل على الوحدات والكتائب وفيه وضحت مختلف الإسعافات الأولية .

الإصدارات الخاصة بالحالة المدنية

تدعمت بها المجالس البلدية وهي عبارة عن بطاقات نموذجية عن الحالة المدنية وضبطها في سجلات ثابتة مثل: الزواج، الازدياد، الطلاق، الخلع، الوفاة، البيع، الشراء، الرهن ... يتولاها عضو مكلف بمكتب الإصلاح للفصل في القضايا الشرعية والمنازعات والسهر للحفاظ على عائلات الشهداء والمجاهدين والأسرى والمساجين، كما يتولى تنظيم التعليم ومحو الأمية، وبطاقات التموينات التي كلف بها عضو بالمكتب المالي وفيها جميع الاشتراكات الشهرية والتبرعات والزكاة الذي يقدم بدوره حساباته في ذلك شهريا إلى العريف الأول السياسي للقسمة وبحضور رئيس المجلس الشعبي وبطاقات لتدوين مشتريات حاجيات الثورة من المؤونة ليبلغ بها العريف الأول الإخباري للقسمة لأجل المراقبة والمحاسبة الدقيقة في قضية المدخلات والمخرجات.

صدى الجبال أول نشرية تصدرها الولاية السادسة التاريخية

مجلة ثقافية إعلامية خاصة بالولاية السادسة طبعت في جبل بوكحيل عام 1961م في الوقت الذي كانت تصدر فيه " نشرة الجبل" في الولاية الثانية، و" النهضة" في الولاية الثالثة، و" صدى التيطري" في الولاية الخامسة.

كانت تصدر باللغة العربية في حجم الكراسة وتتراوح بين 21- 27 صفحة، وتوقيت صدورها الزمني كان كل 15 يوما (نصف شهرية) وصل توزيعها للمدن الجزائرية المجاورة عن طريق المناضلين وقوافل السلاح.. صدر منها عددين فقط، رسم غلافها وأخرجها المجاهد "عبد العزيز ادريس" عضو مكتب المنطقة.

كانت "صدى الجبال" منبرا لاكتشاف المهارات والقدرات للرد على المناورات السياسية التي كانت تحيكها السلطات الفرنسية اتجاه الثورة وموقف الثوار من السياسة " الديغولية" في الجزائر، و قد شملت مجموعة من المقالات لكل من المجاهدين محمد شعباني، الطاهر لعجال، محمد شنوفي، الحسين ساسي، السعيد عبادو، رشيد صايم وغيرهم ... أما أبرز المقالات فكانت "صحراؤنا والتناور الإستعماري" ، "لن نلبي ما تمادى الدهر فيها"، "مهزلة المهازل"، "الثورة الجزائرية ومغزى اندلاعها"... زيادة على أخبار المعارك والعمليات العسكرية التي تقوم بها الولاية السادسة. وقد كانت "صدى الجبال" فضاء للقادرين على الكتابة لإبداعهم الفكري والتعبير عن آرائهم، في مختلف المواضيع.

وكتعريف بالمجلة وبأهدافها وما دعت إليه كتب المجاهد "الطاهر لعجال" في إفتتاحية العدد الأول مايلي:

" ليس هناك من يفهم معنى الثورة كالثائر ولا ثمة من يدرك ما هو الكفاح والنضال كالمكافح، وبالتالي فليس يوجد من هو أقدر على تقديم التوجيه وتلقين الخير والفائدة، وتنوير العقل، وتوسيع أفاق الفكر لدى المجاهد أكثر أو أرقى من المجاهد.."

"..هذا ما دعت مجلة صدى الجبال إلى الصدور معتمدة على ما يرد إليها من أبناء جيش التحرير الوطني بدون استثناء من مواضيع ومقالات عسكرية وسياسية واقتصادية ووطنية ودينية وتاريخية وأخلاقية.."

" ..إن هدف صدى الجبال هو محاربة الجهل والتأخر الموروثين من العهد الاستعماري البغيض ونشر المعرفة والنور والتعريف بكل ما يريد المجاهد اطلاعه على تاريخ وطنه ومفاخر أبائه وأجداده وجهود وتضحيات إخوانه.."

كوّن نفسك يا مجاهد