الشيخ محمد صديق المنشاوي
أمير القراء ...
الصوت الخاشع ...
هو ريحانـة القـراء ...
صاحب الصوت الباكي …
الشيخ محمد صديق المنشاوي
ولد الشيخ محمد عام 1920 بمحافظة سوهاج و كانت عائلته تهتم بالقرآن و كان أبوه قارئا للقرآن و كذلك عمه وقد حرص على تعليم أولاده القرآن فاشتهر اثنان من أولاده محمود و محمد لكن محمد هو الذي اشتهر أكثر و ذاع صيته في أنحاء المعمورة و سجل لإذاعات مصر وسورية و لندن
التحق بكتاب القرية وعمره أربع سنوات ورأى شيخه أبو مسلم فيه خيراً كثيراً لسرعة حفظه وحلاوة صوته فكان يشجعه ويهتم به فأتم حفظه قبل أن يتم الثامنة من عمره فأصطحبه عمه الشيخ أحمد السيد معه إلى القاهرة ليتعلم القراءات وعلوم القرآن ونزل في ضيافة عمه وعند بلوغه الثانية عشرة درس علم القراءات على يد شيخ محمد مسعود الذي انبهر به وبنبوغه
للشيخ مواقف عظيمة منها أن جمال عبد الناصر أرسل رجلا من رجاله ليدعو الشيخ المنشاوي في حفل يقيمه و قال له أن الرئيس جمال يدعوك لتقرأ في حفل يحضره ولك الشرف في ذلك فقال الشيخ لماذا لا يكون الشرف لعبد الناصر أن يستمع القرآن بصوت محمد صديق المنشاوي، ورفض أن يلبي الدعوة قائلاً: لقد أخطأ عبد الناصر حين أرسل إلي أسوأ رسله
الشيخ محمد كان شديد التواضع وكان كثيراً ما يتحرر من عمامته ويرتدي جلباباً أبيض وطاقية بيضاء ويجلس أمام باب بيته فكان بعض الناس يعتقدون أنه بواب العمارة وخاصة وأن بشرته قمحية ولكن ذلك لم يكن يضايقه وذات مرة اقترب منه أحد الأخوة المسيحيين وكان جاراً للشيخ في المسكن فلما اقترب من الشيخ محمد صديق لم يعرفه وقال له: لو سمحت يا عم ما تعرفش الشيخ محمد صديق المنشاوي موجود في شقته ولا لأ فنظر إليه الشيخ محمد قائلاً له: حاضر يا بني انتظر حتى أناديه لك وبالفعل تركه الشيخ محمد صديق وصعد إلى شقته وارتدى العمة والجلباب والنظارة ثم نزل إليه وسلم عليه هذا الذي سأل عنه منذ لحظات ولم يقل له الشيخ عندما سأله أنه هو من يسأل عنه حتى لا يسبب له حرجاً لعدم معرفته به وهو صاحب الصيت والشهرة في العالم العربي وقضى لذلك الرجل مسألته
و حادثة أخرى عام 1963 و بعد الانتهاء من السهرة القرآنية دعاه صاحب السهرة لتناول طعام العشاء و بعد إلحاح وافق و قبل أن يبدأ بتناول الطعام جاء إليه الطباخ و هو يرتجف و همس في أذن الشيخ و قال له إن طعامك مسموم و لا تفضحني فينقطع رزقي و وصف له الطبق الذي سيقدم له و قال أن أحد الأشخاص دفع لي كي أضع السم في صحنك فلم يأكل الشيخ منه و أكل خبزا كي يبر قسم صاحب المائدة الذي لا يعلم بوجود السم في طبق الشيخ و قد علم الشيخ محمد صديق أن أحد المقرئين هو الذي دفع للطباخ ليسممه
أصيب الشيخ بمرض دوالي المريء في حلقه و هو في سن مبكرة عام 1966 و كان في أيامه الأخيرة يقرأ القرآن بصوت جهوري شجي أكثر من أيام صحته و كان الناس يجلسون خارج بيته ليستمعوا إليه دون علمه و هم متأثرين و كأنهم أحسوا بدنو أجل الشيخ.
لكنه أبى إلا أن يموت و هو يقرأ القرآن و ظل يقرأ سورة الكهف بمسجد الزمالك حتى تدهورت حالته الصحية فنُقِل إلى مستشفى المعادي، ولمَّا علمت الدَّولة بشدَّة مرضه، أَمَرت بسفرِه إلى لندن للعلاج على نفقتِها إلاَّ أنَّ المنيَّة وافتْه قبل السفر، وكان ذلك سنة (1388هـ - 1969م)، ولم يتمَّ الشَّيخ الخمسين سنة، وكان آخِر تلاوة للشَّيخ - رحمه الله - هي تلاوته لسورة لقمان .