حصائد اللسان
حصائدُ اللسان
سألَ مُعاذُ بنُ جبل رسولَ اللهِ صلَّي اللهُُ عليه وسلَّم عن عملٍ يُقرِّبُه مِن الجنة ويُبْعِدُه عن النار .. فقالَ
له رسولُ اللهِ صلّي الله عليه وسلّم :
" ألا أدُلُّكَ علي رأسِ الأمرِ وعمودِه وذُروةِ سنامِه " ، ثم قال :
" هل أدُلُّكَ علي مِلاكِ ذلك كلِّه"
قال : نَعَم .
قال : " أمْسِكْ عليكَ هذا " ، و أمْسَكَ بلسانِ نفْسِه .
فقال مُعاذُ :
أو َمُؤاخذون نحنُ بما نتكلَّمُ فيه ؟!
فقال رسولُ اللهِ صلَّي اللهُ عليه وسلَّم :
" وهل يَكُبُّ الناسَ علي وجوهِهم في النَّارِ إلا حصادُ ألسنَتِهم " أخرجه الإمام أحمد في مُسْنَدِه .
* وردت لفظة " اللسان " في القرآن الكريم (25) مرة بصيغ مختلفة ، منها قوله تعالى :
( فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً ) سورة مريم .
* يقول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه :
الألْسُن ثلاثة : لسانُ العِلْمِ ، ولسانُ العطاءِ ، ولسانُ الوحدانية ...
فأما لسانُ العلم :
فإنَّه يُعبِّرُ عن الحلال والحرام والحدود والأحكام ، وهو زيْنُ المؤمن وفضيلتُه .
وأما لسانُ العطايا :
فإنَّه يعبِّرُ عن الأخطار والإلهام والفَهْم والفِطنِة وعلو المَراتب والدرجات ، وهو شَرَفُ المؤمنِ
وفائدتُه .
وأما لسانُ الوحدانية :
فإنَّه يعبِّرُ عن اللهِ باللهِ للهِ .
* ويقول أيضاً :
لسانُ العاقلِ وراءَ قلبه ، وقلبُ الأحمقِ وراءَ لسانِه .
* ويقول الشيخ كمال الدين القاشاني في كتابه ( لطائف الإعلام في إشارات أهل الإفهام ) :
غايةُ اللسانِ أنْ يكونَ مواظباًَ على الذِكْرِ الدائمِ ، والشّكْر اللازمِ ، والتلاوةِ ليلاً ونهاراً وسِراً وجَهاراً ، وأنْ يكونَ موصوفاً بالإفصاحِ لبيانِ ما ينطوي عليه الكتابُ والسُنّةُ ، ومن علومِ الشريعة والطريقةِ والحقيقةِ بما ينطوي عليه من الحِكَمِ والأسرارِ ، وأنْ يكونَ جميعُ ما يتّكِلُ به حقاَ صادقاً وخيراً نافعاً مُشتمِلاً على جملةٍ مِنَ الحِكَمِ والمواعِظِ على ما يذكِّرُ سامعَه بالله تعالى شأنُه ويقرِّبه إليه
* ويقول الإمام الشافعي رحمه الله :
إذا رُمْتَ أنْ تحْيا سليماً مِنَ الرَّدَى **** ودينكَ موفورٌ وعِرْضُكَ صَيِنُ
لٍسانُكَ لا تذكُرْ به عَــــــوْرَةَ امْرِئٍ **** فكُــلُُّكَ عـَوراتٌ وللنَّـاسِ ألسُنُ
* ومما ورد عنه أيضاً - رحمه الله تعالى - في بيان خطورة اللسان قوله :
احْفَـــظْ لسانَكَ أيُّـــها الإنسـانُ **** لا يَلْدَغَنَّــكَ إنـَّــه ثعْبـَــــانُ
كم في المقابرِ مِن قتيـلِ لسانه**** كانتْ تهــابُ لقـاءَه الأقرانُ
* وأبلغ من ذلك كلِّه قول الله تعالى :
( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
وقوله تعالى :
( ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلا لَدَيْه رَقِيْبٌ عَتِيْدٌ ).