محمود مغربي عاشق الجمال .. ملف حول الشاعر محمود مغربي
كتب فتحي حمدالله
فقدت مصر شاعراً محبوباً في الأوساط الأدبية ، يحب الحياة والسفر والجمال ن ويناضل ضد القبح والكراهية ، سقط الشاعر محمود مغربي وهو يؤدي عمله في هيئة الطرق والكباري بقنا ، وعجزت الجهود الصحية بقنا عن إنقاذه ، مما يضع المسئولية على مسئولي الصحة ، ومحافظة قنا ، لعجزهم عن علاج الشاعر محمود مغربي لمدة نصف يوم .
زملاء الشاعر من الأدباء والمهتمين بالأدب والفكر وشتى مناحي الثقافة ، صدموا بفقدان الشاعر محمود مغربي وفي السطور التالية نستعرض ما جاء على صفحاتهم على الفيسبوك ..
كتب الطيب أديب الروائي على صفحته :
سماسرة الصحة يتاجرون بأجساد المرضى في قنا..!
قبل ظهر الخميس الماضي اتصل بي الصحفي الصديق يوسف رجب يخبرني بتعرض الصديق الشاعر محمود مغربي لأزمة مفاجئة في عمله ونقله لمستشفى قنا العام،ويطلب مني رقم هاتف إسلام محمود مغربي أو رقم محمد شقيق محمود حيث يرقد محمود..ولأن تليفونهما ليس معي ولأن المسافة بن نقادة وقنا تزيد عن الثلاثين كيلومترا أسرعت بالاتصال بالصديقين الشاعرين فتحي عبد السميع وامبارك إبراهيم اللذين أسرعا بالذهاب للمستشفى ومعهم أقارب محمود..اتصلت بفتحي فأخبرني باكيا بتعرض محمود لنزيف في المخ..محمود يافتحي أصيب بنزيف في المخ.. ! بالله عليكم ياصديقي انقلوه بسرعة من هذا المستشفى لأسيوط.. للأقصر ..لأي مكان بسرعة..اتصلت بامبارك : ماذا تم؟ أخبرني بأن إدارة المستشفى ستنقله لمستشفى قنا الجامعي ..!الحمد لله الجامعي ..بالتأكيد سيكون مجهزا بالإسعافات السريعة في حجرات العناية المركزة وأجهزة التنفس الصناعي..!
وصلت للمستشفى الجامعي ،كان الأصدقاء الأدباء والصحفيين وأقارب محمود في حالة ذهول وغليان ..فمحمود مازال راقدا على سرير في حجرة عادية ولاتوجد عناية مركزة ولاتنفس صناعي لإسعافه..لماذا جئتم به إلى هنا؟ قالت الطبيبة بعد أن وقعت الكشف الطبي على الجسد الراقد في الحجرة بلاحراك..!
المستشفى الجامعي بلا عناية مركزة ولا تنفس صناعي ولا أجهزة أشعة مقطعية وغيرها..الأصدقاء يتصلون بأدباء الأقصر الذين أسرعوا فجهزوا له مكانا في العناية المركزة والأطباء في انتظار وصول محمود.
المستشفى الجامعي لن يخرج محمود إلا بعد وجود سيارة إسعاف..يتصل الأصدقاء يبلغون الإسعاف فتاتي السيارة تقل محمود للأقصر..وينتقل الجميع قبله ومعه..وصلنا للأقصر كان أدباء الأقصر في انتظارنا ..دخل محمود..وبعد دقائق صعدت روح محمود محلقة عند بارئها...محمود مات ...حالة ذهول وصدمة ..الجميع يبكي بحالة هستيرية..!
كل هذا يحدث لمحمود الذي قضى أكثر من نصف عمره يخدم الثقافة في قنا والجنوب متطوعا وتاركا بيته وجل وقته يجوب المراكز والقرى وينظم المؤتمرات والمسابقات، ويكتشف المواهب ويحتفي بها، ويجمع الأحبة في قنا وغيرها يرحل هكذا بلا أدنى اهتمام ؟
وكيف أخرجه المستشفى العام للجامعي بلا تأكد من وجود استعدادات لإسعافه ؟
في المستشفى الجامعي رحنا نستفسر من بعض العاملين من الإداريين والممرضين من أصحاب الضمائر الحية عن سر هذا الإهمال الشديد فعلمنا منهم بأن قدرة المستشفى هائلة ،وتكفي لاستقبال حالات عديدة، وأجهزة التنفس الصناعي والمقطعية وغيرها موجودة ولكنها لاتعمل ،وطالبوا بتشغيلها بطاقتها لاستيعاب الأعداد المتدفقة على المستشفى وأغلبها عمليات جراحية حرجة تحتاج لعناية فائقة ولكن بلاجدوى، فهناك سماسرة تنهش أجساد المرضى تنتظر خارج المستشفى في العيادات الخاصة ومراكز الأشعة التي تتفق مع كبار المسئولين عن صحة المواطنين قنا خلف الكواليس يتاجرون بأجساد المرضى المساكين الذين يخرج أغلبهم محمولا على أسرة متحركة لمثواه الأخير..!
هل تنهض محافظة محافظها غير قادر على متابعة مديرياته المختلفة، خاصة الصحة التي تنهش أجساد المرضى..وهل ينجح محافظ لايدري مايدور في محافظته وهو الذي أخرج السمك مهللا من نيل قنا فرحا بصخور الفوسفات الغارقة؟!
لله الأمر من قبل ومن بعد..وحسبنا الله ونعم الوكيل..!
وكتب الشاعر / حمدي عمارة ..... على صفحته على الفيسبوك ....
إلى الغائب الحاضر”محمود مغربى”.. آن للولد أن يخلع ثوب فوضاه
ويكأنه انتبه ، فى سنواته المتأخرة ، إلى النداء الأخير ، فحزم إزاره وحقب أمتعته وأغراضه وانتعل حذاء أسفاره ، قاصدا المغرب مرة ومرة ، والمشرق مرة ومرة ، وما بين قنا وشمال الوادى مئات المرات ، لاتمنعه عن المحافل نوعية احتفال ، ولا تصدنه عن ندوة جفوة أنداد ، ولا تقف عظائم الحادثات حجر عثرة أمام مشاركته أمسية من الأمسيات ، فقط يقصد ودَّ الجميع باندفاعة الفارس المغوار النبيل ، وربما قد فعل ذلك وأكثر من أجل الحفاظ على مكتسبات متع ذاتية ،ولم يرد أن بلتفت أو حتى يلقى للمنغصات أو المحبطات قدرا من اهتمامه ذا بال ، قد يرجعه لمربع الفوت الأول ، وهو ما أدركه ربما فى مرحلة باكرة من مراحل سنى عمره الأدبى ، لذا عكف على مشروعه ، يقبل على ما يمده بكل أكاسير الحياة ، فكما عشق الحرف ، مشبِعا إياه من تفاصيل المشاهد الحياتية العظيمة منها أو متناهية الدقة ، التى يقتنصها أثناء رحلات تجواله ذات اليمين وذات الشمال ، بل لم يتوقف اقتناص اللحظة عنده على القبض على تلابيبها بوساطة أشطان الحروف ، فولعت ” عدسة كاميرته اللاقطة ” فى حبس ظلالها ، فأفلح فى صنع تاريخ فنى مواز لتاريخه الأدبى ، متمثلا فى هذا الكم من اللقطات ” الفوتوغرافية ” والتى لم يكتف بإدراجها فى ” ألبومات صوره ” ليطلع عليها أصدقاءه من زوار بيته أو مكتب عمله ، ولكن سارع إلى التعرُّف ومدّ جذور الود بينه وبين فنانى ومنظمى ومشرفى معارض الفنون التشكيلية ، ليس فقط فى مصر وحدها ، بل وخارجها أيضا ، فحصد الجوائز كفنان تشكيلى ، من محترفى ” فن التصوير الفوتوغرافى ” .
كان محمود مغربى ، عاشقا للجمال على أية حال أم على أية هيئة كان ، عشقه فى صورة المثال الإنسانى – وإن لم يكن له مضارع على ظهر الأرض – صديقا وفيا ، أم امرأة فاتنة ، أم شابا موهوبا سعى إليه طالبا النصح والمشورة ، وعشقه فى بديع صنع الله ، بيئةً طبيعيةً كان ، أم لحظة باسطة كفها بالهدوء والدعة ، قلما فارقت ابتسامته افترار ثغره ، وقلما احتدَّ إلا انتصارا لما رآه حقا صرفا أو جمالا لاتشوبه شائبة ، من زيف أم حقد .
حقا … لقد كان محمود مغربى عنوانى الممهور بمداد الود بمدينة قنا ، وكان أول من جلس إلىَّ على مقاهيها ، مستمعا ناصحا ، وناقدا موجها ، ومترفا فى البوح لا مملا ولا مغرضا بحتا ولا حانقا ، وللحق أقول : ” أفتقدك الآن فقدا عظيما يا محمود ” ، ولا أرى لك عظيم شبيه بين الأعمام أو الأخوال أو الأنداد .
وكتب الصحفي / يوسف رجب .... على صفحته على الفيسبوك ...
وفاة الشاعر الراحل والصديق العزيز محمود مغربى كشفت عورات النظام الصحى بمحافظات جنوب الصعيد، و منظومة التطوير الجديدة ، و التى طالما تباهى بها الكثير من المسئولين.
فقد عجزت محاولات كبار المسئولين، عن استقبال حالة الفقيد الراحل، بمستشفيات الأقصر وقنا وسوهاج وأسيوط، لعدم وجود إمكانيات وغرف عناية خالية.
القضية ليست فى وفاة الشاع الراحل فحسب ، فكم من حالة لفظت أنفاسها قبل أن تجد طبيباً يعالجها أو سريراً ترقد عليه ،،، لكنها فى صعيد محروم حتى من حقه فى العلاج ، حقه فى أن يجد طبيباً يشخص حالته وسريراً يعالج عليه.
وكتب القاص / بهاء الدين حسن .. على صفحته على الفيسبوك :
فى سرادق العزاء وعند إحتضان إسلام محمود مغربى وسقوط دموع القاص الطيب أديب والشاعر دسوقى الخطارى والأستاذ محمد حسن ، وتغلب الأستاذ عبدالجواد خفاجى على آلامه ومرضه وحضورة العزاء ، وصمت الأستاذ سعد فاروف غير مصدق وغيرهم وعيرهم من المعزيين ، أيقنت أن محمود مغربى ساب علامه .
وكتب الأديب / دسوقي الخطاري .. على صحته على الفيسبوك :
وداعا أيها الخلوق صديقى العزيز محمود مغربى .. سامحنى كعادتك لم أكن أفهم مضمون أصرارك على الالتقاء بى قبل أيام ، كما لم أفهم حديثك فى لهفة عن صديقينا المرحوم جمال أبو دقة والمرحوم محمد الجارد ،لم أفهم أنك فى لهفة للقائهما .. جمعك الله بهما فى جنان الخلد أيها الصديق الغالى .
وكتب الروائي / محمد صالح البحر .. على صفحته على الفيسبوك :
محمود مغربي
ــــــــــــــــــــــــــــــ
بلا جدال سيأتي الوقت
وسيكون الثقب علي ذات القدر من الضيق والعتمة
وأنا الكلمة الكبيرة التي يطالبها الناس بالعبور
*
بلا جدال سأذكرك في هذا الوقت
حيث لا سبيل للنجاة
سوي الطوق الذي يفترش شفتيك
وفي اللحظة التي تتجسد فيها برهانا لي
سأتعلم كيف ألملم حروفي
بحيث أصير صغيرا ومناسبا للظلام
وبينما الناس يرسلون دموعهم للسماء
سألتفت سريعا لأسرق تلك الأسطورة
فهكذا يتسع الثقب، وتذوب العتمة
*
بلا جدال سأمر من الثقب بيُسر
حرفا حرفا
متخفيا في ذات الرداء الأبيض، الناصع
ليس دهشة من الدموع التي تعلو
بل هروبا من عيونهم وهي تسعي من خلفي
فلا يكتشفون أنني أغلق باب الحياة في وجوههم
وسأفعل مثلما فعلت أنت تماما
أجلس علي حافة النافذة الكبيرة في الجهة المقابلة
أجمع حروفي لأصير كبيرا كما كنت
في انتظار أن يذكرني صديق آخر
فيجسدني برهانا له
حين يسرق بسمتي وأنا أودعه
*
بلا جدال
هكذا تنتصر الكلمة