من قصص الأمثال يداك أوكتا وفوك نفخ
من قصص الأمثال
(يداك أوكتا وفوك نفخ)
يُضرب هذا المثَلُ لِمَن كان سبب هلاكه مِنْه.
وأَوْكَتا: من الإِيكاء, وهو شَدُّ رأس السقاء بحبل ونحوه, ومنه حديث اللُّقَطة, وفيه: ((اعرف وِكاءَها)), وهو الخيط الذي تشدُّ به الصُّرَّة.
ونَفَخ: من النفخ, وهو إخراج الهواء من الفم.
?
القصة?
وأصل المثل - فيما يَذكرون -: أنَّ قومًا كانوا في جزيرة من جزائر البحر في الدَّهر الأول, وكان دُونَها خليجٌ من البحر، فأتى قومٌ يريدون أن يَعبروا إليهم, فلم يَجدوا معْبرًا، فجعلوا ينفخون أسقيتهم، ثم يَعْبرون عليها.
وكان معهم رجلٌ عَمدَ إلى سِقائه, فأقَلَّ النفخ فيه، وأضْعَفَ الإيكاء والربْطَ له، فلما توسَّط الماء جعلَتِ الرِّيح تخرج حتى لم يَبق في السِّقاء شيء، وأوشك على الغرق, وغَشِيه الموت.
فنادَى رجلاً مِن أصحابه: أن يا فلان، إني قد هلكت.
فقال: ما ذنبي؟ "يداك أَوْكَتا وفوك نفَخ", فذهب قولُه مثلاً.
وقيل: إن أصله أنَّ شابًّا انتهى إلى جَوارٍ يَسْتَقين بالقِرَب, فكَان يُلاطفهن ويأخذ بعض القرَب فينفخ فيه ثم يوكئه, فاطَّلع عليه أخٌ لجاريةٍ منهنَّ فقتله غَيرةً عليها.
فجاء أخو المقتول فوجده قتيلاً, فسأل: مَن قتله، فأخبر بما كان يَصنع من ملاطفة الجواري, فقال : "يَداكَ أوْكَتَا وفوكَ نَفَخ", وعزَّى نفسه, ولكن هذا الوجه - فيما يبدو - بعيد.
ولقد تمثل بهذا المثَلِ الشعراءُ في شِعرهم، ومِن ذلك قول الكُمَيت:
صَهٍ لِجَوَابِ مَا قُلْتُمْ وَأَوْكَتْ
أَكُفُّكُمُ عَلَى مَا تَنْفُخُونَا
إِذَا كَانَتْ جُلُودُكُمُ لِئَامًا
فَأَيَّ ثِيَابِ مَجْدٍ تَلْبَسُونَا
وقال آخَرُ في ذلك:
دُعَاؤُكَ حَذْرَ الْبَحْرِ أَنْتَ نَفَخْتَهُ
بِفِيكَ وَأَوْكَتْهُ يَدَاكَ لِتَسْبَحَا
أهم المراجع:
1 - الكشكول, للعاملي, ج 2 , ص 301.
2 - المستقْصَى في أمثال العرب, للزمخشري, ج2 , ص 410.
3 - فصل المقال شرح كتاب الأمثال, للبكري, ص 458.
4 - جمهرة الأمثال, للعسكري, ج 2 , ص 243.