صلة الموصول
( صلة الموصول )
يقول ابن مالك : وكلها يلزم بعده صله على ضمير لائق مشتمله
الموصولات كلها حرفية كانت أو اسمية يلزم أن يقع بعدها صلة تبين معناها، ويشترط في صلة الموصول الاسمي أن تشتمل على ضمير لائق بالموصول إن كان مفردًا فمفردٌ، وإن كان مذكرًا فمذكرٌ، وإن كان غيرهما فغيرهما؛ نحو (جاءني الذي ضربته) وكذلك المثنى والمجموع؛ نحو (جاءني اللذان ضربتهما ـ والذين ضربتهم)، وكذلك المؤنث تقول (جاءت التي ضربتها، واللتان ضربتهما ، واللاتي ضربتهن).
وقد يكون الموصول لفظه مفردًا مذكرًا ومعناه مثنى أو مجموعًا أو غيرهما ، وذلك نحو (مَنْ ـ وما) إذا قصدت بهما غير المفرد المذكر ، فيجوز حينئذ مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى ، فتقول (أعجبني من قام ـ ومن قامت ـ ومن قاما ـ ومن قامتا ـ ومن قاموا ـ ومن قمن) على حسب ما يعنى بهما.
ويقول ابن مالك :
وجملة أو شبهها الذي وصل به كمن عندي الذي ابنه كفل
صلة الموصول لا تكون إلا جملة أو شبه جملة ، ونعني بشبه الجملة الظرف والجار والمجرور، وهذا في غير صلة (الألف واللام) وسيأتي حكمها.
ـ شروط جملة الصلة: يشترط في الجملة الموصول بها ثلاثة شروط:
أحدها: أن تكون خبرية.
الثاني: كونها خالية من معنى التعجب.
الثالث: كونها غير مفتقرة إلى كلام قبلها.
ويشترط في الظرف والجار والمجرور أن يكونا تامين والمقصود بالتام أن يكون في الوصل به فائدة نحو (جاء الذي عندك ـ والذي في الدار) والعامل فيهما فعل محذوف وجوبًا، والتقدير (جاء الذي استقر عندك أو الذي استقر في الدار) فإن لم يكونا تامين لم يجز الوصل بهما فلا تقول (جاء الذي بك ولا جاء الذي اليوم).
ويقول ابن مالك : وصفة صريحة صلة أل وكونها بمعرب الأفعال قل
الألف واللام لا توصل إلا بالصفة الصريحة قال المصنف في بعض كتبه: وأعني بالصفة الصريحة اسم الفاعل نحو (الضارب)، واسم المفعول نحو (المضروب) ، والصفة المشبهة نحو (الحسن الوجه).
وفي كون الألف واللام الداخلتين على الصفة المشبهة موصولة خلاف فمرة قيل إنها موصولة ومرة منع ذلك .
وقد شذ وصل الألف واللام بالفعل المضارع وإليه أشار بقوله (وكونها بمعرب الأفعال قل) ومنه قوله:
ما أنت بالحكم التُّرضى حكومته ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل
وهذا عند جمهور البصريين مخصوص بالشعر ، وزعم المصنف في غير هذا الكتاب أنه لا يختص به بل يجوز في الاختيار .
وقد جاء وصلها بالجملة الاسمية وبالظرف شذوذًا ، فمن الأول قوله:
من القوم الرسول الله منهم لهم دانت رقاب بني معد
ومن الثاني قوله: من لا يزال شاكرًا على المعه فهو حَرٍ بعيشة ذات سعه
يقول ابن مالك:
(أي) كـ(ما) وأعربت ما لم تضف وصدر وصلها ضمير انحذف
يعني أن (أيا) مثل (ما) في أنها تكون بلفظ واحد للمذكر والمؤنث مفردًا كان أو مثنى أو مجموعًا ؛ نحو (يعجبني أيُّهم هو قائم).
ـ أحوال (أي) : إن (أيًّا) لها أربعة أحوال:
ـ أحدها : أن تضاف ويذكر صدر صلتها ؛ نحو (يعجبني أيُّهم هو قائم) .
ـ الثاني: أن لا تضاف ولا يذكر صدر صلتها ؛ نحو (يعجبني أيُّ قائم) .
ـ الثالث: أن لا تضاف ويذكر صدر صلتها ؛ نحو (يعجبني أيُّ هو قائم).
وفي هذه الأحوال الثلاثة تكون معربة بالحركات الثلاث ؛ نحو (يعجبني أيُّهم هو قائم ـ ورأيت أيَّهم هو قائم ـ ومررت بأيِّهم هو قائم)، وكذلك (أيُّ قائم ـ وأيًّا قائم ـ وأيِّ قائم ) وكذا (أيُّ هو قائم ـ وأيًّا هو قائم ـ وأيِّ هو قائم).
ـ الرابع: أن تضاف ويحذف صدر الصلة ؛ نحو (يعجبني أيُّهم قائم) ففي هذه الحالة تبنى على الضم فتقول (يعجبني أيُّهم قائم ـ ورأيت أيُّهم قائم ـ ومررت بأيُّهم قائم) ، وعليه قوله تعالى (ثم لننزعنَّ من كل شيعة أيُّهم أشد على الرحمن عتيا) ، وقول الشاعر: إذا ما لقيت بني مالك فسلم على أيُّهم أفضل ـ حذف عائد الصلة (الضمير):
1ـ حذف العائد المرفوع : إن كان مرفوعا لم يحذف إلا إذا:
أـ كان مبتدأ وخبره مفرد ؛ نحو (وهو الذي في السماء إله) و(أيُّهم أشد).
وأما المبتدأ فيحذف مع (أى) وإن لم تطل الصلة كما تقدم من قولك (يعجبني أيهم قائم) ونحوه .
ب ـ إذا طالت الصلة ؛ نحو (جاء الذي هو ضارب زيدًا) ، فيجوز حذف (هو) فتقول (جاء الذي ضارب زيدًا) ، ومنه قولهم : (ما أنا بالذي قائل لك سوءًا) ، التقدير: (بالذي هو قائل لك سوءًا) ، فإن لم تطل الصلة فالحذف قليل ، وأجازه الكوفيون قياسًا نحو (جاء الذى قائم) التقدير (جاء الذي هو قائم) ، ومنه قوله تعالى (تمامًا على الذي أحسنُ) في قراءة الرفع ، والتقدير (هو أحسن).
ج ـ في لاسيما : نحو قولهم (لاسيما زيدٌ) إذا رفع زيد أن تكون (ما) موصولة و(زيد) خبرًا لمبتدأ محذوف ، والتقدير (لا سي الذي هو زيد) فحذف العائد الذي هو المبتدأ وهو قولك (هو) وجوبًا .
2ـ حذف العائد المنصوب : وشرط جواز حذفه أن يكون متصلاً منصوبًا بفعل تام أو بوصف نحو (جاء الذي ضربته ـ والذي أنا معطيكه درهم) ، فيجوز حذف الهاء من (ضربته) ، فتقول (جاء الذي ضربت) ، ومنه قوله تعالى( ذرني ومن خلقت وحيدًا) ، وقوله تعالى (أهذا الذي بعث الله رسولاً) ، التقدير( خلقته ـ وبعثه) ، وكذلك يجوز حذف الهاء من (معطيكه) فتقول (الذي أنا معطيك درهم) ، ومنه قوله:
ما الله موليك فضل فاحمدنه به فما لدى غيره نفع ولا ضرر
تقديره (الذي الله موليكه فضل) فحذفت الهاء.
3ـ حذف العائد المجرور : وهو إما أن يكون مجرورا بالإضافة أو بالحرف:
ـ فإن كان مجرورا بالإضافة لم يحذف إلا إذا كان مجرورا بإضافة اسم فاعل بمعنى الحال أو الاستقبال نحو (جاء الذي أنا ضاربه الآن أو غدًا) فتقول (جاء الذي أنا ضارب) بحذف الهاء . ومنه قوله تعالى( فاقض ما أنت قاض) التقدير ما أنت قاضيه فحذفت الهاء.
ـ وإن كان مجرورا بحرف فلا يحذف إلا إن دخل على الموصول حرف مثله لفظا ومعنى واتفق العامل فيهما مادة نحو (مررت بالذي مررت به أو أنت مار به) ، فيجوز حذف الهاء فتقول (مررت بالذي مررت) قال الله تعالى (ويشرب مما تشربون) ؛أي: منه. وتقول (مررت بالذي أنت مار) ؛ أي : به ، ومنه قوله:
وقد كنت تخفي حب سمراء حقبة فبح الآن منها بالذي أنت بائح
أي : أنت بائح به .
فإن اختلف الحرفان لم يجز الحذف نحو (مررت بالذي غضبت عليه) فلا يجوز حذف عليه وكذلك مررت بالذي مررت به على زيد فلا يجوز حذف به منه لاختلاف معنى الحرفين.