شنهور

قصة روح بن زمباع مع الخليفة عبد الملك بن مروان:
قال المدائني في كتابه: إن روح بن زمباع كان جليس الخليفة عبد الملك بن مروان، دائما ما يُسَلّيه بأحاديث متعددة.. وظل على ذلك فترة إلى أن جاء يوم فرأى من عبد الملك جَفْوة ، كأنه لا يريد أن يراه أو يستمع إليه.. فذهب روح بن زمباع المذكور إلى ابن الخليفة الوليد بن عبد الملك الذي سأله: ماذا بك يا روح؟ فقال له: أما ترى ما أنا فيه من أمير المؤمنين بإعراضه عني بوجهه حتى لقد فَغُرَت السباع بأفواهها نحوي، وأَهْوَت بمخالبها إلى وجهي ، وأحسست بأنني مشرف على الهلاك، وقد أتيتك لترشدني.. فقال له الوليد: احتل له في حديث تضحكه به كما احتال مرزبان نديم الملك سابور بن سابور.. فسأله روح: وما كان من خبر مرزبان ذلك مع الملك؟ قال له الوليد: كان مرزبان هذا من سُمّار سابور، فظهرت له من الملك سابور جفوة كأنه لا يريده مسامرا ، ولا يريد أن يراه على أي وجه من الوجوه.. فلما تأكد مرزبان من ذلك، وأنه غير مرغوب فيه ، ذهب إلى منزله وتعلم أشياء كثيرة.. قال: وما الذي تعلمه؟ قال: تعلم نباح الكلاب، وعواء الذئاب، وزقاء الديوك، وشحيج البغال، وصهيل الخيل، ومثل هذا.. فسأله روح: وماذا فعل بعد ذلك؟ قال له الوليد: ظل يحتال حتى توصل إلى موضع مهم، ذلك الموضع كان بالقرب من مجلس خلوة الملك وفراشه.. وأخفى أثره. فلما خلا الملك ، نبح نباح الكلاب. فلم يشك الملك أنه كلب فقال لحرسه: انظروا ما هذا؟ فعوى عواء الذئاب. فنزل الملك عن سريره. فغير صوته ونهق نهيق الحمير.. فمضى الملك هاربا من مجلسه وفراشه.. ومضى الغلمان خلف الصوت ، مضوا يبحثون عن مصدر الصوت، ويتتبعون أثره. فكلما دنوا منه، ترك ذلك الصوت، وأحدث صوتا آخر من أصوات البهائم. فأحجموا عنه، ثم بعد ذلك اجتمعوا واقتحموا عليه المكان حتى أمسكوا به وأخرجوه .. فلما نظروا في وجهه قالوا للملك: هذا مرزبان المضحك.. فضحك الملك ضحكا شديدا وقال له: ويلك، ما حملك على هذا؟ قال: مُسِخْتُ عندما غضبت عَلَيّ.. فرده الملك إليه مرة أخرى ووصله بمال جزيل..
من هذه القصة إخواننا نتعلم أن ننمي مهاراتنا ونكون متعددي المواهب وأن نصبح عندنا القدرة على التغيير بكل مرونة .. لأن النفس البشرية قد تصاب بالملل..