هَل أَنا أَهْجو أُمَّــةً في الغَباءِ
الشاعر والكاتب المغربي: مصطفى بلقائد
"هَل أَنا أَهْجو أُمَّــةً في الغَباءِ"
........
هَلْ أَنا أَهْجو أُمَّةً في الْغَباءِ
أَمْ قَطيعاً مُكَوَّناً مِنْ ظِباءِ
ما دَهاني لا يُطْرِبُ الْقَلْبَ هَجْوٌ
ضاقَ ذِرْعاً بِالسُّفْلِ وَالْغَوْغاءِ
أَيْنَ أَنا في أُمَّةٍ قَدْ تَداعَتْ
مِثْلَ جِسْمٍ يَشْكو بِأَضْرارِ داءِ
وَقُلوبٌ بِالْحِقْدِ شَبَّتْ كَفُرْنٍ
وَلَها طَبْعٌ ساقِطٌ كَالْجِراءِ
يا حَفِياًّ بِالْعِلْمِ مِنْ أَيْنَ جاؤوا
رُبَّما نَسْلٌ جالِبُ الْأَوْباءِ
يُضْحِكُني بَعْضٌ يُعانونَ وَهْماً
أَنَّهُمْ خَلْقٌ أَفْضَلُ الْإِنْشاءِ
قيلَ كانوا أَصْحابَ عِلْمٍ وَفِكْرٍ
وَيْلَتاهُ هَلْ ثَمَّ مِنْ أَنْباءِ
قِصَصٌ قَصَّتْها عُقولٌ عِجافٌ
أَصْبَحَتْ عِلْماً في نُهى الْأَبْناءِ
فَلِماذا قَدْ أَدْبَروا في رُقادٍ
وَالْيَهودُ وَالْعُجْمُ في الْعَلْياءِ
لا تُهِنّي يا صاحِبي عَنْ هِجائي
ما وَجَدْتُ إِلاَّ قَذىً مِنْ عَماءِ
يَخْبِطونَ في ظُلْمَةٍ وانْحِطاطٍ
مِثْلَما يَهْذى لاحِمٌ بَيْنَ شاءِ
دونَ دينِهِمْ قَدْ يَكونوا رُعاةً
أَوْ لُصوصاً لِقافِلاتِ النِّساءِ
أَبْغَضُ خَلْقِ اللهِ في كُلِّ أَرْضٍ
مِنْ قُلوبٍ سَوْداءَ بِالْبَغْضاءِ
مُحْتَقَرٌ لَدَيَّ أَوْباشُ عُرْبٍ
إِذْ تَواصَوْا بِالشَّرِّ كَالْعَنْقاءِ
صارَ إِبْليسُ بَيْنَهُمْ ذو جُنودٍ
وَغَواهُمْ مِنْ مَسِّهِ بِالشَّقاءِ
هَذِهِ أَلْحانٌ بشِعْرٍ مُبينٍ
مَنْ لَهُ مِثْلَ ذا بِنَسْلِ الرِّعاءِ
لا وَلا تُبْدي لي بَياناً مُعاقاً
كُلُّنا يَدْري صِحَّةَ الْأَشْياءِ
هَؤُلاءِ لَنْ يُبْدِعوا الْيَوْمَ شَيْئاً
غَيْرَ تَرْديدِ لَكْنَةِ الْبَبَّغاءِ
وَصَلَ الْعُجْمُ مُنْتَهى كُلِّ عِلْمٍ
وَخَلَدوا هُمْ في ضُروبِ الثُّغاءِ
لا تَكُنْ غَبِياًّ فَتَبْقى مُهاناً
إِنَّما دُرٌّ راسِخٌ تَحْتَ ماءِ
فَلِذا غُصْ في لُجَّةِ الْعِلْمِ
تَحْيى مُحْتَرَماً بِأَنْبَلِ الْأَسْماءِ
وَلا تُقَلِّدْ غَرْباً بِغَيْرِ احْتِياطٍ
فالنَّصارى في فِتْنَةٍ وَافْتِراءِ
وَأَدَبُ الْإِنْسانِ صِدْقُ النَّوايا
وابْتِعادٌ عَنْ زُخْرُفٍ أَوْ رِئاءِ
ما أَنا إِلاَّ شاعِرٌ ذو بَيانٍ
أَطْمَعُ أَنْ أَراكُمو في السَّماءِ
كُلُّ شَيْءٍ مِنْ دونِ عِلْمٍ
عَديمٌ أَيَكونُ الْإِنْسانُ شِبْهَ الْوِعاءِ
ضاحِكٌ مُرْتاحٌ أَنا في عُلومي
وَغَبِيٌّ مُسْتَبْشِرٌ بِالثَّراءِ
مِثْلُهُ مِثْلَ سِدْرَةٍ في خَلاءٍ
وَشَبيهي كَواحَةٍ غَنّاءِِ