*ما الفرق بين كلمة (المصّدّقين) و(المتصدقين) ؟
*ما الفرق بين كلمة (المصّدّقين) و(المتصدقين) ؟
(د.فاضل السامرائي )
قال تعالى في سورة الحديد :
(إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ {18) ، وقال في سورة الأحزاب :
(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً {35}) ، وفي سورة يوسف :
(فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ
مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ {88}).
الأصل في كلمة المصّدقين هي المتصدقين وأُبدلت التاء إلى صاد مثل تزمّل ومزّمل وتدثّر ومدّثّر يجوز إبدال التاء مع الدال والصاد. لكن لماذا أبدل في آية سورة الحديد (الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ) ؟ كلمة المصّدّقين فيها تضعيفان تضعيف في الصاد وتضعيف في الدال أما المتصدقين ففيها تضعيف واحد في الدال والتضعيف يفيد المبالغة والتكثير مثل كسر وكسّر. إذن المصّدّقين فيها للصدقة والتكثير فيه من حيث المعنى العام. ونأتي للسؤال لماذا ذكر (المصّدّقين) في آية سورة الحديد بينما استخدم المتصدقين في سورتي الأحزاب ويوسف؟ في سورة يوسف جاء في الآية (فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) فناسب ذكر المتصدقين لأن إخوة يوسف طلبوا التصدق فقط لم يطلبوا المبالغة في الصدقة وهذا من كريم خلقهم فطلبوا الشيء القليل اليسير هذا أمر والآمر الآخر أنه قال تعالى (والله يجزي المتصدقين) فلو قال (يجزي المصّدّقين) لكان الجزاء للمبالغ في الصدقة دون غير المبالغ وهذا غير مقصود في الآية أما عندما يقول (يجزي المتصدقين) فيدخل فيها المصّدّقين وهذا ينطبق أيضاً على آية سورة الأحزاب. نأتي لماذا قال تعالى (المصّدّقين) في آية سورة الحديد؟ لو لاحظنا سياق الآيات في سورة الحديد نجد أن الآيات فيها اشتملت على المضاعفة والأجر الكريم وهذا يتناسب مع المبالغة في التصدق ويتناسب مع الذي يبالغ في الصدقة. ثم إن سورة الحديد فيها خط تعبيري واضح في دفع الصدقة والحث على دفع الأموال في السورة كلها (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ {7}) (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {10}) (مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ {11}) (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ {18}) (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ {24}) فجو السورة إذن هو جو الإيمان وجو الإنفاق فناسب أن يستعمل معها كلمة (المصّدّقين) لا المتصدقين .