أدب الحديث
أدب الحديث
إن من أكثر ما يقطع صلتنا بالناس ويسد الطريق إلى قلوبهم سوء الحديث وفقدان مهارات الحوار .
ولقد وضع القرآن للمتحدث الذي يتحدث بطريقة بعيدة عن أدب الحديث تصويرا عجيبا حيث قال سبحانه على لسان لقمان وهو يعظ ابنه : ( واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) .... والغض من الصوت فيه أدب وثقه بالنفس واطمئنان إلى صدق الحديث وقوته ومن يزعق أو يغلظ في الخطاب ما هو إلا سئ الأدب أو شاك في قيمة قوله أو قيمة شخصه يحاول إخفاء هذا الشك بالحده والغلظة !
ويمكن تلخيص آداب الحديث في نقاط ثلاث هي :
1- خفض الصوت
2- الاهتمام بحديث المتحدث وعدم تسفيهه
3- عدم مقاطعة المتحدث
المظهر الأول : خفض الصوت ...
وأكثر ما يكون هذا الأدب من الأهمية مع العلماء وأصحاب الفضل فإن رفع الصوت في حضورهم يدل على سوء أدب شديد .
ولقد احتاج المسلمون من حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى توجيه رباني للانضباط مع هذا الخلق فكانت سورة الأدب النبوي ميثاقا للتعامل حيث يقول تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ) .
يقول الشهيد سيد قطب رحمه الله في الظلال :
ويصيغه الإمام البنا قانونا أخلاقيا في وصاياه ، يقول رحمه الله : ( لا ترفع صوتك أكثر مما يحتاج إليه السامع فإنه رعونه وإيذاء )
وعلو صوت المرأه يدل على تربية غير مكتملة تحتاج إلى مراجعة طويلة مع النفس .
المظهر الثاني : الاهتمام بحديث المتحدث وعدم تسفيهه ...
يقول تعالى : ( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا )
ومع هذا الخلق الطيب عدم التسفيه يأتي الاهتمام بالمتحدث ، يعرض ( ديل كارينجي ) مجموعة من النصائح في كتابه القيم ( كيف تكسب الأصدقاء ) تيسر الظهور بمظهر المهتم بمحدثك ومن هذة النصائح :
1- تبسم ... عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تبسمك في وجه أخيك لك صدقة )
2- تحدث عن الأشياء التي يهتم بها محدثك واهتم بمعاناته
3- حتى تكون متحدث لبق كون مستمع جيد
كيف تنهي حديثا بلباقة ؟
قد يكون الطرف الذي يحدثك ثرثارا أو يكون لديك موعد مهم وتريد أن تنهي الحديث ولكي تنهي حديثك بلباقة وفي الوقت المناسب نقدم لك الحل في خمس خطوات :
1- انهي حديثك مع الطرف الآخر بشكل يجعله يأخذ عنك انطباعا إيجابيا كأن يكون آخر كلامك اقتراح بالحل
2- اهتم بذكر اسم الطرف الآخر عند تحية الوداع مع مصافحته باليد بحراره
3- عبر له عن رغبتك في الالتقاء به ثانية بشكل محدد حيث أنك تريد ذلك فعلا كأن تدعوه للقاء في يوم آخر
4- تؤكد للطرف الآخر عند انتهاء الحديث استمتاعك بلقائه
5- تجعل تحية الوداع مختصرة ولكن دافئة تنم عن احساس بالمودة والصداقة
المظهر الثالث : عدم مقاطعة المتحدث ...
وأظن أن هذا الموقف من السيرة يعطيك تصورا جيدا عن هذا الأدب من آداب الحديث .
أورد ابن اسحاق في السيرة أن عتبة بن ربيعة وكان سيدا في قومه قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمه وذلك لما شاع أمر الدعوة وعرض على النبي صلى الله عليه وسلم المال والشرف والملك على أن يترك الدعوة إلى الله كل ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم منصت إليه لا يقاطعه .
يقول ابن اسحاق : ( حتى اذا فرغ عتبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع إليه قال : ( أفرغت يا أبا الوليد ؟ ) قال : نعم ، قال : ( فاسمع مني ) ) ، ثم قرأ عليه صدر سورة فصلت فلما عاد عتبة إلى قومه قال لهم : يا معشر قريش : أطيعوني واجعلوها لي ، خلوا بين الرجل وبين ما هو فيه ، فاعتزلوه فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ .
هكذا الواثق مما عنده يستمع إلى الآخرين ولو كان هراء حتى يفرغوا ليلقي عليهم بعد ذلك ما عنده لأنه يعلم أثره وفعله .
كيف يكون حديثك مؤثرا وجذابا ؟
1- أفضل الوسيلة للخروج من الجدل بأفضل النتائج هي أن تتجنب الجدل
2- لا تقول أنت مخطئ لمحدثك فقد وجهت ضربة مباشرة إلى ذكائه وكبريائه وقد خلقت عدوا لك بأسهل وسيلة
3- كون أكثر حكمه من الناس ولكن دون أن تخبريهم بذلك
4- إن كنت مخطئ اعترف بخطئك
5- لا تلقي أوامر إنما اقتراحات قابله للنقاش
6- تحدث عن أخطائك قبل انتقاد الآخرين
7- استخدم الثناء الصادق على محدثك عند كل إجادة
خطوات من أجل محادثة ناجحة :
1- لا تتجاهل تعبيرات وجه محدثك فتعبيرات الوجه تقول أكثر مما تقوله الشفاه
2- لا تقاطع محدثك فقد تتشتت أفكاره
3- استعمل بعض التعليقات خفيفة الظل فالمحادثة الجادة جدا مملة جدا
4- لا تحتكر الحديث واترك للآخرين فرصة الحديث
5- وسع دائرة معلوماتك العامة لتشارك في أي محادثة بحرية وانطلاق
6- لا تناقش أحدا وأنت عصبي فقد تقول كلاما تندم عليه
7- لا تتكلم لمجرد الكلام فإما أن تقول شيئا مفيدا وإما أن تصمت
8- لا تقلل من قيمة أي رأي أو معلومة مهما كانت بسيطة
9- لا تواصل كلامك إذا شعرت أن الآخرين لا يهمهم سماع ما تقول
10- حدد الخطأ الذي وقعت فيه في كل محادثة وتجنب تكراره
والكثير الكثير من النصائح التي لا تجعلك فقط ذات حديث مؤدب ولكن بجانب ذلك حديث مؤثر جذاب تفتح به الطريق إلى القلوب .
تقييم:
0
0