الوفاء والجحود
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
من السهل أن نتهم الآخرين، وأن نلقي اللوم عليهم، وأصعب مشاعر تلك هي التي تعترينا مع لحظات النكران والتخاذل ممن قدمنا لهم كل شيء فلم يثمر معهم.
البشر بفطرتهم يتشاركون بتوقع الوفاء، وبالإحباط من الخيانة والنكران. كل ذلك طبيعياً، ويمكن تقديره، لكن كيف يستطيع من يلوم كل من حوله على أمر أن يقوم به نفسه دون أن يشعر.
وكيف يستطيع الإنسان أن يصل للجحود والنكران مع من أنعم عليه وكرمه؟
النكران ليس دوماً يكون بصورة مباشرة، بل أحد أهم أشكال النكران هو أن نستخدم النعم في غير مكانها الصحيح، وعوضاً عن أن تكون لنا عوناً تصبح عبئاً!
والجحود كذلك أحياناً كثيرة يكون بأشكال غير متوقعة، كأن نكافئ المحسن بالإساءة ونغمض أعيننا عن النعم فتزيد الشكاوى والتذمر، وللشيطان دوماً ألف سبيل وسبيل فاحذروه، يكمن الشيطان بالوسائل حينما يصعب عليه الدخول للغايات. فينحرف المسار دون أن نعي.
تخيلوا معي صورة مليئة بالجمال، في زاويتها يوجد صعوبة أو تشوه أو عقبات عقلنا سيتجه تلقائيا للتركيز على الخلل، وسنعتبر الجمال لا بد منه!
كيف لو غيرتم طريقة تأملكم هذه، وجعلتم الخلل وسيلة للإصلاح؟ ففي الدنيا لا توجد صورة كاملة مطلقاً، دوماً تعتري الصور ثغرات، فكيف تكتمل الرؤية دون ألم من النقص؟
ذلك لا يكون إلا حينما نرى النقص سبيل الكمال، فحينما نرى النقص نحمد الله على العطاء، وندرك أننا كثيراً ما نهمل العطايا ونحن نتسخط على ما لم نصل له بعد!
كثيرة هي النعم التي حبانا الله بها، ومهما شكرنا لن نفيها حقها، ما أوصانا به الله هو العمل بالشكر ليزيدنا ويبارك لنا بعطائه قال تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}(سبأ: 13)، وقوله تعالى: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}(إبراهيم: 7).
فكيف يصبح الشكر عملاً؟ ولا يترك الجحود ليدخل إلى قلوبنا؟
نحتاج كثيراً أن نتأمل بهذا ونفكر به بصدق وأمانة؟ هل أدينا الأمانة ووفينا حق الشكر لله المنعم المحسن ؟ أم أننا بحاجة لأن نعيد حساباتنا، ونتأمل كم حبانا الله من نعم، وكيف سنشكره عليها فعلاً لا قولاً فحسب!
تأملوا ذلك وثقوا أنكم ستجدون بداخلكم من الفطرة ما يعينكم ويوفقكم.
وفقنا الله لما يحبه ويرضاه