من ذاكرة مدينة الرفاعي ... (المعلمون الاوائل في هذه المدينة )
من ذاكرة مدينة الرفاعي ... (المعلمون الاوائل في هذه المدينة )
عندما كان يخيم على العراق ومعظم مدنه ظلام دامس رهيب من الجهل والتخلف والاميه , أوقدت هناك شمعة وهاجه بدأت تبدد دياجير الظلام عن تلك المدينة الهادئة الوادعه الغافية على ضفاف نهر الغراف الحالمة بمستقبل واعد جميل ومشرق سيطل على ربوع هذه الارض الطيبة .. وكان ذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى بسنوات قليلة , وبعد شهور من تشكيل أول حكومة وطنية عراقية عام 1921م واستحداث وزارة للتربية ( وزارة المعارف ) حيث تمت الموافقة على فتح مدرسة ابتدائية في هذه المدينة بعد مطالبات عديدة من اهاليها .. وفتحت المدرسة بصورة رسمية مطلع عام 1922م وسميت هذه المدرسة بأسم المدينة القديم (مدرسة الكرادي ) فكانت هي الشمعه التي انارت الدرب لابناء هذه المدينة وهي المنبع الاول الذي استقوا منه بدايات العلوم والمعرفه ليمكنهم من اكمال دراستهم الاخرى بعد تخرجهم منها وتمكن الكثير منهم في ذلك وعاد البعض الى مدينتهم كمعلمين للتدريس في مدارسها ويواصلوا عملهم بجد واخلاص متناهي ويصبحوا من المعلمين الاوائل فيها من الذين وضعوا بصمة واضحة طيبة في سفر تاريخها ويكونوا رموزها في لتعليم تقتدي بهم الاجيال اللاحقة ومن بين هؤلاء الاشخاص البارزين الاستاذ المعلم المرحوم هادي ناجي الحاج محمد وعدد أخر من المعلمين الاجلاء الذين عاصروه ( وسنمر على ذكرهم جميعا عند توفر المعلومات الكافية عنهم ) .
1—المعلم المرحوم هادي ناجي الحاج محمد
ولد المعلم المرحوم الحاج هادي الحاج ناجي الحاج محمد الفارس في أحد بيوتات مدينة الرفاعي (الكرادي ) القديمة في عائلة متنورة وميسورة وذلك في عام 1917م وكان والده الحاج ناجي الحاج محمد رجلاً مثقفاً واعياً يجيد القراءة والكتابة حافظ للقرأن , أختار لولده دخول المدرسة الابتدائية الحكومية المفتوحة حديثا وفضلها على مكاتب الملالي والتي لا يزال بعضها مستمرا في هذه المدينة لتعليم الصبيان القراءة والكتابة وحفظ القران على الرغم من افتتاح مدرسة حكومية فيها .
دخل الصف الاول في عام 1926م وكان من بين اقرانه في المدرسه في تلك السنه كل من (محمد حسن شيخ جبر وفرحان نادر وسبتي شنان وجميل حاج جمعه ومحسن خضير علوان بلي وعلي سلمان خفي وكريم عويز العامري وعبد العكار عوده الجهلاوي ومحمد حاج مصطفى اسماعيل وجبار عليوي الصبح وجميل غني الهواش وغيرهم ) واستمر في دراسته في هذه المدرسة حتى تخرجه منها وحصوله على شهادة النجاح من الصف السادس الابتدائي في امتحان الباكلوريا في شهر مايس من عام 1934م , وبعدها واصل دراسته في دار المعلمين الريفيه وتخرج منها عام 1939م ليتعين بعدها معلما في المدارس المفتوحة في الارياف ومنها (المدرسة الخيرية ) في اراضي الشويلات ثم اصبح مديراً لها , وانتقل بعدها الى مدارس مختلفه لينتهي به المطاف في مدرسته الاولى (مدرسة الرفاعي الابتدائية ) ليعود اليها هذه المره معلما يعلم تلاميذها وليس تلميذا يتعلم فيها ... وبعد سنوات قليلة تم اختياره ليكون مديرا للاقسام الداخلية للطلاب التي كانت مفتوحةَ في مدينة الرفاعي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي لأستقبال طلاب المتوسطة والاعدادية من ارياف قضاء الرفاعي والنواحي الثلاث التابعة له التي توفر للطلاب المقبولين فيها السكن والطعام والحاجات الضرورية الاخرى ... وبعدها عاد الى ممارسة مهنته في التعليم ليصبح مديرا لمدرسة الرافدين الابتدائية وبقي فيها حتى احالته على التقاعد عام 1978م .
لا زلنا نتذكره رحمه الله عندما كان معلمنا في مادة القران والتربية الاسلامية في الصف الرابع في مدرسة الرفاعي الابتدائية في الخمسينات وكان يشجعنا في حفظ السور والايات القرانية الكريمة وكان يحثنا على ذلك ويكرر علينا كلامه الجميل ( كل من يحفظ القران ويلتزم به يسهل الله دخوله الى الجنه ) وكان ذلك محفزاً لنا واصبحنا نتهافت على حفظ ايات (جزء عم )من القران الكريم الموزع علينا ضمن الكتب المدرسية والذي ندرس فيه وكنا نعتقد نحن التلاميذ الصغار بأن القران هو هذا (جزء عم ) الذي بين ايدينا واستطاع الكثير منا وعلى طول ايام السنة الدراسية وخاصة التلاميذ النابهين حفظ معظم سوره واياته على ظهر قلب بما فيها الايات الطوال كسبا لدرجة جيدة في الامتحان وطمعاً في الجنة , فكان لاستاذنا الفضل الكبير في حفظنا للايات القرانية الكريمة .
كان رحمه الله من الشخصيات المميزه في هذه المدينة , هادئ الطباع كريم النفس ملتزم بأحكام الدين , يحبه ويأنس له كل من تعرف عليه , كان اباً عطوفاً رحوماً يساعد المعوزين والمحتاجين وخاصة من طلابه في الاقسام الداخلية .
تزوج في شبابه من زوجته الوحيدة الحاجة ام يوسف كريمة المرحوم عليوي الصبح الجبوري شقيقة الحاج جدوع عليوي الجبوري وانجبت له اربعة من الاولاد هم ( يوسف وعلي ويونس ومحمد ) وعدد من البنات .
رحم الله استاذنا الكبير المرحوم الحاج هادي الحاج ناجي الحاج محمد الفارس ونسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته وان يجزيه خير جزاء وينزله منازل الصديقين والابرار في جنات الفردوس .
( راغب رزيج العقابي _قضاء الرفاعي _محافظة ذي قار )
المعلم هادي ناجي الحاج محمد
الاول في اليمين اثناء سفرة الى مرقد السيد احمد الرفاعي مع مجموعة من معلمي مدينة الرفاعي