هل تبخرت آمال ساكنة تنكرتيل ؟
كانت الفرحة عارمة والأمل جد وطيد ، كان الابتهاج يسود أجواء تنكرتيل في تلك السنة ، سنة زيارة أفراد من المنظمة الألمانية لمركز تغزوت حيث أقيم لهم حفل استقبال من طرف الجمعية المعنية ومعها الرجال والنساء ، استبشر الجميع آنذاك بقدوم مشروع هام وكبير يخرج المنطقة من التهميش والنقص الذي تعاني منه بسبب انعدام البنيات الأساسية والمهمة والتي تمس على وجه الخصوص المرأة القروية التي تعاني من ويلات جلب هذه المادة الحيوية الهامة.
مرت السنوات والأيام والليالي والأمل معقود على أبناء المنطقة إلى إخراج هذا المشروع الكبير إلى حيز الوجود والتطبيق ، بالفعل خصصت أموال كبيرة لهذا الانجاز ساهم فيه الألمان بحصة الأسد فشاركت الجماعة القروية بنصيبها ، وكانت مساهمة السكان هي القشة التي قصمت ظهر البعير، أدى الجميع وفيهم البعض ما طلب منه من جيبه الذي يعاني أصلا من فقر وحاجة وضيق في العيش والمصروف آملين ان يستفيدوا من هذه المادة ويتخلصوا من تلك المعاناة والشدائد التي تصاحب جلبها واستهلاكها .
مرت الأيام تلو الأيام ، فما إن اقتربت الاشغال على الانتهاء حتى دعي الجميع إلى جمع عام وليس ككل جمع مضى ، اجتماع بمواصفات إجرائية معقدة استمدت من القانون الأساسي للجمعية الذي أعد ربما بأن يكون مجرد ورقة صالحة فقط لتكوين ملف لتقديمه لهذه الجهة أو تلك ، وأن مضامينه لن يخوض فيها أحد ما دام الأمر لدى الساكنة هو انجاز المشروع وتوفير الماء بالصنبور المتواجد بالمطبخ والمرحاض .
خاض الجميع في هذه الإجراءات المسطرية المعقدة التي أفضت الى النبش في مالية الجمعية فكان ما كان أن اتجهت الأمور وسلكت طريقا ودربا معقدا مليئا بالأشواك ربما لم يعي أحد أو ربما تجاهل نهاية هذا المسلك والمحطة التي سيتوقف فيها القطار ، تاه الجميع ولم يعرفوا من أين البداية والنهاية ويتساءل أغلهم عن مالات هذا الوضع والحالة التي تعيشها منطقة تنكرتيل والتي لا تبشر بخير سواء في تسيير هذا المشروع أو إخراجه إلى واقع التطبيق ، يحملون المسؤولية تارة لهذا الفريق وتارة لهذا الفريق ، فيما يرى البعض الأخر أن المسؤولية تقع على الجميع دون استثناء.
اجرءات المحاكمة التي دخلها ملف الجمعية المعنية وانتظار الحسم فيها من طرف القضاء ، جعل البعض يتأكد أن المشروع لن يسير وفق الآمال المعقود عليه من طرف أهل تنكرتيل مهما كان قرار المحكمة سواء كان لصالح هذا أو ذاك ، فيما أصروا أن لا مفر من نهج التوافق والجلوس إلى طاولة الحوار والنقاش البناء البعيد عن تلك السجالات العقيمة والصراعات الشخصية التي ما فتئت تعاني منها منطقة تنكرتيل والتي أدت إلى بروز تجادبات سياساوية مقيتة أصبح الجميع صغيرا وكبيرا تحت وطأتها دون أن يتحلى احد بالجرأة ويخرج إلى الناس وأمام الملأ بالمنطقة رافعا راية الاحتجاج والتذمر من هذا الوضع السيئ الذي لا ينبئ إلى بالمزيد من التأزم وما لا يحمد عقباه.
نعم المسؤولية الكاملة تتحملها الجمعية بدأ برئيسها إلى أسفل لائحة أعضائها الذين فشلوا ولم يستطيعوا تدبير هذه الأزمة وفق المعاير العلمية في إنهاء وحل الأزمات ، ربما لنقص في تكوينهم ورصيد معلوماتهم في الميدان الجمعوي ، أو تعمدوا شد الحبل وإقصاء الطرف الآخر وعدم السماح له للولوج إلى ساحة القرار بتنكتريل خوفا من تبوأه الصدارة واكتساحه المشهد السياسي والشعبي ، أو ربما لحب في مال أو جاه أو شهرة أو نشوة في القيادة والزعامة والانتصار.
هذا الوضع الذي لم يحس به إلا ذاك الفقير المسكين الذي تجرع ألم البحث وتوفير مبلغ مساهمته في هذا المشروع إما انه أوجدها عن طريق السلفة أم انه اقتاد إلى السوق إحدى رؤوس ماشيته فابتاعها ليؤدي ما طلب منه خوفا من إقصاءه حسب ما قيل له آو أن يؤدي غرامة التأخير التي ستضاف على مبلغ المساهمة التي تعتبر لديه أصلا من الصعوبة توفيرها . لا أحد في هذه المنطقة يعير الاهتمام وينظر بعين الشفقة والرحمة إلى هذا الفقير المسكين ليجد حلا لهذه المعضلة والأزمة التي ليس له فيها لا ناقة ولا جمل والتي أصبح ضحية لصرعاتها وتجدباتها اللعينة. فإلى متى إذن سيعي أهل تنكرتيل ما حــــل بهــــم ؟
من نابور 24