فضاءات جديدة المنزلة

جديدة المنزلة

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
عطا درغام
مسجــل منــــذ: 2010-12-13
مجموع النقط: 39.96
إعلانات


المصريون يقسون علي زعمائهم ومفكريهم...!1

كل أمة تفخر بزعمائها ومفكريها الذين أثروها بإبداعاتهم وإنجازاتهم العظيمة،فجعلتها تفخر بهم أمام دول العالم لأنهم صانعو تاريخا ونهضتها.
وكل أمة تحاول أن تسطر تلك الإبداعات والأعمال لتتعلم منها الأجيال الجديدة وتربطهم بالماضي ليكملوا مسيرة نهضتها.
وكم من دول خلدها التاريخ بشخصياتها ،فالسويد ليس لها ذكر إلا بالفريد نوبل وأوجست سترندبرج،والنرويج بهنريك أبسن،والدانمارك بأنطوان دي سانت أكزوبيري...حتي البرازيل لانعرفها إلا بكرة القدم رغم فقرها الشديد.
ولم نر شعبا في العالم يقسو علي أبنائه كما نري الشعب المصري الذي يقسو علي زعمائه ومفكريه،ونحاول أن نلصق بهم الاتهامات وكل نقيصة من شأنها تشوه صورتهم في التاريخ،فتكرههم الأجيال الجديدة ،وتعتبرهم خائنين لوطنهم،وكأن في مقدورهم تغير التاريخ لتكون مصر أحسن حالا مما هو عليه الآن,ولما تعرضت للاحتلال أو أي عدوان خارجي،وكأن زعماءنا مسئولين عن كل كوارث التاريخ دون النظر بموضوعية وتقدير الظروف التاريخية التي قد تفوق طاقة هؤلاء الزعماء والشخصيات التاريخية التي كان لها دورها في التاريخ المصري.
وعندما نقلب في صفحات التاريخ المصري سصيبنا الإحباط ونكره كل زعماءنا ومفكرينا ؛لأن كتابنا عروهم لنا تماما وخلعوا عنهم كل ميزة وألبسوهم كل نقيصة ،فتجد أحمد عرابي جاهلا وخائنا في السياسة والعسكرية وجر مصر إلي معركة خاسرة مع الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس، انتهت بالاحتلال الانجليزي لمصر دام أكثر من سبعين عاما, دون تقدير الظروف التاريخية التي فاقت طاقة هذا الزعيم الوطني ،وأن بريطانيا وضعت مصر نصب أعينها قبل قيام الثورة العرابية بثمانين عاما منذ قدوم الحملة الفرنسية إلي مصر،فحاصرت الشواطئ المصرية وبعد خروج فرنسا تلكأت في الخروج سنة 1803 ،وعاودت غزو مصر سنة 1807،لكن الوطنية المصرية أفشلت هذا الغزو.
وأخذت تترقب الأحداث في مصر وتتحين الفرصة للانقضاض علي مصر،ولكن حظ أحمد عرابي العثر والخطأ التاريخي الذي ارتكبه هو أنه تجرأ ورفع راية العصيان علي السادة أولي الأمر في استانبول وفي مصر،ودفع ثمن وطنيته التي أنكرها عليه البعض ،انتهت بهزيمته بسبب الخيانة وتكالب الظروف عليه.
ومحمد فريد الذي أضاع ثروته بسبب وطنيته حتي أفلس تماما في أوروبا ومات ،وظل أهل الخير يجمعون له المال لإرسال جثمانه إلي مصر،ومصطفي كامل وسعد زغلول وعبد الله النديم ومصطفي النحاس ومحمد عبده وطه حسين والعقاد ونجيب محفوظ ومصطفي محمود وغيرهم من رموز السياسة والفكر ،لم يسلموا من الهجوم مابين التكفير والتشكيك في وطنيتهم.
ومع مطلع النصف الثاني من القرن العشرين تتبلور الحركة الوطنية ،وتتغير دفة التاريخ وتبتسم الأقدار للشعب المصري،وللمرة الثانية في التاريخ الحديث تظهر الروح الوطنية ويشعر الجيش بنبض الشعب ويقف في وجه الظلم،كانت المرة الأولي عندما تزعم عرابي الثورة ضد الخديو والإنجليز،ولم يكتب له النجاح،لكن في المرة الثانية ينجح الجيش المصري في ثورته المباركة سنة 1952 ويعبر عن إرادة المصريين في الإطاحة بأسرة محمد علي،وللمرة الأولي نجد الشعب المصري يملك إرادته لأنه أراد الحياة فاستجاب القدر فكان للقيد أن ينكسر،فحكمه أولاده.
ولايمكن أن نشكك في وطنية هؤلاء الرجال الذين خلصوا مصر من براثن الظلم والطغيان ،وأخلصوا لمصر ....اجتهدوا فأصابوا مرات وأخطأوا في أخري ،يجب أن نظلمهم ونقسو عليهم،وتشهر الأقلام المسمومة لتشويه صورتهم وسلبهم أعمالهم.
فعبد الناصر لايستحق الهجوم عليه ،والتشكيك في وطنيته ،أصاب كثيرا وأخطأ فهو بشر وابن تلك اللحظة التي لايكون موجودا فيها إلا هو،لكن تغير الظروف وتحالف القوي الاستعمارية ضده فاق قدرته فتعرضنا لنكسة 1967.
والسادات أصاب هو الآخر وجعل نظرة العالم تتغير للعالم العربي بعد النصر والسلام،ورغم ذلك لم يسلم من سموم الأقلام التي وصمته بالخيانة والعمالة....!
وفي النهاية يجب علينا أن نعيد النظر في الكتابة عن زعمائنا ومفكرينا ،وأن نكون موضوعيين جدا...لأنهم الذين صاغوا تاريخنا وصنعوا نهضتنا الحديثة؛حتي تتغير نظرة أبنائنا لمفكرين وزعمائنا؛فيتواصلون معهم ولا تنقطع صلتهم بتاريخ مصر فيعتبرون بالماضي ويصيغون الحاضر.

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة