أنا أتبع محمد / الفاروق عمر /
أنا أتبع محمد
الكاتب:
الهادي الحسني***الشروق***
2015/01/26
الرأي
الفاروق عمر
في نهاية السبعينيات من القرن الماضي خطر في ذهن عالم أمريكي - يُسمّى مايكل هارث - أن يؤلف كتابا يؤرخ فيه لمائة شخصية ذات التأثير الأكبر في التاريخ البشري، وليس من الضروري أن يكون هذا التأثير إيجابيا؛ بل إن من هذه الشخصيات من كان وجوده في التاريخ لعنة وكارثة، ثم آلى على نفسه أن يرتب تلك الشخصيات الأول فالأول حسب أهميتها، بعد التزامه مقاييس معينة.
كانت مفاجأة المفاجآت أن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو الشخصية الأولىالأكثر تأثيرا إيجابيا وأهمية في تاريخ البشر، قبل أية شخصية أخرى، دينية أو سياسية، أوعلمية، أو عسكرية...
ثارت ثائرة المتعصبين والعنصريين من الغربيين، وقاموا ولم يقعدوا، ولكن لم يؤثر ذلك كلهفي هذا العالم، فلم يتراجع، وثبت في موقفه، لأنه لم يكن فيما انتهى إليه منجّما ولا راجمابالغيب؛ بل كان عالما، خاضعا للعقل، نابذا للأهواء، مدليا بالأسباب الموضوعية التي قادتهإلى ما انتهى إليه.
ونحن المسلمين نجدد الشكر لهذا العالم؛ لا لأنه أكد أن سيدنا محمدا -عليه الصلاة والسلام-هو أهم شخصية في تاريخ الإنسانية من لدن آدم -عليه السلام- فذلك ما نؤمن به إيمانا لاشية فيه ولا ريب؛ ولكن نشكره لأنه لم يخن الضمير العلمي، ولم يلو عنق الحقيقة كما فعلكثير من الغربيين وفي مقدمتهم الصليبي هنري لامانس، وصامويل زويمر... وشارللافيجري، وآخرون من دونهم، خاصة من المنتسبين إلينا ممن سماهم المؤرخ الرحالةالألماني هاينريش فون مالتسان "مخلوقات الفرنسيين". (ثلاث سنوات في شمال غربافريقيا. تعريب: د. أبو العيد دودو. ج1، ص208).
وأما الشخصية الإسلامية الثانية التي ذكرها بين المائة شخصية فهي الخليفة الراشد الثاني،عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وإن كنا لا نوافقه على الرتبة التي وضعه فيها، وهيالرتبة الثانية والخمسين.
ومما ذكر هارث من الأسباب التي اختار عمر -رضي الله عنه - بسببها أن حقق "الفتوحاتالكبرى للاسلام"، "وكان خليفة حكيما وسياسيا بارعا"، "لم يفرض الإسلام على أحدبالقوة"، و"ما آنجزه شيء باهر ومدى ما تركته (جيوشه) من أثر في التاريخ أخطر بكثيرمما تركه كل من يوليوس قيصر وشرلمان"، وكان يمكن أن يضاف إلى تلك الأسباب أموراأخرى كإشارته على أبي بكر -رضي الله عنه- بجمع القرآن الكريم، وتساؤلاته للرسول -صلى الله عليه وسلم- التي تنزل القرآن الكريم إجابة عنها..
لقد رأيت أن شخصية إسلامية أخرى كانت جديرة أن تكون ضمن هؤلاء المائة أو بدلا منبعض هؤلاء المائة، وأعني بهذه الشخصية القائد الذكي والسياسي النبيه السلطان العثمانيمحمد الفاتح، ويكفيه خلودا ومجدا أنه أسقط عاصمة استعصت على من قبله، وهيالقسنطنطينية كما أسقط الامبراطورية البيزنطية التي استمرت حوالي عشرة قرون، وقد تنبهكثير من المؤرخين الغربيين إلى أثر ذلك السقوط في التاريخ فجعلوا سقوطها في 1453منهاية لما سموها "العصور الوسطى"، وقد تنبأ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في غزوةالخندق بسقوطها، وقال ما معناه بأنها ستفتح، "فنعم الأمير أميرها ونعم الجيش جيشها" أوكما قال -صلى الله عليه وسلم-.