...استحمار! للكاتب..جمال لعلامي..الشروق الجزائرية..
..استحمار!
حق الرد
الكاتب:
جمال لعلامي//الشروق/
هل احتفى البعض من الجزائريين بالمولد النبوي الشريف، مثلما احتفل البعض الآخر من الجزائريين برأس السنة الميلادية؟.. سؤال محرج ومزعج، الغاية منه دون شك، ليس تقليب الأوجاع، أو إعطاء فرصة لمنتجي الفتاوى على المقاس.. لكنه التفاتة للتوقفّ والتعفّف.
تـُرى: ما ذا بقي من "المولود"؟ ولماذا أصبح "البوناني" مرادفا ومنافسا لعادات وتقاليدجزائرية، مستوحاة من الدين والتاريخ والحضارة والأصول والفصول؟.. لماذا يقتلنا هكذاالتقليد الأعمى؟ وينخر قوانا، ويفتـّت شملنا ويُضعف أبناءنا جيلا بعد جيل؟
لم تعد العائلة الكبيرة تجتمع بأفرادها وأبنائها وأسرها الصغيرة، مثلما كانت عليه خلالالزمن الجميل، فباستثناء حالات استثنائية وخاصة، وقليلة جدا، أو أنها كثيرة، لكنها لم تعدتظهر للعيان، أصبح التقليد عدوّنا جميعا، في النهار والليل، وفي كلّ شهور السنة!
هل أحيا مع المسلمين، الغرب والرومان والأمريكان والهنود الحمر، وغيرهم، من الشعوبغير الإسلامية، عيدي الفطر والأضحى، وصاموا رمضان، وتذكروا سيرة نبينا المصطفىصلى الله عليه وسلم، وهل احتفلوا ومحرّم؟ فلماذا إذن يحتفل جزء من المسلمين بأعيادهؤلاء؟
إنه يا جماعة الخير، التقليد الأعمى، الذي تحوّل إلى عدوّ يغزو العقول والأفكار، ويسيطرعلى القلوب والقرارات، ويجعلنا بالتالي رهينة لاستعمار جديد، يتخذ من "الاستحمار" مركبةآمنة لاحتلال الهدف واهانته!
قال لي أحد القراء: "مشكلة الجزائر، هي أنها أصبحت مؤسسة خيرية، تحوّل فيها الجزائريإلى مستهلك، وليس قيمة مضافة، تحت شعار: استهلك قبل أن تهلك"!
فعلا، لقد وضع هذا القارئ الكريم يده على الُجرح، وبدل أن يضمّده، راح يرشّ عليه الملحوالنار الباردة، ويلمسه بـ"سفـّود" أحمر، ونحن جميعا، كلّ في موضعه، وحسب منصبهومسؤولياته وصلاحياته ومهامه، نتحمّلّ جزءا من وزر هذه المصيبة التي تجتاحنا باسمالتقليد!
التقليد والتغريد، هو الذي يجعلنا نأكل ولا "نوكـّل"، هو الذي يُريدنا أن نأخذ ولا نعطي، نحصدولا نغرس، نستفيد ولا نفيد، وهو الذي يجعلنا "نشطح" ونصفـّق ونغنـّي في أعراس لا تليقبنا، والأدهى والأمر، أننا نحضرها بلا دعوة فتـُلصق بنا صفة "أشعب"!
الحكومة والمساجد والإعلام والمجتمع والعائلة والمدرسة والجامعة والسينما، كلهميتحملون مسؤولية هذا التقليد، وهذا الانبطاح، والانكسار، وهذا الضعف والهوان، وهذهالمذلة، فألم يحن الوقت لنعود إلى أنفسنا؟