أحوال استعمال كل
أحوال استعمال ( كل )
(كل) المضافة إلى معرفة
ذكر السهيلي في [نتائج الفكر: 223]: «أن خبر (كل) المضافة إلى معرفة يجب أن يكون مفردا تنبيها على أن أصله أن يضاف إلى نكرة ونقله ابن القيم في [البدائع:1/212]، وفي [البحر:6/220].
المنقول أنه يجوز أن يعود الضمير إلى لفظ (كل) فتقول:
كلكم ذاهب ويجوز أن يعود جمعا مراعاة للمعنى.
فتقول: كلكم ذاهبون، ويحتاج في إثبات: «كلكم ذاهبون» بالجمع إلى سماع ونقل من العرب».
في صحيح البخاري: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى».
[الشمني:2/24].
في البخاري: بكتاب الأب: باب ستر المؤمن على نفسه رواه أبو هريرة روعي لفظ (كل) المضافة إلى معرفة في قوله تعالى:
1- {كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه} [3: 93].
2- {وكلهم آتيه يوم القيامة فردا} [19: 95].
3- {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا} [17: 36].
اسم (كان) عائد على (كل) وكذا الضمير في {مسئولا} والضمير في {عنه} عائد على (ما). [البحر:6/37].
4- {كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها} [17: 38].
الضمير في {سيئه} عائد على لفظ (كل) وقرىء في السبع: (سيئة) في [النشر:2/307]: «واختلفوا في (كان سيئة) فقرأ الكوفيون وابن عامر بضم الهمزة والهاء وإلحاقها واوا في اللفظ على الإضافة والتذكير.
وقرأ الباقون بفتح الهمزة ونصب تاء التأنيث مع التنوين على التوحيد.
اسم (كان) ضمير يعود على (كل) وأنث (سيئة) خبر (كان) مراعاة لمعنى (كل). وقال الزمخشري: السيئة في حكم الأسماء بمنزلة الذنب (مكروها) روعي فيه لفظ (كل). وقرأ عبد الله وأبى (سيئاته).
انظر [الكشاف:2/361]، [الحبر:6/37]، [البيان:2/90]، [الجمل:2/618]، [الإتحاف: 283]، [القرطبي:5/3878].
(كل) المضافة إلى نكرة
في [التسهيل: 166]: «ويلزم اعتبار المعنى في خبر (كل) مضافًا إلى نكرة لا مضافًا إلى معرفة وكذلك صرح أبو حيان في [البحر:1/229]، [البحر:5/542]. والزركشي في [البرهان:4/320].
في [البحر:1/229-230]: «{قد علم كل أناس مشربهم} [2: 60] أعاد الضمير في {مشربهم} على معنى (كل) لا على لفظها ولا يجوز أن يعود على لفظها، فيقال (مشربه) لأن مراعاة المعنى هنا لازمة لأن (كل) قد أضيفت إلى نكرة ومتى أضيفت إلى نكرة وجب مراعاة المعنى فتطابق ما أضيفت إليه في عود ضمير وغيره. قال تعالى:
{يوم ندعو كل أناس بإمامهم} وقال الشاعر:
وكل أناس قاربوا قيد فحلهم=== ونحن حللنا قيده فهو سارب
وقال:
وكل أناس سوف تدخل بينهم== دويهية تصفر منها الأنامـل
وقال تعالى: {كل نفس ذائقة الموت} وتقول: كل رجلين يقولان ذلك ولا يجوز في شيء من هذا مراعاة لفظ (كل)».
هذا ما قاله أبو حيان هنا، ثم جعل قوله تعالى:
{ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم. وإذا علم من آياتنا شيئًا اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين} [45: 7-9].
من مراعاة اللفظ ثم المعنى قال في [البحر:8/44]: «حمل أولاً على لفظ «كل» وأفرد ثم على المعنى فجمع.
كقوله: {كل حزب بما لديهم فرحون}.
ونظير الآية السابقة قوله تعالى:
1- {وما يكذب به إلا كل معتد أثيم إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} [83: 12-14].
2- {إن كل من في السموات والأرض إلا أتى الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا} [19: 92-93].
(من) نكرة موصوفة لإضافة (كل) إليها.
في [البيان:2/137]: «(كل) مرفوع لأنه مبتدأ، (وآتى) خبره ووحده حملا على لفظ (كل) لأن فيه إفرادًا لفظيًا وجمعا معنويا فتقول كل القوم ضربته بالإفراد حملا على اللفظ وكل القوم ضربتهم بالجمع حملا على المعنى». [الجمل:3/80].
(كل) المقطوعة عن الإضافة
في [نتائج الأفكار للسهيلي: 225-226]: «وأما الفصل الثالث وهو أن تكون مقطوعة عن الإضافة مفردة مخبرا عنها فحقها أن تكون ابتداء ويكون خبرها جمعا...
وإنما وجب أن يكون خبرها جمعا، لأنها اسم في معنى الجمع.
والشاهد لما قلناه قوله سبحانه وتعالى:
{وكل في فلك يسبحون} [36: 40] {وكل إلينا راجعون} [21: 93] {وكل كانوا ظالمين} [8: 54].
فإن قيل: فقد ورد في القرآن موضعان أفرد فيهما الخبر عن (كل) وهي غير مضافة إلى شيء بعدها وهما قوله تعالى:
{قل كل يعمل على شاكلته} [17: 84] {كل كذب الرسل} [50: 14]. ولم يقل: كذبوا.
فالجواب: أن هاتين الآيتين قرينة تقتضي تخصيص المعنى بهذا اللفظ دون غيره...».
ثم أخذ يبين علة ذلك ونقل كل هذا الحديث ابن القيم في [البدائع:1/213-214].
وإفراد ضمير الخبر عن (كل) المقطوعة عن الإضافة جاء في آيات كثيرة لا في آيتين كما زعم السهيلي:
1- {كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله} [2: 285].
2- {وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى} [13: 2].
3- {قل كل يعمل على شاكلته} [17: 84].
4- {قل كل متربص فتربصوا} [20: 135].
5- {كل قد علم صلاته وتسبيحه} [24: 41].
6- {وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى} [31: 29].
7- {وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى} [35: 13].
8- {إن كل إلا كذب الرسل} [38: 14].
9- {والطير محشورة كل له أواب} [38: 19].
10- {وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى} [39: 5].
11- {كل كذب الرسل فحق وعيد} [50: 14].
عاد الضمير مفردًا على (كل) المقطوعة عن الإضافة في قوله تعالى:
1- {وكلا ضربنا له الأمثال} [25: 39].
2- {فكلا أخذنا بذنبه} [29: 40].
روعي لفظ (كل) ثم روعي معناها في قوله تعالى:
1- {كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا} [2: 285].
راعى المعنى في قوله: {وقالوا سمعنا وأطعنا}.
[أبو السعود:1/209]، [الجمل:2/238].
2- {فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا} [29: 40].
3- {وكل أتوه داخرين} [27: 87].
في [البحر:7/100]: «قرأ قتادة (أتاه) فعلا ماضيًا مسندا لضمير كل على لفظها وجمع {داخرين} على معناها».
من كتاب " دراسات لأسلوب القرآن الكريم "
للدكتور عضيمة رحمه الله تعالى.