شهدت أسعار المواشى واللحوم "الضانى" ارتفاعًا ملحوظًا فى أسعارها بالمقارنة بالسنوات السابقة حيث وصلت الزيادة فى أسعارها لهذا العام نسبة 40% مقارنة بالأعوام السابقة، بسبب انخفاض عدد المواشى التى يتم تربيتها كل عام بداخل الأماكن المخصصة لذلك فى سائر محافظات مصر، ولعدة أسباب أخرى كثيرة منها ارتفاع أسعار العلف وارتفاع الضرائب التى يتعرض لها التجار ولا يمكننا إغفال الارتفاع العام فى أسعار كل شيء بداخل مصر، ما دفع التجار بزيادة أسعار تلك المواشى واللحوم من باب الجشع لتحقيق أكبر نسبة من الأرباح الموسمية خلال أيام عيد الأضحى المبارك. ولكن تناسى الجميع أن ارتفاع أسعار اللحوم هذا العام وبتلك الصورة غير المسبوقة أدى إلى حرمان الأسر الفقيرة والمساكين من شراء اللحوم ليسعدوا كغيرهم بأيام العيد، بل إن هذا الأرتفاع لم يؤثر فقط على الفقراء لأن أغلبهم يستطيع الحصول على تلك اللحوم عن طريق أبواب الصدقات والتبرعات والتى أيضًا أصبحت لهذا العام غير متوفرة بكثرة بسبب الأحداث السياسية التى مرت وتمر بها البلاد، ما دفع أغلب الأحزاب والجميعات الإسلامية بالعزوف عن توزيع اللحوم على الفقراء إلا من رحم ربى، لا أدرى السبب ولكنه فى الغالب يرجع إلى خوفهم من عدم الحصول على مقاعد فى البرلمان القادم أو يرجع لشعورهم بالمرارة ونقص الأموال لديهم بعد فقدهم النفوذ بداخل أراضى مصر وبسبب السجن لأغلب قادتهم، فقرر بعضهم عقاب المساكين والفقراء التابعين عن تخاذلهم معهم. هذه ليست المشكلة لأن عدم توافر اللحوم الخيرية أو ارتفاع أسعار المواشى واللحوم الضانى أثر على أسر الموظفين والموظفات والطبقة المتوسطة فى المجتمع المصرى أيضًا لأن تلك الأسر تتميز بالدخول المنخفضة مقارنة بالأسر الرأسمالية فكيف سيتمكنون من شراء كيلو اللحوم الضانى بتسعين جنيهًا بغض النظر عن التسعين جنيه ولكن هذا الكيلو مليء بالعظام ولا يوجد به إلا فتات اللحم التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، فسيرغم رب الأسرة المتوسطة الكادحة على شراء 2 كيلو بدلاً من كيلو واحد بمعدل 200 جنيه وهو لا يتقاضى من وظيفته إلا 600 جنيه "فسيلجأ بكل حزن إلى أن يشترى لحومًا هندية، أو لحومًا لمواشٍ سودانية بأسعار لا تعتبر رمزية من الجمعيات الاستهلاكية أو السوق السوداء للحوم وللأسف خلال رحلته الشاقة فى شراء تلك اللحوم سيقف فى طوابير طويلة لعدد كبير من الساعات حتى يشترى تلك الفتات لأن كرامته لن تأخذه أن يتسول اللحوم خلال العيد من أصحاب الأملاك أو أبواب المساجد. فإذا نجح رب الأسرة فى تلك الرحلة فأنه وأبناءه سيأكلون لحمة العيد ويحملون بالأمراض نتيجة أنها لحوم ملوثة أو مجمدة فرضها عليهم سوء أحوالهم الاقتصادية بغض النظر عن فقدهم لمعنى "الأضحية" أو سعادة أطفالهم برؤية الخروف كسائر أطفال الرأسمالين. أما إذا فشل رب الأسرة فى الحصول على تلك اللحوم المجمدة مجهولة المصدر متعددة الجنسيات فإن أسرته سوف تقضى عيدها بلا لحوم وستقايضها بوجبة دجاج ويعطون المبررات لأنفسهم وذويهم بأن اللحوم تأتى بالنقرس وبأن الدجاج هو الأفضل، وسيكتفون بمتابعة خطوات الدبح والأكل للأضاحى من شرفة منزلهم أو على شاشة التلفاز أو على صفحات "مواقع التواصل الاجتماعى" التى يتباهى فيها الجميع بصورهم السيلفى مع الخروف الصغير أو العجل الكبير الذين اشتركوا فيه بأموالهم فقط ليتصوروا معه وينعمون بإذلال الفقراء والمتوسطين بصدقاتهم عليهم. وأصبحت الأضحية فى أغلب بيوت المصريين من سنة إسلامية إلى سنة للقادرين مثل الحج لمن استطاع إليها سبيلاً.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.