الحجّ المبرور....للأستاذ / عبدالكريم قماز...الخبر..
الخميس 18 سبتمبر 2014الجزائر: عبد الحكيم قماز
ثبت عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: “مَن حجّ هذا البيت ولم يرفُث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم وَلدته أمُّه”، فمغفرة الذُّنوب بالحجّ ودخول الجنّة مرتّب عن كون الحجّ مبرورًا.
ورد في الحجّ الكثير من الأحاديث الدّالة على عظيم فضله، وجزيل أجره وثوابه عند الله تعالى، وجاء في بعض الأحاديث وصف الحجّ التام بالحجّ المَبرور، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “والحجّ المبرور ليس له جزاء إلّا الجنّة” رواه البخاري. وإنّما يكون الحجّ المبرور باجتماع أمور منها:
الإعداد وتهيئة النّفس قبل الحجّ، وذلك بالتّوبة النّصوح، واختيار النَّفقة الحلال والرِّفقة الصّالحة، وأن يتحلَّل من حقوق العباد، إلى غير ذلك ممّا هو مذكور في آداب الحجّ.
كثرة ذِكْر الله تعالى، وقد أمر الله تعالى بذِكْرِه في إقامة مناسك الحجّ، خصوصًا في حالة الإحرام بالتّلبية والتّكبير. قال الله تعالى: “وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى” البقرة197، فما تزوّد حاج ولا غيره أفضل من زاد التّقوى.
الاتيان فيه بأعمال البِرّ، ومنها حُسن الخُلق إلى النّاس بالبرّ والصّلة، ولمّا سُئِل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن البرّ قال: “حُسن الخُلُق”، فعلى الحاج أن يعامل إخوانه الحجّاج الّذين يلتقي بهم في المَشاعر، والّذين أتَوْا من كلّ فَجٍّ عميق بالمُعاملة الحسنة، بالقول والفعل.
ويجب عليك أخي الحاج أن تُخْلِص نيّتك لله تعالى؛ فإنّ بعض النّاس قد غلب عليهم حبّ الشّهرة، فجعلوا الحجّ والعمرة بمثابة سفر للنُّزهة كي يُقال حجّ فلان وحجّت فلانة. قال الله تعالى: “وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ” البقرة:196، وإتمام الحج: الإتيان بمَناسكه على الوجه المشروع، وقوله تعالى “لِلّهِ” معناه إخلاص النيّة فيه لله وحده، فلا يكون فيه رياء ولا سُمعة ولا طمع من مطامع الدّنيا، ولا فخر ولا مباهاة.
واحذر من الرَّفَث، وهو ذِكْرُ الجِمَاع ودواعيه، وقيل هو الكلام الرّديء واللّغو الّذي لا فائدة فيه، والفسوق والمخاصمة والجِدال بالباطل حتّى يكون حجّك مبرورًا، وسعيُك مشكورًا، وذنبُك مغفورًا. قال الله تعالى: “الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ” الحجّ197.
واحرِص على أداء الصّلوات المفروضة جماعة في أوقاتها وفي المساجد الّتي أَذِنَ الله أن تُرْفَع ويُذْكَرَ فيها اسمه، ولا سيما المسجد الحرام، والمسجد النّبويّ الشّريف: فالصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة في غيره، والصّلاة في المسجد النّبويّ أفضل من ألف صلاة، كما جاء عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهذا أجرٌ عظيم.
وأكْثِر من الأعمال الصّالحة من تلاوة القرآن مع تدبّر للآيات، وذِكْر الله، والدّعاء، والطّواف بالبيت، والاستغفار، والتّوبة الصّادقة، والإنابة والرّجوع إلى الله تعالى، والتّلبية ورفع الصّوت بها، والصّلاة على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر، والتعرّف على إخوانك في الله، فالحجّ فرصة عظيمة للتّعارف والتّآخي، فعليك باغتنام هذه الفُرصة لعلّ الله يستجيب لك ويقبَل منك.
وإنّ من علامات الحجّ المَبرور أن يستقيم المسلم بعد حَجِّه، فيلزم طاعة ربِّه، ويكون بعد الحجّ أحسن حالًا منه قبله، فإنّ ذلك من علامات قبول الطّاعة، قال بعض السّلف رضوان الله عليهم: “علامة برّ الحجّ أن يزداد بعده خيرًا، ولا يُعاوِد المعاصي بعد رجوعه”، وقال الحسن البصري رضي الله عنه: “الحجّ المبرور أن يرجع زاهِدًا في الدُّنيا، راغِبًا في الآخرة”.