استعمال ما مكان من واستعمال من مكان ما
* استعمال ( ما ) مكان ( من )
واستعمال (من ) مكان ( ما )
- إن (ما) هي في أصل وضعها أكثر ما تكون لغير العاقل (والأفضل القول لغير العالم) وقد تستعمل للعاقل وخصوصا في ثلاثة مواضع هي :
الاول: أن يختلط العاقل مع غير العاقل نحو قوله تعالى: (يسبح لله ما في السموات وما في الارض) فإن (ما) يتناول ما فيهما من إنس وملك وجن وحيوان وجماد، بدليل قوله: (وإن من شئ إلا يسبح بحمده).
والموضع الثاني: أن يكون أمره مبهما على المتكلم، كقولك - وقد رأيت شبحا من بعيد -: انظر ما ظهر لي، وليس منه قوله تعالى: (إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا) لان إبهام ذكورته وأنوثته لا يخرجه عن العقل، بل استعمال " ما " هنا في ما لا يعقل لان الحمل ملحق بالجماد، والموضع الثالث: أن يكون المراد صفات من يعقل، كقوله تعالى (فانكحوا ما طاب لكم).
* و(من) تكون للعاقل وقد تستعمل في غير العاقل وذلك في ثلاثة مواضع :
- الأول: أن يقترن غير العاقل مع من يعقل في عموم فصل بمن الجارة، نحو قوله تعالى: (فمنهم من يمشي على بطنه، ومنهم من يمشي على رجلين، ومنهم من يمشي على أربع) ومن المستعملة فيما لا يعقل مجاز مرسل علاقته المجاورة في هذا الموضع.
- والموضع الثاني: أن يشبه غير العاقل بالعاقل فيستعار له لفظه، نحو قوله تعالى: (من لا يستجيب له تعالى) وقول الشاعر أسرب القطا هل من يعير جناحه .
وهذا الوضع الثاني مجموع في قول الشاعر :
وشبهوا بمن حوى العقولا ... الطير والأصنام والطلولا.
- والموضع الثالث: أن يختلط من يعقل بما لا يعقل نحو قول الله تعالى: (ولله يسجد من في السموات ومن في الارض) واستعمال من فيما لا يعقل - في هذا الموضع - من باب التغليب، واعلم أن الاصل تغليب من يعقل على ما لا يعقل، وقد يغلب ما لا يعقل على من يعقل، لنكتة، وهذه النكت تختلف باختلاف الاحوال والمقامات.