النداء
النداء:
المنادى :
تعريفه :
اسم ظاهر يطلب من قبل المتكلم بوساطة أحرف النداء .
نحو : يا محمد .
ـ ومنه قوله تعالى { يا نوح اهبط بسلام }1 .
العامل في المنادى :
يذكر أكثر النحاة المتقدمين أن جملة النداء جملة فعلية ، وجعلوا المنادى نوعا من المفعول به ، والعامل فيه محذوف تقديره : أنادي أو أدعو ، وبما أن الفعل محذوف وجوبا استغنوا عنه بأحد أحرف النداء ، نحو : يا إبراهيم ،
فالتقدير أنادي ، أو أدعو إبراهيم ، وهذا لا يخلو من التكلف ، فالفعل الذي يزعمه النحاة لا يظهر أبدا ، ولو ظهر لانتفى كون الجملة ندائية ، لأن الجملة الندائية جملة إنشائية طلبية ، وهذا الفعل يجعلها جملة خبرية محتملة للصدق والكذب معا .
والذي نراه مناسبا ويراه غيرنا من النحاة المحدثين أن حرف النداء هو العامل في المنادى ، ويكون المنادى منصوبا دائما لفظا أو محلا .
أحرف النداء وأقسامها :
أحرف النداء سبعة هي : يا ـ أيا ـ هيا ـ أي ـ الهمزة ـ وآ ـ وا .
وتنقسم أحرف النداء من حيث نوعية المنادى أقريبا كان أم بعيدا أم ندبة إلى ثلاثة أقسام :
1 ـ أي والهمزة للمنادى القريب . نحو : أي أحمد ، آي محمد .
ولا فرق بين أي الممدودة الهمزة ، وأي المقصورة الهمزة “ بهمزة أو بمد “ .
وذكر الأشموني أن “ آي “ للمنادى البعيد .
ومثال الهمزة : أعلي ، آيوسف . ولا فرق أيضا بين المقصور منها أو الممدود .
ــــــــــ
1 ـ 48 هود .
2 ـ أيا ، وهيا ، ووآ للمنادى البعيد ، نحو : أيا عبدالله ، هيا فاطمة ، وآ محمود .
3 ـ وا : للندبة ، نحو : واصديقاه .
أما “ يا “ فهي أعم أحرف النداء السابقة ، وتدخل في كل نداء ، حتى في باب الندبة إذا أمن اللبس .
ـ كقول الشاعر :
حملت أمرا عظيما فاصطبرت به وقمت فيه بأمر الله يا عمرا
والشاهد في البيت قوله : يا عمرا ، فالألف للندبة ، ذلك لأن المقام مقام رثاء ، والنداء في البيت للندبة غير ملتبس فيه ، حيث استعملت “ يا “ مكان “ وا “ التي للندبة لأمن اللبس .
كما لا يقدر في أحرف النداء إلا “ يا “ ، ولا ينادى لفظ الجلالة ، والمستغاث به ، وأي ، وأيَّت إلا بها .
المواضع التي يجب فيها ذكر حرف النداء :
قد يذكر حرف النداء في الجملة إذا شاء المتكلم ، وقد لا تذكر .
ـ نحو قوله تعالى { يوسف اعرض عن هذا }1 .
وقوله تعالى { ربنا لا تزغ قلوبنا }2 ، وقوله تعالى { ربنا عليك توكلنا }3 .
غير أن هناك مواضع يجب فيها ذكر حرف النداء هي :
1 ـ المندوب : نحو : واحر قلباه ، واصديقاه ، وذلك فى بكاء الصديق وندبه .
2 ـ المستغاث : نحو : يا لخالد .
3 ـ المنادى البعيد : نحو : يا طالعا جبلا ، ذلك لأن ، المراد إبلاغ الصوت إليه ، وأداة النداء الممدودة تساعد على الإبلاغ .
4 ـ النكرة غير المقصودة : نحو : يا رجلا خذ بيدي .
5 ـ ضمير المخاطب :
ــــــــــــــــ
1 ـ29 يوسف .
2ـ 18 آل عمران
3 ـ 4 الممتحنة .
ـ نحو قول الشاعر :
يا أبجر بن أبجر يا أنت أنت الذي طلقت عاما جعتا
ولكن من المعروف أن نداء المخاطب شاذ عموما
6 ـ اسم الجلالة : وذلك عند عدم التعويض بالميم المشددة عن حرف النداء .
نحو : يا الله . أما إذا عوض عن حرف النداء بالميم المشددة ، وجب حذف حرف النداء .
نحو : اللهم . 84 ـ ومنه قوله تعالى { اللهم مالك الملك }1.
7 ـ اسم الإشارة : نحو : يا هذا اقبل ، ويا هؤلاء تقدموا .
وقد أجاز الكوفيون حذف حرف النداء في هذا الموضع ، وحجتهم على ذلك
ـ قول ذي الرمة :
إذا هملت عيني دما قال صاحبي بمثلك هـذا لوعة وغـرام
الشاهد في البيت قوله “ بمثلك هذا “ فحذف حرف النداء “ يا “ والأصل إثباته ، نقول : “ بمثلك يا هذا “ وهو الأصح .
8 ـ اسم الجنس المعين “ النكرة المقصودة “ ، نحو : يا حاج اركب السيارة ، ويا طبيب اعتني بالمرضى .
غير أن الكوفيين أجازوا الحذف أيضا كما في اسم الإشارة ، واستشهدوا بقول البعض : اطرق كرى إن النعام في الكرى . وقولهم : افتد مجنون ، وأصبح ليل .
والتقدير : اطرق يا كروان ، وهو منادى مرخم ، وافتد يا مجنون ، وأصبح يا ليل ، وهو مثل يضرب لمن يستبطئ الفرج من الشدة التي يعانيها .
أنواع المنادى :
ينقسم المنادى إلى قسمين :
أولا ـ منادى معرب ، ويكون منصوبا لفظا لا محلا ويشمل كلا من الآتي :
1 ـ المنادى المضاف ، وهو المنادى الذي أضيف إلى اسم بعده .
نحو : يا حارس المخيم ، ويا فاعل الخير اقبل .
ــــــــــ
1 ـ 26 آل عمران .
ـ ومنه قوله تعالى { يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم }1 .
وقوله تعالى { ربنا اغفر لنا }2 .
وإعرابه : يا حرف نداء مبنى على السكون لا مل له من الإعراب .
حارس : منادى منصوب بالفتحة الظاهرة على آخره ، وهو مضاف ، والمخيم : مضاف إليه مجرور بالكسرة .
2 ـ المنادى الشبيه بالمضاف : وهو ما اتصل به شيء من تمام المعنى ، كالفاعل ، أو المفعول به ، أو الجار والمجرور ، أو الظرف .
نحو : يا كريما خلقه ، يا طالعا جبلا ، يا مقيما في البيت ، يا جالسا تحت الشجرة .
وإعرابه : كريما منادى منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة .
خلقه : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة ، وخلق مضاف ، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه .
3 ـ المنادى النكرة غير المقصودة : وهى التي بقيت بعد النداء على شيوعها ، فلم يخرج بها قصد المنادى إلى التحديد .
نحو : يا رجلا خذ بيدي .
ـ ومنه قول الشاعر :
فيا راكبا إما عرضت فبلغن ندامايا من نجران أن لا تلاقيا
وإعرابه : رجلا منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة .
ثانيا ـ منادى مبني ، ويكون منصوبا محلا ، ويشمل الآتي :
1 ـ العلم المفرد : نحو : يا محمد ، يا أحمدان ، يا عليون .
ومنه قوله تعالى { يا إبراهيم اعرض عن هذا }3 .
وقوله تعالى { يا نوح اهبط بسلام }4 .
ـــــــــــ
1 ـ 65 الأعراف .
2 ـ 147 آل عمران .
3 ـ 76 هود .
4 ـ 48 هود .
وإعرابه : البناء على الضم إن كان مفردا ، والبناء على الألف إن كان مثنى ، والبناء على الواو إن كان جمع مذكر سالما .
فنقول في إعراب “ يا محمد “ محمد منادى مبنى على الضم في محل نصب .
وأحمدان : منادى مبنى على الألف في محل نصب .
وعليون : منادى مبنى على الواو في محل نصب .
2 ـ النكرة المقصودة : وهي التي يقصدها النداء قصدا ، فتكتسب منه التعريف لتحديده لها من بين النكرات ، وتكون مبنية على ما ترفع به في محل نصب .
نحو : يا معلم خذ بيد التلاميذ ، ياممرضات اعتنين بالجرحى ، يا حاجان تمهلا ، يامهندسون شيدوا البناء ، ـ ومنه قوله تعالى { يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم }1 ، وقوله تعالى { يا أرض ابلعي ماءك }2 .
وإعرابه : معلم منادى مبني على الضم في محل نصب .
ممرضات : منادى مبنى على الضم في محل نصب .
حاجان : منادى مبني على الضم في محل نصب .
مهندسون : منادى مبني على الضم في محل نصب .
ــــــــــــــ
1 ـ 65 النبأ .
2 ـ 24 هود .
المنادى المضاف إلى ياء المتكلم
ينقسم المنادى المضاف إلى ياء المتكلم إلى أربعة أقسام :
أولا ـ * المنادى المقصور ، مثل : يا مصطفى ، يا ليلى ، يا مرتضى .
والمنادى المنقوص ، مثل : يا قاضي ، يا هادي ، يا راضي . إذا أضيف أحد النوعين السابقين إلى ياء المتكلم فليس لك إلا إثبات الياء المفتوحة .
نحو : يا مصطفايَ ، ويا ليلايَ ، ويا قاضيَّ ، ويا هاديَّ .
ثانيا ـ إذا كان المنادى وصفا مشبها بالفعل ، مثل : محتَرم ، ومكرَم ، وناديته وهو مضاف إلى ياء المتكلم ، فلك فيه وجهان :
1 ـ إثبات الياء إما ساكنة ، نحو : يا محترميْ ، ويا مكرميْ .
2 ـ أو إثباتها مفتوحة ، نحو : يا محترميَ ، ويا مكرميَ .
ثالثا ـ أما إن كان المنادى صحيح الآخر مضافا إلى ياء المتكلم ، مثل : صديقي ، رفيقي ، وناديته ، تقول : يا صديقي ، ويا رفيقي .
وإعرابه : صديق منادى منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة ، وياء المتكلم ضمير متصل مبنى على السكون في محل جر مضاف إليه .
أما بالنسبة للياء الواقعة مضافا إليه ففيها عدة وجوه :
1 ـ إثباتها ساكنة كما في الأمثلة السابقة .
2 ـ إثباتها مع بنائها على الفتح ، نحو : يا صديقيَ ، يا عزيزيَ .
وحينئذ تعرب مضافا إليه مبنيا على الفتح في محل جر .
3 ـ إثباتها وبناؤها على الفتح ، وفتح ما قبلها ، نحو : يا صديقا ، ويا فرحا ، ـ ومنه قوله تعالى { يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله }1 .
ـــــــــــ
1 ـ 56 الزمر .
وإعرابه : صديقا منادى منصوب بالفتحة الظاهرة ، والياء المنقلبة ألفا ضمير متصل مبنى على السكون في محل جر مضاف إليه .
4 ـ حذفها والاكتفاء بالكسرة الدالة عليها ، نحو : يا قومِ لا تستهينوا بالأعداء .
ـ ومنه قوله تعالى { يا عبادِ فاتقون }1 .
وقوله تعالى { رب أنىّ يكون لي غلام }2 .
“ قوم “ منادى منصوب بالفتحة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة ، والياء المحذوفة ضمير مبنى على السكون فى محل جر مضاف إليه .
5 ـ حذف الألف المنقلبة عن يا المتكلم ، والاكتفاء بالفتحة على أخر المنادى .
نحو : يا صديقَ ، يا رفيقَ .
ـ ومنه قول الشاعر :
ولست براجع ما فات منيّ بلهفَ ولا بليتَ ولا لواتي
والتقدير : بيا لهف ، وأصله يا لهفي ، وبياليت ، وأصله يا ليتي ، وقد حذفت الألف المنقلبة عن ياء المتكلم مع إبقاء فتح ما قبلها على أساس حذفها مفتوحة .
6 ـ حذفها وبناء ما قبلها على الضم ، وهذا دارج في الكلمات التي تكثر إضافتها إلي ياء المتكلم ، نحو : يا قومُ ، يا أمُ ، يا ربُ .
ومنه قوله تعالى { ربُ السجن أحب إليّ مما يدعونني }3 .
وإعرابه : قوم منادى منصوب بالفتحة المقدرة منع من ظهورها الضمة التي جاءت لشبهه بالنكرة المقصودة ، والمضاف إليه محذوف وهو “ ياء “ المتكلم .
ولك أن تعربه منادى مبنى على الضم في محل نصب لانقطاعه عن الإضافة لفظا لا معنى ، وشبهه للنكرة المقصودة .
ـــــــــــــ
1 ـ 16 الزمر .
2 ـ 40 آل عمران .
3 ـ 33 يوسف .
رابعا ـ أما إذا أضيف المنادى إلى ياء المتكلم وكان كلمة “ أب أو أم “ فلك فيه عدة وجوه مضافا إليها الوجوه السابقة ، وأهم تلك الوجوه :
1 ـ حذف يا المتكلم ، والتعويض عنها بتاء التأنيث ، مع بنائها على الكسر .
نحو : يا أبتِ ، يا أمتِ .
وإعرابها : أبت منادى منصوب بالفتحة الظاهرة ، والتاء للتأنيث حرف جاء عوضا عن الياء المحذوفة ، حرف لا محل له من الإعراب ، والياء المحذوفة ضمير مبنى على السكون في محل جر مضاف إليه .
2 ـ حذف الياء والتعويض عنها بتاء التأنيث المفتوحة .
نحو : يا أبتَ ، ويا أمتَ .
3 ـ حذف الياء والتعويض عنها بتاء التأنيث المضمومة .
نحو : يا أبتُ ، ويا أمتُ .
وقد قرئ قوله تعالى بالروايات الثلاث : الكسر ، والفتح ، والضم .
ـ { يا أبتَُِ إني رأيت أحد عشر كوكبا }1 .
* تنبيه :
يجوز الجمع بين ياء المتكلم ، وتاء التأنيث المفتوحة ، أو المكسورة .
مثال الآول : يا أبتا ، يا أمتا .
ومثال الثاني : يا أبتي ، ويا أمتي .
ومنه قول الراجز :
“ يا أبتا علك أو عساك “
ـ وقول الشاعر :
أيا أبتي لا زلت فينا فإننا لنا أمل في العيش ما دمت عائشا
وهذا نادر الاستعمال ، وذكرناه للزيادة .
ـــــــــــــ
1 ـ 4 يوسف .
المنادى المضاف إلى المضاف لياء المتكلم
ينقسم المنادى المضاف إلى المضاف لياء المتكلم إلى قسمين :
الأول ـ إذا كان المنادى المضاف إلى المضاف لياء المتكلم غير كلمة “ ابن أم ، أو ابن عم أو ابنة
أم ، أو ابنة عم “ وجب إثبات الياء دون حذفها ، مع بنائها على السكون ، أو على الفتح .
مثال الأول : يا صديقَ صديقيْ ، ويا فرحةَ قلبيْ .
ومثال الثاني : يا صديقَ صديقيَ ، ويا فرحةَ قلبيَ .
الثاني : أما إذا كان المنادى المضاف إلى المضاف لياء المتكلم واحدا من الكلمات التي أشرنا إليها سابقا جاز لك فيه وجهان :
1 ـ حذف يا المضاف إليه مع بقاء الكسر قبلها .
نحو : يا أبنَ أمِّ ، ويا ابنَ عمِّ
وإعرابه : ابن منادى منصوب بالفتحة الظاهرة ، وهو مضاف وأم مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة ، والياء المحذوفة ضمير مبنى على السكون في محل جر بالإضافة .
2 ـ حذف يا المضاف إليه بعد قلبها ألفا ، وقلب الكسرة التي قبلها فتحة حتى نتمكن من قلب الياء .
مثال : يا ابن أمَّ ، ويا ابن عمَّ .
ـ ومنه قوله تعالى { قال يا ابن أمَّ لا تأخذ بلحيتي }1 .
وإعرابه : ابن منادى منصوب بالفتحة الظاهرة ، وأمَّ : مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة منع من ظهورها الفتحة التي جاءت لقلب الياء ألفا ، والياء المحذوفة المنقلبه ألفا ضمير مبنى على السكون في محل جر بالإضافة .
ـــــــــــ
1 ـ 94 طه .
المنادى المعرف بأل :
الصحيح عدم مناداة المعرف بأل ، وإدخال حرف النداء عليه مباشرة إلا في بعض الحالات النادرة ، وهي :
1 ـ لفظ الجلالة ، نحو : يا الله .
ويكون لفظ الجلالة منادى مبنى على الضم فى محل نصب ، وغالبا ما يحذف حرف النداء ويستعاض عنها بميم مشددة ، نحو : اللهم سهل أمري .
وقوله تعالى { اللهم ربنا أنزل علينا }1.
وإعرابه : لفظ الجلالة منادى مبني على الضم في محل نصب ، والميم عوض عن حرف النداء المحذوف حرف مبنى على الفتح لا محل له من الإعراب .
2 ـ أن يكون المنادى مشبها به ، كقولك : يا الأسد جرأة .
والتقدير على حذف المنادى ، والأصل : يا مثل الأسد جرأة .
وإعرابه : الأسد منادى مبنى على الضم فى محل نصب .
تنبيه :
1 ـ إذا أردنا مناداة المعرف بأل غير ماسبق ، يصح مناداة بواسطة ، وذلك أن نستعمل كلمة “ أي للمذكر ، وأية للمؤنث “ مع “ ها “ التنبيه ، أو اسم الإشارة ، وتسمى هذه الكلمات وصلة نداء ، أي نتوصل بوساطتها لمناداة الاسم المعرف بأل “ اسم جنس محلى بأل “ . نحو : يا أيها الرجل الكريم . يا أيتها المرأة .
ـ ومنه قوله تعالى { يا أيها الإنسان ماغرك بربك الكريم }2 .
وقوله تعالى { يا أيتها النفس المطمئنة }3 .
1 ـ المنادى المضاف ، وهو المنادى الذي أضيف إلى اسم بعده .
نحو : يا حارس المخيم ، ويا فاعل الخير اقبل .
ـــــــــــــــــــــــ
2 ـ 114 المائدة .
3 ـ 5 الانفطار .
4 ـ 26 الفجر .
ونحو : يا هذا الرجل .
ـ ومنه قول الشاعر :
يا ذا المخوفنا بقتل شيخه حجر تمنى صاحب الأحلام
وإعرابه : يا حرف نداء ، أي منادى مبنى على الضم في محل نصب ، لأنها تعامل معاملة النكرة المقصودة ، وها للتنبيه حرف مبنى على السكون لا محل له من الإعراب .
أما الاسم المعرف بأل فيعرب كالتالي : صفة مرفوعة إذا كان مشتقا .
نحو : يا أيها القادم . يا أيتها المؤمنة .
“ القادم ، أوالمؤمنة “ صفة مرفوعة .
ويعرب بدلا أو عطف بيان إذا كان جامدا .
نحو : يا أيها الرجل . يا أيتها المرأة .
“ الرجل أو المرأة “ بدل من أي ، أو عطف بيان مرفوع .
2 ـ وكما أن “ أي “ قد وصفت باسم محلى بأل ، كذلك توصف باسم موصول محلى بأل . نحو : يا أيها الذي حضر تمهل .
ومنه قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا }1 .
وإعرابه : أى منادى مبنى على الضم في محل نصب ، وها للتنبيه حرف مبنى .
الذي : اسم موصول مبنى على السكون في محل رفع صفة لأي ، والجملة بعده صلة الموصول لا محل لها من الإعراب .
3 ـ توصف “ أي “ باسم إشارة مجرد من كاف الخطاب .
نحو : يا أيها ذا الطالب المقبل .
ـ ومنه قول الشاعر :
ألا أيهذا الزاجري احضر الوغى وإن أشهد اللذات هل أنت مخلدِ
ــــــــــ
1 ـ 9 البقرة .
وإعرابه : أي منادى مبنى على الضم في محل نصب ، وها للتنبيه حرف مبنى على السكون لا محل له من الإعراب .
ذا : اسم إشارة مبنى على السكون في محل رفع صفة لأي على اللفظ .
الطالب : بدل من اسم الإشارة مرفوع بالضمة ، والمقبل صفة للطالب .
فوائد وتنبيهات عامة على المنادى :
1 ـ إذا كان المنادى العلم مبنيا في الأصل بقى على بنائه .
نحو : رحمك الله يا سيبويهِ ، ويا حذامِ لا تهملي عملك ، ويا هذا ، ويا هؤلاء .
إعرابه : سيبويه منادى علم مبنى على الضم المقدر منع من ظهوره حركة البناء ، في محل نصب ، وعلة قولنا إنه مبنى على ضم مقدر ، ولا نقول إنه مبنى على الكسر ، لأن حركة الضم المقدرة تؤثر على تابع المنادى إن كان له تابع .
ومثله : " حذامِ " ، وهو اسم فعل لعلم مؤنث ، واسم الإشارة " هذا " فهو منادى مبنى على الضم المقدر على آخره منع من ظهوره سكون الناء الأصلي .
2 ـ إن كان العلم المفرد موصوفا بكلمة ابن أو بنت بشرط أن يكونا مضافين إلى علم أيضا فلك فيه وجهان :
أ ـ البناء على الضم . ب ـ أو البناء على الفتح .
مثال الأول : يا سعيدُ بنَ محمد أقبل .
وإعرابه : سعيد منادى مبنى على الضم في محل نصب .
ابن : صفة منصوبة بالفتحة الظاهرة .
هذا هو الإعراب المتبع على القاعدة الأصلية للعلم المفرد .
ومثال الثاني: يا سعيدَ بن َ محمد أقبل .
وإعرابه : سعيد منادى مبنى على الضم المقدر منع من ظهوره حركة الإتباع .
( جعل النحاة الفتحة على آخر العلم في هذا الاستعمال تابعة للفتحة الموجودة على آخر الصفة التي هي “ ابن “ ، أو على اعتبار أن المنادى ركب مع صفته تركيب خمسة عشر ، فيبنى على فتح الجزأين ) . وذكرنا وجه البناء على الضم لتأثيره في تابع المنادى .
3 ـ إذا كان العلم المفرد المنادى منقوصا ، مثل : هادي ، وراضي ، وقاضي ، وذاكي ، فليائه وجهان :
أ ـ إبقاؤها ، نحو : يا هادى تقدم .
وإعرابه : هادى منادى مبنى على الضم المقدر من ظهوره الثقل ، في محل نصب .
ب ـ حذفها كما في حالتي الرفع والجر . مثال : يا راضِ لا تهمل الدرس .
إعرابه : راضِ منادى مبنى على الضم المقدر على الياء المحذوفة ، منع من ظهورها الثقل في محل نصب . والوجه الأول أفضل .
4 ـ وإذا كان العلم المنادى مقصورا فلألفه وجهان :
أ ـ إبقاء الألف ، نحو : يا مصطفى ساعد الضعفاء .
ـ ومنه قوله تعالى { يا موسى إني أنا الله رب العالمين }1 .
إعرابه : مصطفى منادى مبنى على الضم المقدر منع من ظهوره التعذر في محل نصب . وهذا هو الوجه الأفضل .
ب ـ حذف الألف وهذا قليل ، نحو : يا مصطفَ .
مصطفَ منادى مبنى على الضم المقدر على الألف المحذوفة منع من ظهوره التعذر في محل نصب .
5 ـ وكما هو الحال في العلم المنقوص ، والمقصور ، يكون نداء اسم الإشارة ، والضمير ، واسم الموصول .
مثال اسم الإشارة : يا هذا الرجل . ومثال الضمير : يا أنت .
ومثال اسم الموصول : يا من قال الحق .
وإعرابها كالآتي :
هذا : منادى مبنى على الضم المقدر منع من ظهوره حركة البناء الأصلية ، في محل نصب . وقس عليه إعراب الضمير ، واسم الموصول .
6 ـ إذا كانت النكرة المقصودة موصوفة ، فالأغلب نصبها دون بنائها على الضم نحو : جزاك الله خيرا يا رجلا مؤمنا .
وإعرابه : رجلا منادى منصوب بالفتحة الظاهرة ، ومؤمنا صفة منصوبة بالفتحة .
7 ـ إذا كان العلم المفرد مكررا مضافا ، جاز فيه وجهان :
أ ـ الضم ، نحو : يا ناصرُ ناصرُ الدين . يا رافعَ رافعَ الحق .
ـ ومنه قول الشاعر :
أيا سعدُ سعدَ الأوس كنت أنت ناصر ويا سعدَ سعدَ الخزرج الغطارف
وإعرابه : سعد “ الأول “ منادى علم مبنى يجوز فيه الضم أو الفتح ، أو الاثنين
معا ، وسعد “ الثاني “ يجب نصبه لإضافته .
أما إذا أعرب المنادى مبنيا على الضم ، كما فى المثال الأول ، وجب في تابعه أن يعرب بدلا أو عطف بيان على المحل ، ويجوز إعرابه منادى بأداة نداء محذوفة ،
أو يعرب مفعولا به لفعل محذوف .
8 ـ إذا تكرر المنادى العلم المفرد ، ولم يصف الثانى ، نحو : يا محمد محمد ، ويا على علي . في هذه الحالة يجب ضم المنادى ، أما مكرره فيجوز فيه الضم على البدلية من المنادى ، كما يجوز فيه الرف والنصب توكيدا لفظيا على محل المندى أو لفظه .
9 ـ هناك من أنواع المنادى ما يجوز أن يتعاقب عليه الضم والنصب ، والمنادى المستحق للبناء على الضم إذا اضطر الشاعر إلى تنوينه ،
ـ كقول الشاعر :
سلام الله يا مطرٌ عليها وليس عليك يا مطرُ السلام
فتنوين كلمة “ مطر “ اضطرار ، والأصل البناء على الضم ، ولكن التنوين زائد ، ومثله في تنوين النصب قول الشاعر :
أعبداً حل في شعب غريبا ألوما لا أبا لك واغترابا
الشاهد : قوله “ أعبدا “ حيث أعرب النكرة المقصودة بالنصب ، والصحيح بناؤها على الضم ، ولهذا الشاهد تخريج هو : اعتبار “ عبدا “ شبيه بالمضاف ، وعليه لا شاهد في البيت ، ولكن فيه تكلف .
10 ـ إذا كان المنادى منصوبا فى لفظه ، فإن تابعه يعطى الحكم الذي يستحقه ، كما لو كان هو المنادى بعينه ، وذلك في حالتين :
أ ـ إذا كان التابع بدلا ، نحو : يا أبا حفص عمر .
“ فعمر “ يجب بناؤه على الضم كما لو كان منادى ، فنقول : يا عمرُ ، لأنه علم مفرد . وإذا قلت : يا أبا على أبا محمد .
فأبا محمد يجب نصبه كما لو كان منادى فنقول : يا أبا محمد ، لأنه منادى مضاف .
ب ـ أن يكون التابع عطف نسق ، مجردا من أل أو الإضافة .
نحو : يا أبا خالد ومحمد . يجب رفع التابع في هذه الحالة .
وفى غير هاتين الحالتين يجب نصب التابع على اعتباره نعتا أو توكيدا أو عطف بيان أو عطف نسق .
مثال النعت : يا طالب العلم الكريمَ .
ومثال التوكيد المعنوي : يا طلاب العلم أجمعين .
ومثال عطف البيان : يا طالب العلم محمدا .
ومثال عطف النسق : يا طالب العلم وطالب المال .
11 ـ ذكرنا أن السم الذي يكون به التمام للمنادى الشبيه بالمضاف ، إما أن يكون مرفوعا أو
منصوبا ، وكذلك يكون مجرورا . نحو : يا خيرا من محمد .
ويا داخلا إلى المنزل .
أو معطوفا عليه قبل النداء . نحو : يا ثلاثة وثلاثين . في تسمية الرجل بذلك .
12 ـ إذا كان تابع المنادى مجرورا ، كما هو الحال في المستغاث ، يجب جر التابع مراعاة للفظ ، نحو : يا لجنود الوطن البواسل .
فيجب جر “ البواسل “ على أنها صفة واجبة الجر لكلمة “ الجنود “ مراعاة للفظها ، لأنهل مجرورة لفظا ، أما البعض فيجيز نصب التابع في هذه الحالة باعتبار المحل لأن المستغاث مجرور لفظا منصوب محلا .
13 ـ جواز ترخيم المنادى ، وهو حذف حرف أو أكثر من آخره ، إذا كان علما مفردا ، أو نكرة مقصودة ، ولك في ذلك خياران من الإعراب :
أ ـ ترك الحرف الخير من الكلمة بعد الحذف على ما هو عليه من الضبط .
نحو : يا فاطمَةُ . بعد الحذف تقول : يا فاطمَ . باعتبار أن الحرف الأخير كان مفتوحا في الأصل .
وإعرابه : فاطمَ منادى مبنى على الضم على التاء المحذوفة للترخيم في محل نصب . ومثله : يا صاحِ ، وأصلها يا صاحِبُ ، بكسر الحاء في الأصل فبعد حذف الحرف الأخير بقي ما قبله على حالته .
وإعرابه : صاح منادى مبنى على الضم على الياء المحذوفة فى محل نصب .
ب ـ مراعاة موقعه من الإعراب باعتباره منادى ، ويكون ذلك ببنائه على الضم .
نحو : يا عائشُ . وأصلها يا عائشَةُ .
وإعرابه : عائش منادى مبنى على الضم في محل نصب .
14 ـ هناك بعض الأسماء الملازمة للنداء في اللغة العربية ، نذكر منها على سبيل المثال : لؤمان ، ملئم ، ملئمان ، وهذا يطلق على كثير اللؤم .
مخبتان ، نومان ، وهذان لكثير الخبث ، وكثير النوم .
فعالى لسب الأنثى ، نحو : خباثى .
ويا قبح وجهك من الجهل . لسب المذكر .
وكذلك : آبتِ ، وآمتِ ، واللهم . وفل ، وفلة ، وهما اسم جنس للإنسان المذكر والمؤنث .
15 ـ هناك بعض السماء التي لا تستعمل في النداء وهي :
أ ـ المضاف إلى ضمير الغائب ، نحو : صديقه ، فلا يجوز فيها القول : يا صديقه
ب ـ اسم الإشارة المتصل بكاف الخطاب ، نحو : ذاك ، فلا يجوز فيها القول :
يا ذاك ، ويا ذلك ، ويا تلك .
16 ـ من الكلمات التي يجوز فيها حذف أكثر من حرف في الترخيم الآتي :
أ ـ الكلمات التي يكون فيها الحرف الذي قبل الأخير زائدا .
ب ـ أن يكون ذلك الحرف حرف علة .
ج ـ أن يكون ساكنا .
د ـ أن يكون ما قبله ثلاثة أحرف أو يزيد .
وأمثلة ذلك : خضران ، دحبور ، جبران ، ونسرين ، وهى أسماء أعلام ، نقول فى ترخيمها :
ياخضرُ ، يا دحبُ ، يا جبرُ ، يا نسرُ .
17 ـ من الكلمات التي يكون المحذوف فيها عند النداء كلمة برمتها ، الكلمات المركبة تركيبا مزجيا ، نحو : حضرموت ، بعلبك ، معدي كرب .
نقول في ترخيمها : يا حضرُ ، يا بعلُ ، يا معدي .
18 ـ ذكرنا أنه لا ينادى شيء مما فيه الألف واللام ، إلا الله عز وجل .
تقول : يا الله . لأن الألف واللام في اسم الله تعالى من نفس الاسم .
أما ما كان معرفا بالألف واللام فيحتاج لمناداته كما أوضحنا سابقا وصلة نداء ، لأن الاسم معرف بأل ، والنداء تعريف أيضا ، لأنك لا تنادي إلا من عرفته ، فكرهوا الجمع بين تعريفين . فلا نقول : يا الرجل ولا يا المرأة ، ونما نقول : يا أيها الرجل ، ويا أيتها المراة ، ويا هذا الرجل . وهكذا كما أوضحناه في موضعه .
وإذا قلت : يا رجل . فلا خطأ في ذلك ، لأن " رجل " كان نكرة قبل النداء ، وصار بمناداته معرفة ، فهو في حكم قولك : يا أيها الرجل .
19 ـ السبب في بناء الاسم المفرد المنادى هو وقوعه موقع غير المتمكن . ألا ترى أنه قد وقع موقع المضمرة والمكنيات ، والأسماء إنما جعلت للغيبة .
لا تقول قام زيد ، وأنت تحذف زيدا عن نفسه ، إنما تقول : قمت يا هذا .
فلما وقع زيد وما أشبهه بعد " يا " في النداء موقع أنت ، والكاف ، وأنتم ، وهذه مبنيات لمضارعتها الحروف بنى المفرد مشابهة لها ، {1} وجاء بنائه على الضم لأنه يشبه الظروف عند انقطاعها عن الإضافة ، فنقول : من قبلُ ، ومن بعدُ ، فبنيت على الضم ، لذلك عندما بنيت كان بناؤها على الحركة التي لم توجد من قبل وهي الضمة ، وكذا الحال في بناء الاسم المفرد ، نحو : يا محمدُ ، ويا رجلُ .
20 ـ يصح وصف المنادى العلم المفرد وما أشبهه ، نحو : يا أحمدُ الطويلُ ، أو الطويلَ . فترفع الصفة على اللفظ ، وتنصب على الموضع " المحل " .
أما إذا وصفته بمضاف ، نصبت الوصف لاغير ، لأنه لو وقع موقع " أحمد " لم يكن إلا منصوبا ، نحو : يا أحمدُ ذا المنطلق . ويا محمدُ صاحبَ أخي .
21 ـ يصح توكيد المنادى العلم ، نحو : يا تغلب كلكم ، ويا محمدون جميعهم .
أما إذا قلت : يا تغلب أجمعون ، فأنت فيه بالخيار ، إن شئت رفعت ، وإن شئت نصبت ، فحكم التأكيد حكم التعت ، إلا أن النعت يجوز فيه النصب على إضمار " أعنى " ، ولا يجوز في " أجمعون " ذلك .
22 ـ يصح البدل ، تقول : يا محمدُ محمدٌ المجتهد ، ويا أحمد صديقنا .
لأن تقدير البدل أن يقوم الثاني مقام الأول ، فيعمل فيه ما عمل في الأول ، فقولنا : يا أحمد صديقنا ، كقولنا : يا صديقنا .
23 ـ ويصح عطف البيان ، وهو كالنعت تماما ، لا يلزم فيه طرح التنوين ، كما لا يلزم في النعت طرح الألف واللام ، تقول : يا علىُ علياً . فتعطف على الموضع ، ويا علىُ علىٌ . عطفا على اللفظ .
24 ـ لا يجوز في وصف " أي " عند النداء النصب ، لأنها لا تستعمل مفردة ، فإن وصفت الصفة بمضاف ، فهو مرفوع ، لأنك إنما تنصب المنادى فقط .
نحو : يا أيها العالم ذو الخلق .
ـــــــــــــــــــ
1 ـ الأصول في النحو ، ج 1 ص 333 .
ـ ومنه قول الشاعر :
يا أيها الجاهل ذو التنزِّي لا توعدني حية بالنكز
الشاهد : قوله " الجاهل ذو " فقد روي " ذو " بالرفع لأنه صفة لجاهل ، وجاهل صفة مرفوعة لأى ، غير أن البعض أجاز نصب " ذو " فقال في رواية :
" يا أيها الجاهل ذا التنزي " على جعل أن " ذا " بدل من " أي " على الموضع .
25 ـ إذا وصف المنادى العلم بمضاف ، وجب نصب المضاف .
نحو : يا محمد ذا العلم .
أما في قولهم : يا يوسفُ الحسنَُ الوجه ، فإن سيبويه يجيز الرفع والنصب في الصفة ، لأن معناه عنده الانفصال ، فهو كالمفرد في التقدير ، لأن حسن الوجه بمنزلة حسن وجهه .
26 ـ ذكر سيبويه أن سبب نصب المنادى المضاف كما فى قولنا : يا حارس المخيم.
إنما ذلك على إضمار الفعل المتروك إظهاره ، والتقدير : أدعو حارس المخيم .
أما المبرد فجعل ناصبه حرف النداء ، بدلا من الفعل أدعو ، أو أريد .
27 ـ إذا تكرر اسمان لفظهما واحد في نداء المضاف ، وكان الثاني مضافا ، فالأحسن الضم في الأول ، والنصب في الثاني لأنه مضاف .
نحو : يا أهلُ أهلَ الخير ارحموا المساكين .
فلو لم يكرر لبقى الاسم الأول على حاله وهو النصب ، لأنه مضاف .
نحو : يا أهل الخير . فلما كرروا بنوا الاسم الأول على الضم باعتباره نكرة مقصودة ، ونصبوا الثاني باعتباره منادى مضاف ، ولك الخيار في أن تجعل الاسم الثاني بدلا من الأول ، وإن شئت كان معطوفا عليه عطف بيان .
ويجوز فيه على الوجه الثاني نصب الاسم الأول بدون تنوين ، كأنك قلت : يا أهلَ الخير . فأقحمت الاسم الثاني توكيدا لفظيا للأول ، وإما حذفت من الأول المضاف إليه وهو كلمه " خير " استغناء عنه بالمضاف إليه في " أهل " الثانية .
والتقدير : يا أهل الخير أهل الخير .
والوجه الأول أجود وأحسن ، لما في الثاني من تكلف .
56 ـ ومنه قول جرير :
يا تيمَُ تيمَ عدى لا أبا لكُمُ لا يلقينكم فى سوأة عمرُ
الشاهد : يا تيم تيم عدى بضم " تيم " الأولى ونصبها ، والبناء على الضم أجود .
27 ـ إذا وصف المنادى المضاف باسم مفرد أو بمضاف ، وجب في الوصف النصب ، نحو : يا لاعبَ الكرة الطويلَ . ويا لاعبَ الكرة طويلَ القامة .
لأنه منصوب على اللفظ والمحل ، فكلاهما منصوب ، إذ إن الأصل في المنادى النصب ، والمنادى المضاف منصوب لفظا ومحلا .
28 ـ وكذلك الحال في الاسم المفرد ، أو المضاف الواقع بدلا من المنادى المضاف يجب فيه النصب . نحو : يا شيخنا محمداً أقبل ، ويا شيخنا محمدَ الفضل .
ويصح في " محمد " أن تكون عطف بيان ، لأن عطف البيان يجري مجرى النعت .
29 ـ ذكر سيبويه أن " هناهُ ، ونومان ، وفل " أسماء اختص بها النداء ، فهناه ونومان مما لحقه الزيادة في آخره عند النداء ، وأصله : هن ، ونوم ، فقالوا في النداء : يا هناه أقبل ، ومعناه يا رجلُ ، ويا نومان الكثير النوم ، ولا يكون ذلك في غير النداء ، لأنه كناية للنداء .
ويا هناهُ ، ويا نومانُ ، مبنيان على الضم .
أما ما حذف من آخره في النداء قولهم في " فلان " : يا فل أقبل .
ويقول أيضا في : يا فل أقبل . أن فل لم يجعله العرب اسما حذفوا منه شيئا يثبت في غير النداء ، ولكنهم بنوا الاسم على حرفين ، وجعلوه بمنزلة " دم " ، وبنى على حرفين لأن النداء موضع تخفيف ، ولم يجز في غير النداء ، كما أنه لا يدخل في باب الترخيم ، لأن الثلاثي غير العلم لا يرخم {1} .
ــــــــــــــــــــــ
1 ـ الأصول في النحو ج 1 ص349 .