حروب قتل الذات العربية
حيث تكون الأزمات والمشاكل الكبرى مدخلا رئيسيا لتوحيد البشر للتغلب عليها.وفى العصر الحديث مع انتهاء الحروب العالمية التى مزقت ودمرت العديد من دول العالم الغربى سرعان ما تم التغلب عليها من خلال علاقات المصالح المشتركة التى تجاهلت كل عوامل الفرقة وقاومتها بعلاقات المصالح المشتركة التى نجحت فى صعود العديد من الكيانات الكبرى فى العالموفى مقدمتها الإتحاد الأوروبى والنمور الآسيوية ...الخ.
المؤسف أننا عكس جميع التجمعات الناجحة الحدية فى العالم نعيش على امجاد الحضارة العربية القديمة وعلى العوامل المشتركة التى تجمعنا من وحدة اللغة والدين والأرض المشتركة والعادات والتقاليد ولكنا بكل أسف لم نحسن استثمارها لتحقيق الوحدةالمنشودة أو على الأقل لتكامل العربى لصالح المواطن العربى الذى فقد الثقة فى مسيرة العمل العربى المشترك التى انطلقت من منتصف الاربعينات وعلى مدى تاريخها لم تنجح فى تحقيق الحد الأدنى من طموحات وآمال وأحلام المواطن العربى وذلك نتيجة للأساليب التقليدية التى سارت وتسير عليها منظومة بيت العرب الجامعة العربية، والتعامل برد الفعلوليس الفعل لمواجهة المشاكل والقضايا المتعددة واصدار بيانات الشجب والإدانة والقراراتوالبيانات المعدة سلفا قبيل عقداجتماعات القمة والمجلس الوزارى وصدورها بالإجماع ورغم ذلك لا تلتزم غالبية الدول الأعضاء بتنفيذها نتيجة غياب مبدأ الثواب والعقاب بين الدول الأعضاء ال22 فى منظومة العمل العربى المشتركوالهم هو غياب المشاركة الشعبية فى منظومة العمل العربى المشتركرغم وجود برلمان عربى صورى مجرد من كل الصلاحيات التى تتمتع بها برلمانات التجمعات الكبرى فى العالم. ومن قضية العرب الأولى فلسطين إلى تصدرت إلى فقرة قريبة البند الأول فى جداول اجتماعات الجامعة على مختلف مستوياها إلا أنها لم تحرر بعد ولم تقم دولتها المستقلة رغم التضحيات المتعددة التى قدمتها الأمة العربية من أجل فلسطين التى رحلت مثل غالبية قضايانا للمجتمع الدولى لتحمل مسئوليته امام العجز العربى فى حلها والاخطر هو استدعائنا لقوات حلف الناتو وغيرها للتدخل العسكرى فى الدول النفطية لحل أزماتنا متناسين أنها فى الاساس من صنع الآخر الذى يسير على المبدأ الاستعمارى القديم فرق تسد وللأسف نجح فى تحقيقه بالاستعمارالحديث عن بعد. مخطط ما نشهده من حروب إرهابية لقتل الذات العربية والإسلامية بدأت مخططاتها فور الانتصارالعربى على إسرائيل فى أكتوبر 1973وإعلان هنرى كيسنجر وزير الخارجية الامريكى الأسبق أنها آخر الحروب بين العرب وإسرائيل وأن الحروب القادمة بالمنطقة عربية عربية.وكما هى العادة العربية، لم يتم التعامل معها بالجدية المطلوبة بسرعة العمل على نزع العوامل التى تساعد الآخرعلى إشعال الحروب إعتمادا على تراكم الأخطاء ومشاكلنا الداخلية التى لم نسارع بحلها نتيجة تركيز مسيرة العمل العربى المشتر ك على القضايا السياسية التى لم تحل تم اهمال كامل لتحقيق التكامل الاقتصادى والاجتماعى والثقافى والاستثمار الجماعى الامثل للموارد المتعددة التى انعم الله على الامة العربية بها وأهدرتها فى خلافات وصراعات ومواجهة مؤامرات فرضت عليهامن أجل تمزيقها إلى دويلات متصارعة بأيدى القلة من ابنائها والعملاء بدعم القوى الاقليمية والدولية المتحالفة من أجل مصالحها للسيطرة على المنطقة إلى أن نجحت ثورة 30 يونيو المصرية فى إنقاذ أرض الكنانة.وتتواصل فصول المأساة والملهاة العربية الإسلامية الحديثة فى السودان والصومال الحاضر الغائب وتقف على أبواب الخليج العربى والعديد من دولنا العربية التى ماتزال بكل أسف مؤسساتها العربية والإسلامية عاجزة عن تجميع العقول والخبرات العربية من أجل وضع استراتيجية لوقف تدمير الذات العربية بالمواجهة الشاملة لمعالجة عوامل الضعف المتعددة التى تم استغلالها من الآخر كتربة صالحة لنمو وتصاعد الأعمال الإرهابيةفهل نتحرك بنوبة استيقاظ عربية إسلامية عالمية شاملة من أجل إنقاذنا من أنفسنا ومن الآخر المتآمر علينا؟
الأهرام