الشمس
" الشمس "
لحافظ إبراهيم
لاحَ منها حاجبٌ للناظرِينْ *** فنَسُوا بالليلِ وَضّاحَ الجَبينْ
ومَحَتْ آيَتُها آيَتَهُ *** وتَبَدّتْ فتنَةً للعالَمينْ
نَظَرَ ابراهامُ فيها نَظرَةً *** فأرَى الشكَّ وما ضّلَّ اليقينْ
قال: ذا رَبّي، فلمّا أفَلَتْ *** ((قال: إنّي لا أُحبُّ الآفِلينْ))
ودَعَا القَومَ إلى خالِقِها *** وأتَى القَومَ بسُلطانٍ مُبِينْ
رَبّ إن الناسَ ضَلّوا وغَوَوا *** ورأوا في الشمس رأيَ الخاسرينْ
خَشَعَتْ أبصارُهمْ لمّا بَدَتْ *** وإلى الأذقانِ خَرّوا ساجدينْ
نَظَروا آياتِها مُبصِرَةً *** فعَصَوا فيها كَلامَ المُرسَلِينْ
نَظَرُوا بَدرَ الدُّجَى مرْآتَها *** تَتَجَلّى فيهِ حيناً بعدَ حينْ
ثمّ قالوا: كيفَ لا نَعبُدُها *** هلْ لها فيما تَرَى العَينُ قَرينْ
هيَ أُمُّ الأرضِ في نِسبَتِها *** هيَ أُمُّ الكَونِ والكونُ جَنين
هيَ أُمُّ النّارِ والنّورِ مَعاً *** هيَ أُمُّ الرّيحِ والماءِ المَعينْ
هيَ طَلعُ الرَّوضِ نَوراً وجنىً *** هي نَشَرُ الوّردِ، طيبُ الياسَمينْ
هيَ مَوتٌ وحَياةٌ لِلوَرى *** وضَلالٌ وهُدىً للغابرِينْ
صَدَقوا لكنّهمْ ما عَلِمُوا *** أنّها خَلْقٌ سيَبلَى بالسّنينْ
أإلهٌ لَم يُنَزِّهْ ذاتَهُ *** عَن كسوفٍ؟ بئس زَعَمُ الجاهلينْ
إنّما الشمسُ وما في آيِها *** مِن مَعانٍ لَمَعتْ للعارِفِينْ
حِكمَةٌ بالِغَةٌ قد مَثّلَتْ *** قُدرَةَ اللهِ لقَومٍ عاقِلِينْ