تربية الصقور بقبيلة لقواسم
تعتبر قبيلة القواسم المتواجدة جنوب شرق منطقة الزمامرة من القبائل الدكالية العريقة التي تشتهر بتربية الصقور حيث تعتبر تربية الصقور تقليدا متوارثا منذ القدم ويمثل هذا التقليد هواية عريقة اشتهرت بها هذه المنطقة وقد ظلت تربية الصقور قائمة إلى زمننا هذا إلى اليوم بحكم تشبث أهل القواسم بهذه الهواية القديمة وتوارثها عبر مر الزمن وتنفرد تربية والصيد بالصقور بمجموعة من الطقوس والعادات التي تواكب تربية الصقور وعملية الصيد بها حيث أصبحت هذه الهواية المتوارثة سمة كل أهل وسكان قبيلة القواسم.
ويحتل الصقر أو الطير الحر كما يحلو لأهل القواسم تسميته، مكانة متميزة في حياة سكان هذه القبيلة العريقة إذ لا يكاد يخلو بيت من بيوتها من هذا الطائر الذي يحاط بعناية خاصة حيث يحتل مكانة مهمة ويعتبر جزءا من العائلة. فلأهل القواسم علاقة وطيدة وحميمية بهذا الطائر لذلك يضحون بالكثير من أجل تربيته والعناية به حيث أن طائر الحمام الذي يقتات عه الصقر هو أول ما يقتنيه البيازة عند ذهابهم إلى السوق. فالصقر يستهلك أزيد من 30 طير في الشهر لذلك أضحت تكاليف تربية الصقور تثقل كاهل البيازة في غياب أي دعم من أي جهة كانت، وللإشارة فإن حجم هذا الطائر الذي اشتهرت بتربية وتدريبه على الصيد قبيلة القواسم يصل إلى 48 سنتمتر ويزن ما بين 700 و 900 غراما في حين يصل مدى الرؤية لديه إلى 8 كيلومترات ويتميز هذا الطائر بقوة المنقار والاضافر الحادة وكذا بسرعته الفائقة التي تتراوح ما بين 200 إلى 250 كيلومتر في الساعة.
أما متوسط عمره فهو يصل إلى ما بين 45 و 50 سنة. وحسب مجمعة من المراجع التاريخية والروايات فإن تربية والصيد بالصقر تعتبر أول رياضة عرفها تاريخ الانسانية، حيث كانت تمارس مئات السنين قبل الميلاد. وقد مارسها الرومان والفرس والصينيون.
والحديث عن القواسم لا يتم دون استحضار ارتباطهم بهذا النوع من الطيور. فهم مولوعون بحب هذا الطائر الذي تعتبر تربيته موروثا أصيلا. فهو تقليد ضارب في القدم، ويعتبر مفخرة لأهل القواسم.يتم الاحتفال به في المناسبات والمواسم و الأعياد ، إنه تقليد راسخ يصنع فخر وتميز قبائل دكالة، يؤثث أفراحها بفرجة متميزة وهائلة لا يتنيهم عن ذلك زحف سنوات العمر أو ضيق ذات اليد ولا تجاهل وجحود من يفترض أنهم القيمون على صون تراث، شكل جانبا مشرقا لهوية هذه المنطقة بصفة خاصة والمغرب بصفة عامة.
يؤكد جل الممارسين أن تربية الصقور ورثت عن ألاجداد الذين اشتهروا منذ زمن بعيد بممارسة هذه الهواية، وتميزهم بهذا الموروث الأصيل واستماتتهم في المحافظة عليه فضلا عما عرف عنهم من ورع ديني وحبهم لركوب الخيل. وقد أثار تقدم السن عند معظم ممارسي هذه الهواية، مخاوف لدي عدد من المحبين والغيورين على هذا التقليد الضارب في القدم من اندثاره وحتم بالتالي التفكير في إيجاد الخلف لخير سلف الذي يمكنه حمل لواء مواصلة المشوار والحفاظ على هذا الموروث،
إن تقليد الصيد بالصقور لازال حاضرا إلى يومنا هذا. وهذا التقليد يعد مثالا صارخا لما يزخر به عمق إقليم سيدي بنور من نفائس تراثية في أمس الحاجة إلى رد الاعتبار لها وتوظيفها على نحو يجعل منها مرآة تعكس أصالة هذه المنطقة التاريخية ورافدا مهما يثري منتوجها السياحي.
حسن بن دحمان