منظومة الأغاني في عشرة الإخوانِ
منظومة الأغاني
في عشرة الإخوانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يَقُولُ رَاجِي الصَّمَدِ ** عليٌّ ابْنُ أَحْمَدِ
حَمْدًا لِمَنْ هَدَانِي ** بِالنُّطْقِ وَالبَيَانِ
وَأَشْرَفُ الصَّلاَةِ ** مِنْ وَاهِبِ الصِّلاَتِ
عَلَى النَّبِيِّ الهَادِي ** وَآلِهِ الأَمْجَادِ
وَبَعْدُ فَالكَلاَمُ ** لِحُسْنِهِ أَقْسَامُ
وَالقَوْلُ ذُو فُنُونِ ** فِي الجِدِّ وَالمُجُونِ
وَرَوْضَةُ الأَرِيضِ ** اَلسَّجْعُ فِي القَرِيضِ
وَالشِّعْرُ دِيوَانُ العَرَبْ ** وَكَمْ أَنَالَ مِنْ أَرَبْ
فَانْسَل إِذَا رُمْتَ الأَدَبْ ** إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ حَدَبْ
رِوَايَةُ الأَشْعَارِ ** تَكْسُوالأَدِيبَ العَارِي
وَتَرْفَعُ الوَضِيعَا ** وَتُكْرِمُ الشَّفِيعَا
وَتُنْجِحُ المَآرِبَا ** وَتُصْلِحُ المَعَائِبَا
وَتُطْرِبُ الإِخْوَانَا ** وَتُذْهِبُ الأَحْزَانَا
وَتُنْعِشُ العُشَّاقَا ** وَتُؤْنِسُ المُشْتَاقَا
وَتَنْسَخُ الأَحْقَادَا ** وَتُثْبِتُ الوِدَادَا
وَتُقْدِمُ الجَبَانَا ** وَتَعْطِفُ الغَضْبَانَا
فَقُمْ لَهُ مُهْتَمَّا ** وَاحْفَظْهُ حِفْظًا جَمَّا
وَخَيْرُهُ مَا أَطْرَبَا ** مُسْتَمِعًا وَأَعْجَبَا
وَهَذِهِ أُرْجُوزَهْ ** فِي فَنِّهَا وَجِيزَهْ
بَدِيعَةُ الأَلفَاظِ ** تَسْهُلُ لِلحُفَّاظِ
تُطْرِبُ كُلَّ سَامِعِ ** بِحُسْنِ لَفْظٍ جَامِعِ
أَبْيَاتُهَا قُصُورُ ** وَمَا بِهَا قُصُورُ
ضَمَّنْتُهَا مَعَانِي ** فِي عِشْرَةِ الإِخْوَانِ
تَشْرَحُ لِلأَلبَابِ ** مَحَاسِنَ الآدَابِ
فَإِنَّ خَيْرَ العِشْرَهْ ** مَا حَازَ قَوْمٌ عُشْرَهْ
وَأَكْثَرُ الإِخْوَانِ ** فِي الوَصْلِ وَالأَوَانِ
صُحْبَتُهُمْ نِفَاقُ ** مَا شَانَهَا وِفَاقُ
يَلقَى الخَلِيلُ خِلَّهُ ** إِذَا أَتَى مَحِلَّهُ
بِظَاهِرٍ مُمَوَّهِ ** وَبَاطِنٍ مُشَوَّهِ
يُظْهِرُ مِنْ صَدَاقَهْ ** مَا هُوَ فَوْقَ الطَّاقَهْ
وَالقَلبُ مِنْهَا خَالِي ** كَفَارِغ المَخَالِي
حَتَّى إِذَا مَا انْصَرَفَا ** أَعْرَضَ عَنْ ذَاكَ الصَّفَا
وَإِنْ يَكُنْ ثَمَّ حَسَدْ ** أَنْشَبَ إِنْشَابَ الأَسَدْ
فِي عِرْضِهِ مَخَالِبَهْ ** مُسْتَقْصِيًا مَثَالِبَهْ
مُجْتَهِدًا فِي غِيبَتِهْ ** لَمْ يَرْعَ حَقَّ غَيْبَتِهْ
فَهَذِهِ صُحْبَةُ مَنْ ** تَرَاهُ فِي هَذَا الزَّمَنْ
فَلاَ تَكُنْ مُعْتَمِدَا ** عَلَى صَدِيقٍ أَبَدَا
وَإِنْ عَصَيْتَ أَلاَّ ** تَصْحَبَ مِنْهُ خِلاَّ
فَإِنَّكَ المُوَفَّقُ ** بَلِ السَّعِيدُ المُطْلَقُ
وَإِنْ قَصَدْتَ الصُّحْبَهْ ** فَخُذْ لَهَا فِي الأُهْبَهْ
وَاحْرِصْ عَلَى آدَابِهَا ** تُعَدَّ مِنْ أَرْبَابِهَا
وَاسْتَنْبِ مِنْ شُرُوطِهَا ** تُوَقَّ مِنْ سُقُوطِهَا
فَإِنْ أَرَدتَّ عِلمَهَا ** وَحَدَّهَا وَرَسْمَهَا
فَاسْتَمْلِهِ مِنْ رَجَزِي ** هَذَا البَدِيعِ المُوجَزِ
فَإِنَّهُ كَفِيلُ ** بِشَرْحِهِ حَفِيلُ
فَصَّلتُهُ فُصُولاَ ** تُقَرِّبُ الوُصُولاَ
لِمَنْهَجِ الآدَابِ ** فِي صُحْبَةِ الأَصْحَابِ
تَهْدِي جَمِيعَ الصَّحْبِ ** إِلَى طَرِيقٍ رَحْبِ
سَمَّيْتُهُ إِذْ أَطْرَبَا ** بِنَظْمِهِ إِذْ أَغْرَبَا
بِـ«نَغْمَةِ الأَغَانِي ** فِي عِشْرَةِ الإِخْوَانِ»
وَاللهَ رَبِّي أَسْأَلُ ** وَهْوَ الكَرِيمُ المُفْضِلُ
اَلهَادِ لِلسَّدَادِ ** وَمَانِحُ الإِمْدَادِ
فَصْلٌ فِي تَعْرِيفِ الصَّدِيقِ وَالصَّدَاقَةِ
قَالُوا: الصَّدِيقُ مَنْ صَدَقْ ** فِي وُدِّهِ وَمَا مَذَقْ
وَقِيلَ: مَنْ لاَ يُطْعَنَا ** فِي قَوْلِهِ: أَنْتَ أَنَا
وَقِيلَ: لَفْظٌ لاَ يُرَى ** مَعْنَاهُ فِي هَذَا الوَرَى
وَفَسَّرُوا الصَّدَاقَهْ ** بِالحُبِّ حَسْبَ الطَّاقَهْ
وَقَالَ مَنْ قَدْ أَطْلَقَا: ** هِيَ الوِدَادُ مُطْلَقَا
وَالآخَرُونَ نَصُّوا ** بِأَنَّهَا أَخَصُّ
وَهْوَ الصَّحِيحُ الرَّاجِحُ ** وَالحَقُّ فِيهِ وَاضِحُ
عَلاَمَةُ الصَّدِيقِ ** عِنْدَ أُولِي التَّحْقِيقِ
مَحَبَّةٌ بِلاَ غَرَضْ ** وَالصِّدْقُ فِيهَا مُفْتَرَضْ
وَحَدُّهَا المَعْقُولُ ** عِنْدِي أَنَا أَقُولُ:
فَهْيَ بِلاَ اشْتِبَاهِ ** مَحَبَّةٌ فِي اللهِ
فَصْلٌ فِي مَنْ يُصَادَقُ وَيُصَافَى
أَخُو صَلاَحٍ وَأَدَبْ ** ذُو حَسَبٍ وَذُو نَسَبْ
رَبُّ صَلاَحٍ وَتُقَى ** يَنْهَاكَ عَمَّا يُتَّقَي
مِنْ حِيلَةٍ وَغَدْرِ ** وَبِدْعَةٍ وَمَكْرِ
مُهَذَّبُ الأَخْلاَقِ ** يَطْرَبُ لِلتَّلاَقِي
يَحْفَظُ مَا فِي عَيْبَتِكْ ** يَصُونُ مَا فِي غَيْبَتِكْ
يَزِينُهُ مَا زَانَكَ ** يَشِينُهُ مَا شَانَكَ
يُظْهِرُ مِنْكَ الحَسَنَا ** وَيَذْكُرُ المُسْتَحْسَنَا
وَيَكْتُمُ المَعِيبَا ** وَيَحْفَظُ المَغِيبَا
يَسُرُّهُ مَا سَرَّكَا ** وَلاَ يُذِيعُ سِرَّكَا
إِنْ قَالَ قَوْلًا صَدَقَكْ ** أَوْ قُلتَ قَوْلًا صَدَّقَكْ
وَإِنْ شَكَوْتَ عُسْرَا ** أَفَدتَّ مِنْهُ يُسْرَا
يَلقَاكَ بِالأَمَانِ ** فِي حَادِثِ الزَّمَانِ
يُهْدِي لَكَ النَّصِيحَهْ ** بِنِيَّةٍ صَحِيحَهْ
خُلَّتُهُ مُدَانِيَهْ ** فِي السِّرِّ وَالعَلاَنِيَهْ
صُحْبَتُهُ لاَ لِغَرَضْ ** فَذَاكَ لِلقَلبِ مَرَضْ
لاَ يَتَغَيَّرْ إِنْ وَلِيْ ** عَنِ الوِدَادِ الأَوَّلِيْ
يَرْعَى عُهُودَ الصُّحْبَهْ ** لاَ سِيَّمَا فِي النَّكْبَهْ
لاَ يُسْلِمُ الصَّدِيقَا ** إِنْ نَالَ يَوْمًا ضِيقَا
يُعِينُ إِنْ أَمْرٌ عَنَا ** وَلاَ يَفُوهُ بِالخَنَا
يُولِي وَلاَ يَعْتَذِرُ ** عَمَّا عَلَيْهِ يَقْدِرُ
هَذَا هُوَ الأَخُ الثِّقَهْ ** اَلمُسْتَحِقُّ لِلمِقَهْ
إِنْ ظَفِرَتْ يَدَاكَا ** فَكِدْ بِهِ عِدَاكَا
فَإِنَّهُ السِّلاَحُ ** وَالكَهْفُ وَالمَنَّاحُ
وَقَدْ رَوَى الرُّوَاةُ ** السَّادَةُ الثِّقَاتُ
عَنِ الإِمَامِ المُرْتَضَى ** سَيْفِ الإِلَهِ المُنْتَضَى
فِي الصَّحْبِ وَالإِخْوَانِ ** إِنَّهُمُو صِنْفَانِ
إِخْوَانُ صِدْقٍ وَثِقَههْ ** وَأَنْفُسٌ مُتَّفِقَهْ
هُمُ الجَنَاحُ وَاليَدُ ** وَالكَهْفُ وَالمُسْتَنَدُ
وَالأَهْلُ وَالأَقَارِبُ ** أَدْنَتْهُمُ التَّجَارِبُ
فَافْدِهِمُو بِالرُّوحِ ** فِي القُرْبِ وَالنُّزُوحِ
وَاسْلُكْ بِحَيْثُ سَلَكُوا ** وَابْذُل لَهُمْ مَا تَمْلِكُ
فَلاَ يَرَوْكَ مَالِكَا ** مِنْ دُونِهِمْ لِمَالِكَا
وَصَافِ مَنْ صَافَاهُمُو ** وَنَافِ مَنْ نَافَاهُمُو
وَاحْفَظْهُمُو وَصُنْهُمُو ** وَانْفِ الظُّنُونَ عَنْهُمُو
فَهُمْ أَعَزُّ فِي الوَرَى ** إِنْ عَنَّ خَطْبُ أَوْ عَرَى
مِنْ أَحْمَرِ اليَاقُوتِ ** بَل مِنْ حَلاَلِ القُوتِ
وَإِخْوَةٌ لِلأُنْسِ ** وَنَيْلِ حَظِّ النَّفْسِ
هُمْ عُصْبَةُ المُجَامَلَهْ ** لِلصِّدْقِ فِي المُعَامَلَهْ
مِنْهُمْ تُصِيبُ لَذَّتَكْ ** إِذَا الهُمُومُ بَذَّتَكْ
فَصِلهُمُو مَا وَصَلُوا ** وَابْذُل لَهُمْ مَا بَذَلُوا
مِنْ ظَاهِرِ الصَّدَاقَهْ ** بِالبِشْرِ وَالطَّلاَقَهْ
وَلاَ تَسَل إِنْ أَظْهَرُوا ** لِلوُدِّ عَمَّا أَضْمَرُوا
وَاطْوِهِمُو مَدَّ الحُقَبْ ** طَيَّ السِّجِلِّ لِلكُتُبْ
وَقَالَ بِشْرُ الحَافِي ** بَل عِدَّةُ الأَصْنَافِ
ثَلاَثَةٌ فَالأَوَّلُ ** لِلدِّينِ فَهْوَ الأَفْضَلُ
وَآخَرٌ لِلدُّنْيَا ** يَهْدِيكَ نَجْدَ العُليَا
وَثَالِثٌ لِلأُنْسِ ** لِكَوْنِهِ مِنْ جِنْسِ
فَأَعْطِ كُلًا مَا يُحِبّْ ** وَعَنْ سِوَاهُمْ فَاجْتَنِبْ
فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الصَّدَاقَةِ
صَدَاقَةُ الإِخْوَانِ ** اَلخُلَّصِ العُوَّانِ
لَهَا شُرُوطٌ عِدَّهْ ** عَلَى الرَّخَا وَالشِّدَّهْ
وَالرِّفْقُ وَالتَّلَطُّفُ ** وَالوُدُّ وَالتَّعَطُّفُ
وَكَثْرَةُ التَّعَهُّدِ ** لَهَا بِكُلِّ مَعْهَدِ
اَلبِِرُّ بِالأَصْحَابِ ** مِنْ أَحْكَمِ الأَسْبَابِ
وَالنُّصْحُ لِلإِخْوَانِ ** مِنْ أَعْظَمِ الإِحْسَانِ
وَالصِّدْقُ وَالتَّصَافِي ** مِنْ أَحْسَنِ الإِنْصَافِ
دَعْ خِدَعَ المَوَدَّهْ ** وَأَوْجُهًا مُسْوَدَّهْ
فَالمَحْضُ فِي الإِخْلاَصِ ** كَالذَّهَبِ الخَلاَصِ
حِفْظُ العُهُودِ وَالوَفَا ** حَقٌّ لإِخْوَانِ الصَّفَا
عَامِلهُمُو بِالصِّدْقِ ** وَاصْحَبْ بِحُسْنِ الخُلقِ
وَالعَدْلِ وَالإِنْصَافِ ** وَقِلَّةِ الخِلاَفِ
وَلاقِهِمْ بِالبِشْرِ ** وَحَيِّهِمْ بِالشُّكْرِ
صِفْهُمْ بِمَا يُسْتَحْسَنُ ** وَأَخْفِ مَا يُسْتَهْجَنُ
وَإِنْ رَأَيْتَ هَفْوَهْ ** فَانْصَحْهُمُو فِي خَلوَهْ
بِالرَّمْزِ وَالإِشَارَةِ ** وَأَلطَفِ العِبَارَةِ
إِيَّاكَ وَالتَّعْرِيفَا ** وَالعَذَلَ العَنِيفَا
وَإِنْ تُرِدْ عِتَابَهُمْ ** فَلاَ تُسِئْ خِطَابَهُمْ
وَأَحْسَنُ العِتَابِ ** مَا كَانَ فِي كِتَابِ
وَالَعَتْبُ بِالمُشَافَهَهْ ** ضَرْبٌ مِنَ المُسَافَهَهْ
وَعَنْ إِمَامِ النُّجْلِ ** فَاتِكِ كُلِّ فَحْلِ:
عَاتِبْ أَخَاكَ الجَانِي ** بِالبِرِّ وَالإِحْسَانِ
حَافِظْ عَلَى الصَّدِيقِِ ** فِي الوُسْعِ وَالمَضِيقِ
فَهُمْ نَسِيمُ الرُّوحِ ** وَمَرْهَمُ الجُرُوحِ
وَفِي الحَدِيثِ النَّاطِقِ ** عَنِ الإِمَامِ الصَّادِقِ:
مَنْ كَانَ ذَا حَمِيمِ ** يُنْجَى مِنَ الجَحِيمِ
كَقَوْلِ أَهْلِ النَّارِ ** وَعُصْبَةِ الكُفَّارِ:
فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِ ** وَلاَ حَمِيمٍ نَافِعِ
فَالقُرْبُ فِي الخَلاَئِقِ ** أَمْنٌ مِنَ البَوَائِقِ
فَقَارِبِ الإِخْوَانَا ** وَكُنْ لَهُمْ مِعْوَانَا
لاَ تَسْمَعِ المَقَالاَ ** فِيهِمْ وَإِنْ تَوَالَى
فَمَنْ أَطَاعَ الوَاشِي ** سَارَ بِلَيْلٍ عَاشِي
وَضَيَّعَ الصَّدِيقَا ** وَكَذَّبَ الصِّدِّيقَا
وَإِنْ سَمِعْتَ قِيلاَ ** يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلاَ
فَاحْمِلهُ خَيْرَ مَحْمَلِ ** فِعْلَ الرِّجَالِ الكُمَّلِ
وَإِنْ رَأَيْتَ وَهْنَا ** فَلاَ تَسُمْهُمْ طَعْنَا
فَالطَّعْنُ فِي الكَلاَمِ ** عِنْدَ أُولِي الأَحْلاَمِ
أَنْفَذُ فِي الجَنَانِ ** مِنْ طَعْنَةِ السِّنَانِ
فَعَدِّ عَنْ زَلاَّتِهِمْ ** وَسُدَّ مِنْ خَلاَّتِهِمْ
سَل عَنْهُمُو إِنْ غَابُوا ** وَزُرْهُمُو إِنْ آبُوا
وَاسْتَنْبِ عَنْ أَحْوَالِهِمْ ** وَعِفَّ عَنْ أَمْوَالِهِمْ
أَطِعْهُمُو إِنْ أَمَرُوا ** وَصِلهُمُو إِنْ هَجَرُوا
فَقَاطِعُ الوِصَالِ ** كَقَاطِعِ الأَوْصَالِ
إِنْ نَصَحُوكَ فَاقْبَلِ ** وَإِنْ دَعَوْكَ أَقْبِلِ
وَاصْدُقْهُمُو فِي الوَعْدِ ** فَالخُلفُ خُلفُ الوَعْدِ
وَاقْبَل إِذَا مَا اعْتَذَرُوا ** إِلَيْكَ مِمَّا يُنْكَرُ
وَارْعَ صَلاَحَ حَالِهُمْ ** وَاشْفِقْ عَلَى مَحَالِهِمْ
وَكُنْ لَهُمْ غِيَاثَا ** إِذَا الزَّمَانُ عَاثَا
فَصْلٌ فِي الحَثِّ عَلَى إِعَانَةِ الإِخْوَانِ
حَقِيقَةُ الصَّدِيقِ ** تُعْرَفُ عِنْدَ الضِّيقِ
وُتُخْبَرُ الإِخْوَانُ ** إِذَا جَفَا الزَّمَانُ
لاَ خَيْرَ فِي إِخَاءِ ** يَكُونُ فِي الرَّخَاءِ
وَإِنَّمَا الصَّدَاقَهْ ** فِي العُسْرِ وَالإِضَاقَهْ
لاَ تَدَّخِرْ مَوَدَّهْ ** إِلاَّ لِيَوْمِ شِدَّهْ
وَلاَ تَعُدَّ خَلَّهْ ** إِلاَّ لِسَدِّ الخَلَّهْ
أَعِنْ أَخَاكَ وَاعْضُدِ ** وَكُنْ لَهُ كَالعَضُدِ
لاَ سِيَّمَا إِنْ قَعَدَا ** بِهِ زَمَانٌ أَوْ عَدَا
بِئْسَ الخَلِيلُ مَنْ نَكَل ** عَنْ خِلِّهِ إِذَا اتَّكَل
لاَ تَجْفُ فِي حَالٍ أَخَا ** ضَنَّ الزَّمَانُ أَوْ سَخَى
وَإِنْ شَكَا مِنْ خَطْبِهِ ** فَرُمْ مِنَ اللُّطْفِ بِهِ
وَكُنْ لَهُ كَالنُّورِ ** فِي ظُلَمِ الدَّيْجُورِ
وَلاَ تَدَعْ وَلاَ تَذَرْ ** مَا تَسْتَطِيعُ مِنْ نَظَرْ
حَتَّى يَزُولَ الهَمُّ ** وَيُكْشَفُ المُلِمُّ
إِنَّ الصَّدِيقَ الصَّادِقَا ** مَنْ فَرَّجَ المَضَايِقَا
وَأَكْرَمَ الإِخْوَانَا ** إِذَا شَكَوْا هَوَانَا
وَأَسْعَفَ الحَمِيمَا ** وَحَمَّلَ العَظِيمَا
وَأَنْجَدَ الأَصْحَابَا ** إِنْ رَيْبُ دَهْرٍ رَابَا
أَعَانَهُمْ بِمَالِهِ ** وَنَفْسِهِ وَآلِهِ
وَلاَ يُرَى مُقَصِّرَا ** فِي بَذْلِ مَالٍ أَوْ قِرَى
فِعْلَ أَبِي أُمَامَهْ ** فِي خُلَّةِ الحَمَامَهْ
فَإِنْ أَرَدتَّ فَاسْمَعِ ** حَدِيثَهُ لِكَيْ تَعِي
إنْ رُمْتَ أَنْ تُحَدِّثَا ** بِمَا مَضَى أَوْ حَدَثَا
لِتُؤْنِسَ الأَصْحَابَا ** فَأَحْسِنِ الخِطَابَا
وَاخْتَصِرِ العِبَارَهْ ** وَلاَ تَكُنْ مِهْذَارَهْ
وَاخْتَرْ مِنَ الكَلاَمِ ** مَا لاَقَ بِالمَقَامِ
مِنْ فَائِقِ العُلُومِ ** وَرَائِقِ المَنْظُومِ
وَاذْكُرْ مِنَ المَنْقُولِ ** مَا صَحَّ فِي العُقُولِ
وَاجْتَنِبِ الغَرَائِبَا ** كَيْلاَ تُظَنَّ كَاذِبَا
وَإِنْ أَخُوكَ أَسْمَعَا ** فَكُنْ لَهُ مُسْتَمِعَا
وَالزَمْ لَهُ السُّكَاتَا ** وَأَحْسِنِ الإِنْصَاتَا
وَلاَ تَكُنْ مُلتَفِتَا ** عَنْهُ إِلَى أَنْ يَسْكُتَا
وَإِنْ أَتَى بِنَقْلِ ** سَمِعْتَهُ مِنْ قَبْلِ
فَلاَ تَقُل هَذَا الخَبَرْ ** عَلِمْتُهُ فِيمَا غَبَرْ
فَلاَ تُكَذِّبْ مَا رَوَى ** وَدَعْ سَبِيلَ مَنْ غَوَى
اَلمَزْحُ وَالدُّعَابَهْ ** مِنْ شِيَمِ الصَّحَابَهْ
فَإِنَّهُ فِي الخَلقِ ** عُنْوَانُ حُسْنِ الخُلقِ
تُولِي بِهِ السُّرُورَا ** خَلِيلَكَ المَصْدُورَا
فَامْزَحْ مِزَاحَ مَنْ قَسَطْ ** وَكُنْ عَلَى حَدٍّ وَسَطْ
وَاجْتَنِبِ الإِيحَاشَا ** وَلاَ تَكُنْ فَحَّاشَا
فَالفُحْشُ فِي المِزَاحِ ** ضَرْبٌ مِنَ السِّلاَحِ
يَجُرُّ لِلسَّخِيمَهْ ** وَالوَظْنَةِ الوَخِيمَهْ
وَجَانِبِ الإِكْثَارَا ** وَحَاذِرِ العِثَارَا
وَكَثْرَةُ الدُّعَابَهْ ** تَذْهَبُ بِالمَحَابَهْ
وَعَثْرَةُ اللِّسَانِ ** تُوقِعُ بِالإِنْسَانِ
وَاحْمِل مِزَاحَ الإِخْوَهْ ** وَخَلِّ عَنْكَ النَّخْوَهْ
فَالبَسْطُ فِي المُصَاحَبَهْ ** يُفْضِي إِلَى المُدَاعَبَهْ
وَإِنْ سَمِعْتَ نَادِرَهْ ** فَلاَ تَفُهْ بِبَادِرَهْ
لاَ تَغْضَبَنَّ فَالغَضَبْ ** في المَزْحِ مِنْ سُوءِ الأَدَبْ
وَانْظُرْ إِلَى المَقَامِ ** وَقَائِلِ المَقَامِ
فَإِنْ يَكُنْ وَلِيَّا ** وَصَاحِبًا صَفِيَّا
فَقَوْلُهُ وَإِنْ نَبَا ** فَهْوَ الوَلاَءُ المُجْتَبَى
وَإِنْ يَكُنْ عَدُوَّا ** وَكَاشِحًا مَجْفُوَّا
فَقَوْلُهُ وَإِنْ حَلاَ ** لِسَامِعٍ هُوَ البَلاَ
أَلاَ تَرَى لِلعَرَبِ ** تَقُولُ عِنْدَ العَجَبِ
قَاتَلَهُ اللهُ وَلاَ ** تَقُولُ ذَاكَ عَنْ قِلَى
منظومة الأغاني
في عشرة الإخوانِ
( توفيق الصائغ )
https://www.youtube.com/watch?v=iOHtEtJD7Js