أخطاؤنا تصنع أقدارنا
من منا لم يمر بهذه اللحظة!! اللحظة التى تضع فيها أخطاءك بجوار بعضها البعض وهل استطعنا أن نصل بهمتنا من خلال مشوار حياتنا إلى ما كنا نطمح إليه فى البداية، أم أن الأقدار غيرت مصائرنا، وحين ننظر فى نهاية المطاف إلى ما نحن عليه الآن تجدنا مختلفين عما رسمنا وطمحنا إليه، فهل نحن راضون عما حققناه؟!
لو أقدارنا بأيدينا؟! لو كانت أقدرانا بأيدينا، أمر طالما تطرق لأذهاننا عند كل حدث نواجهه سواء كان يروق لنا أم لا، فى كل مرة نستقبل فيها حدث أو نودعه نقف متسائلين عن قدرتنا على تغيير أقدرانا بالشكل الذى يتناسب مع أهوائنا وطموحاتنا، ونحن لا نعرف ما بداخل أقدارنا حتى نتوخى حذرها.
ولذلك علينا أن ندرك أنه لو كانت لدينا الإرادة والمشيئة المطلقتين لتكوين أقدارنا وصياغتها بحد ذاتها لفشلنا فى تحقيق العدالة والموازنة الصحيحة بين أقدارنا وأقدار غيرنا، وذلك لتعارض مصالحنا وأهوائنا مع مصالح وأهواء الآخرين، وقبل كل ذلك لجهلنا المطلق بما هو خير وما هو شر لنا وبما يصلح وما لا يصلح لنا قال تعالى: "وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً" الإسراء 85
تدور بنا الحياة وتأخذنا الدنيا إلى متاهة الخطأ والنسيان، نخطأ ونتمادى، وننسى ونتمادى، حتى نفقد حاضر اللحظة وواقعها.
وفجأة تلطمنا الحياة لطمة قوية مؤلمة دون سابق إنذار فتكون بمثابة العودة من غيبوبة ماوقعنا به، ولكن وقتها نكون قد خسرنا كل شىء.
إما يباغتنا الموت فجأة "وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ".
أو نجد أنفسنا فى دائرة مغلقة وكل شىء مغلق، ونجد قائمة بها فاتورة حساب أخطاءنا دون إعطاء الفرصة للدفاع عن أنفسنا.
ونرى ظهور المنتفعين والمنافقين بعد أن كنا نرى وجوههم، وتصبح أيادٍ من كانوا يصفقون لنا صفعات تلطم وجوهنا، وتتحول نظراتهم إلى سهام مسمومة مصوبة إلى صدورنا، إن لم تقتلنا طعنتها قتلنا سمها، وتتحول ابتسامتهم إلى أفواه مكممة وشفاه مغلقة.
كمموا أفواههم وحجبوا ابتسامتهم وصموا أذانهم، وأغلقوا أعينهم، فبئس من عشير، ولكن من رحمة الله علينا نجد ذرة من الأمل نتشبث بها تكون بمثابة قارب العودة إلى إصلاح ما أفسده قدرنا.
وعلينا حينئذ أن نواجه العواصف والأعصاير، وأن نقوم بترميم لطمات الأمواج التى تخدش قارب العودة وطوق النجاة، حتى لا تحطمه الرياح العاتية ويغرق ونغرق معه وتبتلعنا موجة النسيان، ونجد كل من يتذكرنا يذكر أخطاءنا فقط.
تعلمنا الحياة أن نحذر من أخطائنا أكثر من حذرنا من أخطاء الآخرين ؛ فـ "كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ " (المدّثر، 38)"
تعلمنا الحياة مرارة المصائب؛ هى الدنيا مزج حلوها بمرها لحكمة لا يعلمها إلا الله، أصعب بداية.. أن تخسر كل شيء وتبدأ من جديد بعد فوات الأوان، أصعب الدروس ألا نتعلم من أخطائنا.
وأخيرًا.. علينا أن رأينا سوء الحظ والأَلام أن نعلم وندرك بأنها سيناريو عقولنا وهو نتاج أخرجته أخطاءنا ونفذته وأفعالنا، وعلينا أن نعلم بأن أفعلنا هى من تصنع أقدارنا بمشيئة وإرادة من الله عز وجل.
"رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" {286} البقرة