اللغة العربية تتحدث عن نفسها
اللغة العربية تتحدث عن نفسها
رَجعتُ لنفسى فاتهمت حَصاتـى وناديت قومي فاحتسبت حياتى
رمَوني بعقم في الشباب وليتنـى عَقِمت فلم أجزع لقول عُداتى
وَلدت ولما لم أجد لعرائســــــى رجالاً وأكفاءً وأدتُ بناتــى
وسعت كتاب الله لفظاً وغـــــــاية وما ضقت عن آيٍ به وعِظاتِ
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة وتنسيق أسماء لمخترعـات ؟!
*** *** *** ***
أنا البحر في أحشائه الدرُّ كامــنٌ فهل سائلوا الغواص عن صدفاتى
فيا ويحكم أبلى وتبلى محاسنــى ومنكم وإن عز الدواء أساتى
فلا تكلونى للزمان فإننــى أخاف عليكم أن تحين وفاتى
أرى لرجال الغرب عزاً ومنعـة وكم عُز أقوام بعِزّ لغـــــات
أتوا أهلَهم بالمعجزات تفننــــــاً فيا ليتكم تأتون بالكلمـــات
*** *** *** ***
أيطربكم من جانب الغرب ناعــبُُ ينادى بوأدى في ربيع حياتـى؟
سقى الله في بطن الجزيرة أعْظُمَا يَعزٌّ عليها أن تَلينَ قَناتــى
حَفِظْنَ وِدَادى في البلى وحفظتـُـه لهنّ بقلبِِ دائم الحســــــرات
وفاخرتُ أهلَ الغرب والشرق مطرق حياء بتلك الأعظُمِ النَّخــِـرات
أرى كل يوم بالجرائد مَزلقـــــاً من القبر يُدنينى بغير أَنــَــاة
*** *** *** ***
وأسمعُ للكتاب فى مصرَ ضجـــةً فأعلم أن الصائحين نُعاتــى
أيهجرنى قومى - عفا الله عنهــــم - إلى لغة لم تتصل بــــــرُواة
سَرتْ لَوثةُ الإفرِنج فيها كما سرى لعابُ الأفاعى في مَسيل فُرات
فجاءتْ كثوب ضمَّ سبعين رُقعـةً مُشكّلةَ الألوان مختلفــــــــات
إلى معشر الكُتّابِ والجمعُ حافلُُ بسطتُ رجائى بعد بسطِ شَكاتى
*** *** *** ***
فإما حياةُُ تبعثُ الميتَ في البِلى وتنبت في تلك الرُّموس رُفاتى
وإما ممـاتٌ لا قيامــةَ بعـــده مماتُُ لعَمرى لم يُقسْ بمماتِ
من روائع : حافظ إبراهيم