حتى لا يتعارض إصلاح الموازنة مع العدالة الاجتماعية
أولاً: من وجهة نظرى واستناداً إلى آراء كثير من الاقتصاديين فإن خفض الدعم على الطاقة افتقر للعدالة والمساواة، حيث سيعانى الفقراء والشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى أكثر بكثير من الطبقات العليا لأن نسب الزيادة فى الكهرباء وأنواع البنزين والغاز تنخفض فى الشرائح العليا وترتفع فى الشرائع الدنيا والمتوسطة!!
ثانياً: لتحقيق العدالة كان من المفروض زيادة أسعار استهلاك الشرائح العليا من الكهرباء والغاز وبنزين 95 للمستويات العالمية، لأن الأغنياء قادرون على تحمل هذه الزيادات ولا داعى للانتظار خمس سنوات، فى المقابل كان من الممكن زيادة دعم الكهرباء لشرائح الاستهلاك الدنيا والمتوسطة.
ثالثاً: ربما بسبب ضيق الوقت، لم تمهد الحكومة لقرارات رفع الأسعار ولم توضح آثارها الإيجابية والسلبية للرأى العام، صحيح كانت هناك إشارات وتلميحات لكنها لم تكن كافية، والأخطر أن الحكومة لم تكن لديها القدرة ولا الرغبة فى احتواء الآثار المترتبة على رفع أسعار الطاقة على أسعار السلع والخدمات، لأنها لا تملك الأدوات، فلا وجود الآن لتسعيرة استرشادية أو أجهزة رقابية على الأسواق، ولا قدرة لدى الدولة لتشغيل وسائل مواصلات إضافية أو منافذ لتوزيع السلع والخدمات بأسعار عادلة، وبالتالى لجأت وكالعادة للحل الأمنى، حيث ألقت بمسؤولية مراقبة الأسواق ومنع إضرابات السائقين إلى الشرطة، وهو ما يثقل كاهل الأجهزة الأمنية والتى تتحمل أعباء الحرب على الإرهاب وتنظيم المرور وحل مشكلة الباعة الجائلين واستعادة هيبة الدولة، وكثيرا من المهام التى تخرج عن اختصاصاتها وتتجاوز قدراتها المادية والبشرية.
رابعاً: جولات محلب والوزراء فى الأسواق والميادين مهمة ومطلوبة، لكنها لن تحل مشاكل وآثار ارتفاع الأسعار، لأن الحكومة وقعت فى أخطاء التسرع والتهوين من آثار زيادة أسعار الطاقة والكهرباء، حيث أعلن محلب عن زيادات فى أسعار النقل تتراوح بين 2 - 7% وهى حسابات وهمية قدمتها له جهات حكومية بيروقراطية، لا تفهم أن 7% فى أجرة خط الميكروباص بجنيه تساوى 7 قروش، وهى عملة غير موجودة أصلاً!! أو 14 قرشا فى خط ميكروباص بـ2 جنيه، وهذا نموذج واحد للارتجال والانفصال عن الواقع فى دراسة آثار رفع الأسعار.
خامساً: الخوف من تطبيق النظام الجديد للدعم على بطاقة التموين، والتى هى خط الدفاع الأخير ضد الفقر، حيث أعلن وزير التموين عن تفاصيله، وأنا لا أعرف الرجل شخصيا لكن كثيرا من تصريحاته عن تراجع الأسعار وانضباط الأسعار غير معقولة ويكذبها الواقع، وقد أكد الوزير أن النظام الجديد يمنح لكل فرد مسجل فى البطاقة مواد غذائية بقيمة 15 جنيهاً، وقد التقيت أصحاب بطاقات تموين لأسر مكونة من أربع أو 7 أفراد، وأجرينا حسابات فى ضوء ما أعلنه وزير التموين انتهت إلى أن النظام القديم أفضل من ناحية الأسعار وتكلفة الحصول على السلع التموينية شهرياً، وكمية نوعية المواد الغذائية التى ستحصل عليها الأسر، أرجو الإبقاء على نظام التموين القائم وتحسينه وتطوير آليات رقابته ولا داعى لتغييره حتى لا نفجر غضب الفقراء، وفى المقابل هناك ألف حل لتعويض مخصصات دعم بطاقات التموين، منها زيادة الضريبة على الدخل إلى 40% لأصحاب الدخول المرتفعة، كما هو معمول به فى كثير من دول العالم، ورفع أسعار بنزين 95 لأنه لم يصل كما قيل للأسعار العالمية، وكذلك رفع أسعار الشرائح العليا من الكهرباء والغاز.