الطريق إلى تفسفاس .
من حيث حكم علي القدرأن أعيش وأستقر، جئت إلى أفرا ، حيث مسقط رأسي ، وحيث قضيت أجمل اللحظات و أفضل مراحل عمري ، طفولتي ، قضيت أفضل الأوقات بين حقولها ودروبها و أزقتها ، تلك البلدة التي يعجز لساني عن وصف مدى حبي لها ، تلك البلدة التي أحلم أم تكون أجمل بلدة في الكون ، نعم أحلم ، ومن حقي أحلم ، جئت إليها طالبا للراحة والإستجمام ، جئت أتفقد دروبها وأزقتها الضيقة حيث كنا نلهو ونمرح ، حيث كنا نبدع في صناعة كل ما نحتاج إليه ، كنا نصنع لعبنا بأيدينا ، فالحاجة أم الإختراع .
سألت عن متنفس أقضي فيه وقتا ممتعا ، أرشدوني نحو وادي تفسفاس ، تذكرت الجبال والأشجار وخرير مياه الوادي وشعابه ، تذكرت أيام كنا نرعى الغنم ، في طقس محلي يسمى (تيويلي) ، بين جبالها المكسوة بشتى أنواع العشب والأزهار، بين شعابها وأودياتها التي لا يهدأ خرير مياهها ، ،تذكرت حينما كنا نصطاد الأسماك في ضاياتها المنتشرة على طول الوادي ، تذكرت تلك الشلالات التي لا يهدأ خريرها ، تذكرت أشجار النخيل التي كنا نعد الشاي تحت ظلالها ، تذكرت عشبة (تيميجا) المنتشرة على جنبات الوادي ، وكنا نستعملها في إعداد الشاي والحليب الذي كنا نحتلبه بأيدينا من المعز ، سألت عن الطريق وعن إن كان بإمكاني أن أصل إلى قلب الوادي بالسيارة ، أخبروني أن تماك مسلكا يصل إلى قلب الوادي ، تم إنجازه من أجل فك العزلة عن ساكنة لطالما عانت من ويلات العزلة ، ، فسرت مسرورا مشتاقا تحدوني الرغبة في اكتشاف مناظر خلابة طالما حدثت نفسي عنها .
وأنا في طريقي اكتشفت خدعة ، إسمها الطريق ، وسألت عن ما إن كنت ضللت الطريق ، فقالوا لي إنك في قلب الطريق ، وأنه أعيد ترميمه ، وأنه أصبح أحسن مما كان عليه ، حينها أيقنت أن أفرا التي أحلم بها ، ويحلم بها الكثير من أبنائها ، لن تتحقق ، حينها ازداد يقيني بأن أفرا ستبقى كما عهدتها ، بلدة الإختلالات والإختلاسات ، أيقنت أن كل شيء ينذر بالإفلاس ، لا جديد سوى عن الإختلالات والإختلاسات ، عدت إلى أفرا المركز أقتبس أثر أخبار الطريق ، أخبروني أن بعض اللمسات التي لاترقى إلى مستوى الأشغال تم إنجازها ، قلت في نفسي ، الأمر يتطلب من ساكنة أفرا أن يعيدوا حساباتهم ، وأن يقرروا ما إن كانوا فعلا يريدون النهوض بمنطقتهم ، أم أن اللامبالاة وعدم الحس بالمسؤلية ، جعلت منهم ضحايا ، مغلبون على أمرهم ، أخبروني أن الكل يتحدث وراء الكواليس ، ولا أحد بمقدوره أن ينهي المنكر، ولو بقلبه وذالك أضعف الإيمان ، أيقنت أنهم خدعوني حينما حدثوني عن الطريق ، وأيقنت أنه خدعهم حينما مهدوا له الطريق ، تصبحون على خير.