الكروان
قصيدة الكروان
عباس محمود العقاد
زعموك غير مجدد الألحان *** ظلموك بل جهلوك يا كرواني
قد غيَّرَتْكَ وما تغيِّرُ شاعراً *** عشرون عاماً في طراز بيان
أسمعتني بالأمس ما لا عهد لي ***بسماعه في غابر الألحان
ورويتَ لي بالأمس ما لم تَروِه *** من نغمةٍ و فصاحةٍ ومعان
أنا في لسانك حيث أطلقه الهوى***مرحاً وإن غلب السرور لساني
أنا في ضميرك حيث باح فما أرى***سراً يغيبه ضميرُ زماني
أنا منك في القلب الصغير مُساجلًُ***خفق الربيع بذلك الخفقان
أنا منك في العين التي تهب الكرى***وتضنُّ بالصحوات والأشجان
طِرْ في الظلام بمهجةٍ لو صافحت ***حَجرَ الوِهاد لهمَّ بالطيران
تُغنيكَ عن ريش الجناح وعزْمَه***فرحاتُ منطلق الهوى نشوان
فرحاتُ دنيا لا يكدِّرُ صفوَها *** بِالمَيْن ِ غيرُ سرائرِ الإنسان
علمتني بالأمس سرَّكَ كلَّه ***سرَّ السعادة في الوجود الفاني
سرُّ السعادة نفرةٌ و محبةٌ *** فيكم تؤلف نافر الأوزان
الكون أنتم في صميم نظامه *** وكأنكم فيه الطريد الجاني
أنتم سواءٌ كالصديق وبينكم *** بعدٌ كما يتباعد الخصمان
قلْ ما اشتهيتَ القولَ يا كرواني *** في لهوِ ثرثارٍ وحلمِ رزان
سأعيش مثلك لي وللدنيا معاً *** وأقول مثلك كيف يزدوجان
وأظل تزدحم الحياة بمهجتي *** أبداً ويجتنب الزحام مكاني
في عزلة أنا والحبيب تؤمنا *** دنيا الجمال و نحن منفردان