وصيَّةٌ جامعة
وصيَّةٌ جامعة ونصيحةٌ نافعة
فاحرصْ عليها، وخذها بقوة .
( عن عبَّاد بن عبَّاد الخوَّاص الشامي أبي عتبة قال : أما بعد ،
اتقوا الله وما حدث في قرائكم وأهل مساجدكم؛ من الغيبة والنميمة والمشي بين الناس بوجهين ولسانين !! وقد ذُكر أن من كان ذا وجهين في الدنيا كان ذا وجهين في النار ...
وناصِحوا الله في أمتكم، إذ كنتم حملة الكتاب والسنة ، فإن الكتاب لا يَنطق حتى يُنطق به ، وإن السنة لا تَعمل حتى يُعمل بها ، فمتى يتعلم الجاهل إذا سكت العالم فلم ينكر ما ظهر ولم يأمر بما ترك ؟!! وقد أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ليُبينَّنه للناس ولا يكتمونه ...
اتقوا الله فإنكم في زمان رقَّ فيه الورع، وقلَّ فيه الخشوع ، وحمل العلم مفسدوه، فأحبوا أن يُعرفوا بحمله ، وكرهوا أن يعرفوا بإضاعته ، فنطقوا فيه بالهوى لما أدخلوا فيه من الخطأ، وحرفوا الكلم عما تركوا من الحق إلى ما عملوا به من باطل، فذنوبهم ذنوب لا يُستغفر منها، وتقصيرهم تقصير لا يُعترف به ، كيف يهتدى المستدل المسترشد إذا كان الدليل حائرا ؟!!...
ولا تكتفوا من السُّنة بانتحالها بالقول دون العمل بها ، فإن انتحال السنة دون العمل بها ؛ كذب بالقول مع إضاعة العلم ...
فليكن أمركم فيما تنكرون على إخوانكم نظرًا منكم لأنفسكم، ونصيحة منكم لربكم، وشفقة منكم على إخوانكم ، وأن تكونوا مع ذلك بعيوب أنفسكم أعنَى منكم بعيوب غيركم، وأن يستفطم بعضكم بعضًا النصيحة ، وأن يحظى عندكم من بذلها لكم وقبلها منكم ، وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه :
" رحم الله من أهدى إليَّ عيوبى ".
تحبون أن تقولوا فيحتمل لكم ، وإن قيل لكم مثل الذي قلتم غضبتم ،
تجدون على الناس فيما تنكرون من أمورهم، وتأتون مثل ذلك ، فلا
تحبون أن يؤخذ عليكم ،
اتهموا رأيكم ورأي أهل زمانكم، وتثبتوا قبل أن تكلموا ، وتعلَّموا قبل أن تَعملوا ، فإنه يأتي زمان يشتبه فيه الحق والباطل ، ويكون المعروف فيه منكرًا، والمنكر فيه معروفًا ، فكم من متقرب إلى الله بما يباعده، ومتحبب إليه بما يبغضه عليه !! ) .
أخرجه الدارمي - رحمه الله - بإسناده في سُننه.