بين الديمقراطية ورغيف الخبز
الأهم فالمهم, أو فقه الأولويات إذا جاز لنا أن نسميه كذلك, أو الواجب والأوجب كما عبر عنه الإمام الشافعى إذ يقول: من واجب الناس أن يتوبوا، لكن ترك الذنوب أوجب فهناك الأهم ثم المهم والواجب والأوجب ومن المهم أن يعيش الناس فى جو ديمقراطى فى كل مناحى الحياة على مستوى الفرد وعلى مستوى الأسرة, فى الحى الذى نعيش فيه بأن نختار رئيس الحى, منصب رئيس الحى يكون بالانتخاب لا بالتعيين وأن يكون من أبناء الحى فهو أدرى بشعابه ومشاكله ودروبه وحواريه, إننا لو فعلنا ذلك لأحدثنا طفرة كبيرة فى المجال الديمقراطى, ومهم أيضا أن يكون منصب المحافظ بالانتخاب لا بالتعيين، ويفضل أن يكون من أبناء المحافظة أيضًا أو من رؤساء الحى الذين تم انتخابهم سلفا، واثبتوا جدارة فى أحيائهم, هكذا يحدث فى كل الدول المشهود لها بممارسة الديمقراطية, فكل عمد ورؤساء المدن وحكام الولايات لهم تاريخ يسبقهم من الإنجازات, حتى إذا ما تم تصعيد أحدهم وتولى أحد الحقائب الوزارية، طبقا لمعايير صارمة ومنافسة شريفة لا مجال فيها للمجاملات.. كان له ما يشفع له من الإنجازات ما يطمئن المواطن, هناك كل شىء محسوب ويصب فى صالح المواطن دافع الضريبة التى تمول بها كل المشروعات وتمتد الممارسة الديمقراطية، لتشمل انتخاب رؤساء الجامعات وبدورهم يختاروا عمداء الكليات الذين يعينون رؤساء الأقسام طبقًا لمعايير شفافة, هكذا يعتاد الشعب على الممارسة الديمقراطية وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية, وقد عرفنا كل مرشح من تاريخه السياسى والثقافى والفكرى ورؤيته وما يمكن أن يضيفه للوطن, هذا مهم جدًا فى حياة الشعوب, لكن حاجة كل شعب تختلف من وقت لآخر طبقاً لمستوى التعليم ونسبة الأمية والحالة الاقتصادية ومستوى معيشة الفرد, كل هذا ينعكس بشكل أو بآخر على الممارسة الديمقراطية, وفى حالتنا تلك ومع تفشى الجهل والمرض والبطالة وزيادة نسبة الفقر فى المجتمع تظل الدعوة إلى الممارسة الديمقراطية نوع من الترف، وأمل يداعب الشعب فى حياة يتصورونها أفضل, مازال الوقت مبكرا على الممارسة الديمقراطية التى لم نعتادها طوال أكثر من ستين عامًا, مازالت قضايا الجوع والبطالة ومكافحة الأمراض التى أصبحت ظاهرة فى مجتمعنا المصرى، مازالت نسبة الأمية تعادل نسبة من يعيشون تحت خط الفقر, رفقًا بهذا الوطن الجريح, رفقًا بمحدودى الدخل والصحة والتعليم, ملح الأرض وطينها, من يحتاجون لكسرة خبز وشربة ماء نظيف وعدالة وكرامة فذلك هو الأهم والمهم.