ما بين جبروت الظالم وتقوى العالم
ما بين جبروت الحجاج بن يوسف الوالي الظالم
وتقوى سعيد بن جبير العالم الخاشع
لما أراد الحجاج قتل سعيد بن جبير قال له " اختر أي قتلة تريد أن أقتلك بها ؟ " فرد عليه سعيد بن جبير " اختر لنفسك فوالله ما تقتلني قتلة إلا قتلت مثلها في الآخرة "
فقال له الحجاج : " أتريد أن أعفو عنك ؟"
قال :" إن كان فمن الله أما أنت فلا "
فأمر الحجاج بالنطع فبسط وقال " اقتلوه"
فقال سعيد " وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين "
قال الحجاج " حولوه لغير القبلة "
فرد سعيد " أينما تولوا فثم وجه الله "
قال " كبوه على وجهه"
فرد سعيد" منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى " قال " اذبحوه "
قال " أما أني أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له , خذها مني حتى تلقاني يوم القيامة : اللهم لا تسلطه على أحد بعدي يقتله " .
وذبح سعيد على النطع ...وعاش الحجاج بعده أياما قلائل فسلط الله عليه مرض البرودة حتى إنه كان يضع يديه على النار فيحترق جلده ولا يحس بالحرارة ...ثم وقعت الأكلة داخله وأصابه الدود وصار يتمنى الموت ولا يلقاه...لما قدمت يداه ...فبعث إلى الحسن البصري ...فلما حضر الحسن قال للحجاج
" أما قلت لك لا تتعرض للعلماء...قتلت سعيدا " فرد أما أني ما طلبتك لتدعو لي ولكن ليريحني الله مما أنا فيه ...ثم بقي بعض أيام قبل أن يهلك ببلائه وهو يردد " مالي ولسعيد بن جبير! ما لي ولسعيد بن جبير !"