موعظة للحسن البصري
موعظة للحسن البصري
وكان يقول: يا ابن آدم، لا غنى بك عن نصيبِك من الدُّنيا،
وأنت إلى نصيبك من الآخرة أفقر،
مؤمن مُتَّهم، وعِلجٌ أغتمُ، وأعرابيٌّ لا فِقْهَِ له،
ومنافقٌ مكذِّب، ودنياويُّ مُترفٌ،
نعق بهم ناعقٌ فاتَّبعوه، فرَاشُ نارٍ وذِبّان طمَعٍ،
والذي نفسُ الحسن بيدِه
ما أصبحَ في هذه القريةِ مؤمنٌ إلاّ وقد أصبح مهموماً حزيناً،
وليس لمؤمنٍ راحةٌ دونَ لقاءِ اللّهِ،
والناسُ ما داموا في عافيةٍ مستورون،
فإذا نزَلَ بهم بلاءٌ صاروا إلى حقائقهم،
فصار المؤمن إلى إيمانه، والمنافقُ إلى نِفاقه،
أيْ قَوْمُِ، إنّ نعمةَ اللَّه عليكم أفضلُ مِن أعمالكم،
فسارِعوا إلى ربِّكم، فإنّ ليس لمؤمنٍ راحةٌ دونَ الجنة،
ولا يزال العبدُ بخير ما كان له واعظٌ من نفسه،
وكانت المحاسبةُ من هَمِّه .
البيان والتبيين - للجاحظ