فضاءات الدشمية

الدشمية

فضاء القرآن الكريم والسنة النبوية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
مصطفى ذراع البيض
مسجــل منــــذ: 2012-11-29
مجموع النقط: 153.04
إعلانات


مناسك الحج

.....فيا أيها الناس إنكم تستقبلون في هذه الأيام السفر إلى بيت الله ترجون من الله مغفرة الذنوب والآثام وتؤملون الفوز بالنعيم المقيم في دار السلام وتؤمنون بالخلف العاجل من ذي الجلال والإكرام أيها المسلمون إنكم تتوجهون في زمان فاضل إلى أمكنة فاضلة ومشاعر معظمة تؤدون عبادة من أجل العبادات لا يريد بها المؤمن فخراً ولا رياءاً ولا نزهة ولا طربا وإنما يريد بها وجه الله والدار الآخرة فأدوا عباد الله هذه العبادة كما أمرتم من غير غلو ولا تقصير ليحصل لكم ما أردتم من مغفرة الذنوب .....

الحمد لله الذي بعث نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أرسله بالهدى ودين الحق رحمة للعالمين وقدوة للعاملين وحجة على من أرسله إليهم أجمعين واختار له ديناً قيماً مبنياً على الإخلاص لله وعلى التيسير على عباد الله فليس فيه حرج ولا شدة ولا تعسير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خلق فأتقن وشرع فأحكم وهو خير الحاكمين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى على العالمين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيرا …

أما بعد

فيا أيها الناس إنكم تستقبلون في هذه الأيام السفر إلى بيت الله ترجون من الله مغفرة الذنوب والآثام وتؤملون الفوز بالنعيم المقيم في دار السلام وتؤمنون بالخلف العاجل من ذي الجلال والإكرام أيها المسلمون إنكم تتوجهون في زمان فاضل إلى أمكنة فاضلة ومشاعر معظمة تؤدون عبادة من أجل العبادات لا يريد بها المؤمن فخراً ولا رياءاً ولا نزهة ولا طربا وإنما يريد بها وجه الله والدار الآخرة فأدوا عباد الله هذه العبادة كما أمرتم من غير غلو ولا تقصير ليحصل لكم ما أردتم من مغفرة الذنوب والفوز بدار النعيم المقيم قوموا في سفركم وإقامتكم بما أوجب الله عليكم من الطهارة والصلاة وغيرهما من شعائر الدين إذا وجدتم الماء فتطهروا به للصلاة ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ)(المائدة: من الآية6) أدوا الصلاة جماعة لا تتشاغلوا عن جماعة المسلمين بشئ فإن الشغل يمكن قضاؤه بعد الصلاة صلوا الرباعية قصراً فصلوا الظهر والعصر والعشاء الآخرة على ركعتين من خروجكم من بلدكم إلى رجوعكم إليها سواء طالت المدة أم قصرت إلا أن تصلوا خلف الإمام الذي يتم الصلاة فأتموها أربعا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الجماعة ( ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ) اجمعوا بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير حسب ما يتيسر لكم هذا إذا كنتم سائرين في الطريق أما إذا كنتم مقيمين في مكة أو في منى أو غيرهما فالسنة أن لا تجمعوا وعلى المسافر للحج وغيره إذا كان في بلد أن يصلي مع جماعة المسلمين ولا يحل له أن يصلي في رحله إلا أن يكون له عذر وصلوا في السفر جميع النوافل من الوتر وصلاة الليل وركعتي الضحى وسنة دخول المسجد وغيرهما من النوافل إلا ثلاث نوافل فقط وهي راتبة الظهر وراتبة المغرب وراتبة العشاء فالسنة أن لا تصلى هذه الرواتب الثلاث في السفر أيها المسلمون إن أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا فتخلقوا بالأخلاق الفاضلة من الصدق والسماحة وبشاشة الوجه والكرم بالمال والبدن والجاه ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين)(البقرة: من الآية195) واصبروا على المشقة والأذى في السفر فإن الله مع الصابرين وقد قيل إنما سمي السفر سفراً لأنه يسفر عن أخلاق الرجال فإذا وصلتم الميقات فأحرموا من أول ميقات تمرون به أو تحاذونه إذا كنتم في الطائرة فاغتسلوا في الميقات وتطيبوا في أبدانكم في الرأس واللحية بأطيب طيب تجدونه وأكثروا في الرأس واللحية منه فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُرى وبيص المسك في مفارقه وهو محرم والبسوا ثياب الإحرام غير مطيبة إزاراً ورداءاً أبيضين للذكور وللنساء ما شئن من الثياب غير متبرجات بزينة أيها المسلمون ثم بعد ذلك أحرموا بالعمرة لتكونوا متمتعين بها إلى الحج فإن التمتع أفضل أنواع النسك وقولوا عند ذلك لبيك اللهم عمرة لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ارفعوا بذلك أصواتكم إلا النساء فلا يرفعن أصواتهن بذلك وإذا كان الإنسان مريضاً أو خائف من شئ يمنعه من إتمام نسكه فالأفضل أن يشترط فيقول إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني أما إذا كان لا يخاف من عائق يمنعه عن إتمام النسك فإنه لا يشترط ولا يسن له ذلك لقول الله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ)(الأحزاب: من الآية21) والنبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط عند إحرامه وإنما أرشد إلى الإشتراط رباعة بنت الزبير لأنها كانت مريضة فإذا بلغتم البيت فطوفوا به طواف العمرة سبعة أشواط وأعلموا أن جميع المسجد مكان للطواف القريب من الكعبة والبعيد حتى أطرافه وسطحه ولكن احذروا أن تطوفوا فوق سطح المسعى لأن المسعى ليس من المسجد وقد قال العلماء إنه لابد أن يكون الطواف داخل المسجد فسطح المسجد الأوسط والأعلى إذا كان ليس في سطح المسعى فكله محل للطواف ولكن كلما قرب الإنسان من الكعبة فهو أفضل إذا لم يكن زحام ومشقة وفي هذا الطواف ينبغي للرجل أن يطبع بردائه فيكشف كتفه الأيمن ويجعل طرفي الرداء على كتفه الأيسر وهذا الاطباع ليس مشروعاً إلا في الطواف فقط فإذا أتممتم الطواف فصلوا ركعتين خلف مقام إبراهيم قريباً منه إن تيسر أو بعيداً وخففوا هاتين الركعتين ثم اسعوا بين الصفا والمروة سبعة أشواط تبتدئون بالصفا وتختمون بالمروة فإذا أتممتم السعي فقصروا من رؤوسكم من جميع الرأس لا من جانب منه كما يفعله بعض الناس وتقصر المرأة من أطراف رأسها بقدر أنملة أصبع وبذلك تمت العمرة وحللتم الحل كله وحل لكم كل شئ من محذورات الإحرام فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة فأحرموا بالحج من مكانكم الذي أنتم فيه اغتسلوا وتطيبوا والبسوا ثياب الإحرام وأحرموا بالحج وسيروا ملبين إلى منى قائلين لبيك اللهم حج لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وصلوا بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً بلا جمع تصلون الظهر والعصر والعشاء على ركعتين وتؤدون كل صلاة وحدها في وقتها اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا طلعت الشمس من اليوم التاسع فسيروا ملبين إلى عرفة وصلوا بها الظهر والعصر على ركعتين جمع تقديم ثم تفرغوا لذكر الله ودعائه والتضرع إليه مستقبلي القبلة ولو كان الجبل خلفكم رافعي قلوبكم وأيديكم إلى ربكم مؤملين منه إجابة دعائكم ومغفرة ذنوبكم فإن ذلك يوم عظيم يوم فاضل يوم ينبغي للإنسان أن يستغله فإنه لا يدري أيعود عليه في عمره أم لا يعود وتأكدوا أيها المسلمون من الوقوف داخل عرفة فإن كثيراً من الحجاج ينزلون خارج حدودها ولا يقفون فيها ومن لم يقف بعرفة فلا حج له وعرفة كلها موقف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف ) فكل نواحي عرفة موقف إلا بطن الوادي وادي عرنة فإذا غربت الشمس فسيروا إلى مزدلفة وصلوا بها المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين وأوتروا وبيتوا بها حتى تصلوا الفجر ثم ادعوا الله سبحانه واستغفروه وكبروه ووحدوه إلى أن تسفروا جداً ثم سيروا إلى منى كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم للضعفاء أن يدفعوا من مزدلفة في آخر الليل وكذلك من كان مرافقاً لهم لا حرج عليه أن يدفع معهم فإذا وصلوا إلى منى رموا الجمره ولو كان ذلك قبل طلوع الفجر فإذا وصلتم إلى منى فابدءوا برمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات كل حصاة أكبر من الحمص قليلا والقطوها من حيث شئتم وكبروا مع كل حصاة واعلموا أن الحكمة من رمي الجمرات هي إقامة ذكر الله وتعظيمه ولهذا يكبر الرامي عند رميه ولستم ترمون الشياطين كما يظنه بعض الناس وإنما ترمون هذه الأحجار في هذه الأماكن تعظيماً لله عز وجل واقتداءاً برسول الله صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله ) فإذا رميتم فاذبحوا الهدي إن تيسر ولا يجزئ من الهدي إلا ما يجزئ في الأضحية فمن لم يجد فصيام ثلاث أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ويجوز صيام الأيام الثلاثة قبل الطلوع إلى الحج بعد الإحرام بالعمرة ويجوز صيامها في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ويجوز صيام الأيام السبعة بعد رجوعكم متتابعة أو متفرقة وإذا ذبحتم الهدي المتيسر فاحلقوا رؤوسكم والنساء يقصرن فإذا رميتم وحلقتم حل لكم كل شئ من محظورات الإحرام إلا النساء فالبسوا ثيابكم وتطيبوا ثم انزلوا إلى مكة وطوفوا بها للحج واسعوا له بين الصفا والمروة وبذلك تحلون الحل كله فيحل لكم جميع محظورات الإحرام حتى النساء أيها الناس إن الحجاج يؤدون يوم العيد مناسك عظيمة ولهذا سمى الله يوم العيد يوم الحج الأكبر إنهم يرمون جمرة العقبة ثم يذبحون هديهم ثم يحلقون رؤوسهم أو يقصرون ثم يطوفون بالبيت ثم يسعون بين الصفا والمروة والأكمل أن يفعلها الحاج يوم العيد على هذا الترتيب فإن قدم بعضها على بعض فلا حرج فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما سئل يوم العيد عن شئ قدم ولا أخر إلا قال ( أفعل ولا حرج ) تيسيراً على العباد ورحمة بهم ولو أخرتم الطواف والسعي حتى تنزلوا من منى فلا حرج عليكم غير أنكم لا تتمتعون بالنساء قبل ذلك وإن أخرتم ذبح الهدي إلى اليوم الثالث عشر وذبحتموه بمكة فلا حرج ولو نزلتم من مزدلفة إلى مكة وطفتم وسعيتم قبل الرمي فلا حرج ولو سعى الإنسان قبل الطواف فلا حرج كل شئ من التقديم والتأخير لا بأس به كما قال نبينا وإمامنا وقدوتنا ( إفعل ولا حرج ) أيها الناس ثم بعد ذلك تبيتون بمنى ليلتين الحادية عشرة والثانية عشرة وترمون الجمار الثلاثة في اليومين بعد زوال الشمس ابدأوا برمي الجمرة الأولى الشرطية فرموها بسبع حصيات وكبروا مع كل حصاة ثم تقدموا عن الزحام وقفوا مستقبلي القبلة رافعي أيديكم إلى الله عز وجل تدعونه دعاءاً طويلا ثم ارموا الجمرة الوسطى بسبع حصيات وكبروا مع كل حصاة ثم تقدموا عن الزحام وادعوا الله تعالى دعاءاً طويلاً وأنتم إلى القبلة رافعي أيديكم ثم ارموا جمرة العقبة بسبع حصيات وكبروا مع كل حصاة وانصرفوا بعد ذلك بدون وقوف للدعاء فإن النبي صلى الله عليه وسلم وقف يدعو بعد رمي الجمرة الأولى وبعد رمي الجمرة الوسطى ولم يقف بعد رمي جمرة العقبة ولا ترموا الجمرات في اليوم الحادي عشر واليوم الثاني عشر لا ترموا الجمرات إلى بعد الزوال ولكم الرمي إلى الغروب وإذا خفتم من الزحام فلكم أن ترموا في الليل إلى طلوع الفجر لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت أول الرمي ولم يوقت آخره وأذن للضعفة أن يدفعوا من مزدلفة قبل الفجر خوفاً عليهم من الزحام ويجب على الإنسان أن يرمي الجمرات بنفسه ولا يحل له أن يوكل أحداً غيره لأن الله تعالى يقول (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ )(البقرة: من الآية196) ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن لأحد من الضعفاء أن يوكل بل أمر سودة بنت زمعة وأمر الضعفاء من أهله أن يتقدموا ويرموا بأنفسهم قبل أن تأتي الزحمة ولو كان التوكيل جائزاً لحبسهم معه في مزدلفة وأذن لهم في التوكيل ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة أن يرموا الجمرات يوماً ويدعوها يوماً ثم يرموها الثالث اليومين ولو كان التوكيل جائزاً لأذن لهؤلاء الرعاة أن يوكلوا وهذا التهاون الذي نشاهده اليوم في التوكيل في رمي الجمرات تهاون لا أصل له من كتاب الله ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من أقوال أهل العلم أيضاً فإن العلماء مختلفون في جواز التوكيل عند الضرورة فمنهم من يقول إذا عجز الإنسان عن الرمي فإنه لا يوكل ومنهم من يقول إذا عجز عن الرمي فإنه يوكل وعليه دم ومنهم من يقول إذا عجز عن الرمي فإنه يوكل ولا دم عليه ولم أعلم أن أحداً من العلماء قال إنه يجوز التوكيل في الرمي بدون عذر لهذا يجب علينا أن نتقي الله عز وجل وما شأن الرمي إلا شأن الطواف والسعي فالطواف والسعي فيهما زحام وفيهما فتنة بل إن الفتنة في الطواف أشد فإن الفاسق الفاجر يمكنه أن يلتزم المرأة من أول شوط في الطواف ويكون وراءها إلى أن ينتهي الطواف وهو يتمتع بها ولكن لا يمكن أن يكون هذا إلا ممن زاغ قلبه والعياذ بالله والمهم أن الزحام موجود في الطواف وموجود في السعي كما هو موجود في الرمي والحمد لله الذي جعل في الأمر سعة فإذا كانت المرأة تخشى على نفسها من الزحام أو كان الرجل كذلك فإن الليل فيه متسع ليل طويل نسبياً وهو بارد أي أنه ليس هناك حر وليس هناك تعب فترمي المرأة في الليل ولا حرج عليها نعم إذا كانت المرأة حاملاً تخشى على نفسها أو على حملها أو كان الإنسان مريضاً لا يستطيع أن يذهب إلى الجمرات فإنه لا بأس أن يوكل وهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولكن يمكن أن يقاس على ما روي عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يرمون عن الصبيان ولولا هذا النص لقلنا إنه لا يجوز التوكيل مطلقا وإنما أطلت الكلام في هذا لأن الناس يتهاونون به جداً حتى إن بعض الناس يكون قوياً جلداً فيقول لصاحبه ارمي عني وهو جالس في الخيمة لا يريد أن يتأذى بالحر أو المشي أيها المسلمون إن الرمي عبادة واجبة على الذكور والإناث فيجب على المرء أن يؤديها بنفسه إلا عند الضرورة وإذا دعت الضرورة فإن الوكيل يرمي الجمرة أولاً عن نفسه ثم يرميها عن الوكيل ولا حرج أن يرمي عن نفسه وعن موكله في موقف واحد أيها الناس إذا رميتم الجمار في اليوم الثاني عشر فقد تم الحج فمن شاء تعجل فخرج من منى قبل غروب الشمس ومن شاء تأخر فبات بمنى الليلة الثالث عشر ورمى الجمار من الغد بعد الزوال وهذا أفضل لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه أكثر عملاً حيث يحصل له المبيت والرمي في الثالث عشر أيها المسلمون إن بعض الفقهاء رحمهم الله يقولون إنه يجوز أن يوكل الإنسان في نفل الحج وفي نفل العمرة لعذر أو لغير عذر في الطواف والسعي وغيرها من مناسك الحج أو العمرة ولكن هذا قول ضعيف جداً مصادم لقوله تعالى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ )(البقرة: من الآية196) ومن المعلوم أن هذه الآية قد نزلت في السنة السادسة من الهجرة قبل أن يفرض الحج فقد نزلت والحج حين إذن ليس واجبا ومع ذلك فقد أمر الله تعالى بإتمام الحج والعمرة وعلى هذا فإن القول بجواز التوكيل مطلقاً في النفل قول ضعيف مصادم للنص فلا عبرة به فإذا أردتم السفر إلى بلدكم بعد تمام أفعال الحج كلها فطوفوا بالبيت طوفوا طواف الوداع وليس بعد طواف الوداع شئ من أفعال الحج ولقد سمعت أن بعض الناس ينزل فيطوف للوداع ثم يخرج إلى منى فيرمي الجمرات ثم يستمر في سفره وهذا خطأ مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وفعله فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يكون أخر عهد الناس بالبيت ومن رمى بعد الوداع فقد جعل أخر عهده بالجمار لا بالبيت ولأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بعد أن أتم جميع أفعال النسك وإذا كانت المرأة حائضاً أو نفساء فليس عليها وداع لقول ابن عباس رضي الله عنهما أمر الناس أن يكون أخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض أيها المسلمون وإذا من الله عليكم بأداء العمرة والحج ورجعتم إلى بلادكم وأنتم مؤملون أن الله قد غفر ذنوبكم فاشكروا نعمة الله عليكم وأنيبوا إليه والزموا طاعته ولا تعيدوا سيئاتكم لصفحاتكم بعد أن محيت بالحج أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يقول الله تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ * وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (البقرة:197-203) بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم …

الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب ومعشر وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدى الفجر وأنور وسلم تسليماً كثيرا …

أما بعد

أيها الناس فإن المسلمين في هذه الأيام يستقبلون أياماً عظيمة أياماً فاضلة ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فيها ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر ) قالوا ولا الجهاد في سبيل الله قال ( ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشئ ) أيها المسلمون إن هذه العشر هي عشر ذي الحجة المبدوءة بأول يوم من شهر ذي الحجة وأخرها يوم العيد هذه الأيام كما سمعتم يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر ) فالعمل في عشر ذي الحجة أحب إلى الله تعالى من العمل في العشر الأخيرة من رمضان تصوروا أيها المسلمون ذلك العمل الصالح في عشر ذي الحجة أحب إلى الله من العمل الصالح في العشر الأواخر من شهر رمضان هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم وما أراكم تجتهدون في الأعمال الصالحة في هذه الأيام العشر كاجتهادكم في الأعمال الصالحة في عشر رمضان وما ذلك إلا لأنه لا يعلم الإنسان مدى فضيلة العمل الصالح في هذه الأيام العشر إما لجهله وإما لأن الإنسان يتهاون فيها فأدعو نفسي وإياكم أيها الأخوة إلى كثرة الأعمال الصالحة في هذه الأيام العشر من ذكر الله عز وجل والصلاة والصدقة وفعل البر والخير والإحسان إلى الخلق والصيام فإن الصيام من أفضل الأعمال الصالحة حتى إن الله عز وجل اختاره لنفسه من بين سائر الأعمال فقال ( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ) فالصيام داخل في الأعمال الصالحة التي هي أحب إلى الله تعالى في هذه الأيام من غيرها فأكثروا أيها المسلمون في هذه الأيام من الأعمال الصالحة على اختلاف أنواعها حتى قراءة القرآن أكثروا منها في هذه الأيام لأن قراءة القرآن من أفضل الأعمال الصالحة أيها المسلمون إن من حكمة الله عز وجل ورحمته بعباده ونحن نعترف لله عز وجل بالمنة والفضل والإحسان على عباده أجمعين أن جعل للمتخلفين عن الحج في أوطانهم شيئاً من شعائر الحج وذلك في الأضحية فإن المقيمين في البلاد يشرع لهم أن يضحوا يوم العيد بأضحية واحدة عن أنفسهم وعن أهليهم كما كان نبينا صلى الله عليه وسلم وهو أكرم الناس وأجود الناس يضحي بواحدة فقط عنه وعن أهل بيته فيشرع لنا معشر المسلمين أن نضحي يوم العيد عن أنفسنا وعن أهلينا بأضحية واحدة وأن لا نتباهى بكثرة الأضاحي فإن التباهي بالعبادة إذا لم يكن الإنسان قاصداً السبق إلى الخيرات وكثرة الأعمال الصالحة على الوجه المشروع يكون عملاً نوعاً من الرياء أيها المسلمون إن الأضحية مشروعة بإجماع المسلمين حتى إن طائفة كبيرة من المسلمين يقولون إنها واجبة وممن قال بوجوبها الإمام أبو حنيفة وأصحابه وممن قال بوجوبها من أصحاب الإمام أحمد حبر زمانه وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فإنه يرى أن الأضحية واجبة على القادر كمذهب أبي حنيفة رحمه الله وأصحابه رحمهم الله وذلك لأن الله عز وجل أمر بها وقرنها بالصلاة في قوله (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر:2) وفي قوله تعالى (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:162) ووردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر بها فمن كان منكم واجداً فلا يدعنها بل يضحي عنه وعن أهل بيته فهذه مشاركة للحجاج في شئ من شعائر الدين فهم يذبحون الهدي لله عز وجل والناس في أماكنهم يذبحون الضحايا لله عز وجل وهناك مشاركة أخرى للحجاج وهي أن الإنسان إذا أراد ودخل العشر فإنه لا يأخذ من شعره ولا من بشرته ولا من ظفره شيئا لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك فمن أراد أن يضحي فلا يأخذن من شعره ولا من ظفره ولا من بشرته أي من جلده شيئا إلا إذا كان شئ يؤذيه فلا حرج عليه أن يزيل المؤذي عنه مثال ذلك أن يكون في عين الإنسان شعر يتأذى به فله أن ينقشه بالمنقاش ومثال آخر أن تنكسر ظفر الإنسان فتؤذيه فلا حرج عليه أن يقص المنكسر ومثال ثالث أن تدلى قطعة من جلده فتؤذيه فلا حرج عليه أن يقصها أما إذا لم يكن له عذر فلا يأخذن من شعره ولا من بشرته ولا من ظفره شيئا ومن اليوم وإلى اليوم الثاني بعده لكم فسحة في أن تأخذوا من أشعاركم وأظفاركم ما تحتاجون إلى إزالته والحكم هذا خاص بمن يضحي وهو رب الأسرة وأما الأسرة أنفسهم فإنه لا حرج عليهم في الأخذ من ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذن من شعره ولا من بشرته ولا من ظفره شيئاً ) وينتهي هذا الحظر بذبح الأضحية يوم العيد أو بعده فإذا أخر الإنسان ذبح الأضحية إلى اليوم الثاني من يوم العيد فإنه لا يأخذ من شعره لأن الحكم مربوط بذبح أضحيته أما الأسرة فإنه لا حرج عليهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما سمعتم خص ذلك بمن يضحي ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته ولم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم كان ينهاهم عن الأخذ من ذلك أيها المسلمون أكثروا من ذكر الله ومن كل عمل صالح في هذه الأيام العشر وضحوا عن أنفسكم وأهليكم ولا يخدعنكم الشيطان حيث يقول للإنسان كن حراً في هذه الأيام في أخذ الشعر والأظفار ولا تضحي فإن ذلك من إملاء الشيطان ( وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)(النور: من الآية21) ومن كان منكم ليس عنده نية في الأضحية فله أن يأخذ من شعره وبشرته وظفره فإذا أحدث نية في أثناء العشر فله أن يفعل ذلك أي له أن يضحي وإن كان قد أخذ في أول العشر من أظفاره وشعوره وبشرته لأنه أخذ قبل أن يريد وأعلموا أيها المسلمون أنه يجب على الإنسان أن يتعلم من دين الله ما يقوم به دينه في طهارته وصلاته وزكاته وصيامه وحجه وغير ذلك لأنه لا تتم العبادة إلا بالإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا ونحن في إنتظار فريضة مما فرضته علينا يا ربنا نسألك اللهم أن ترزقنا علماً نافعا اللهم ارزقنا علماً نافعا اللهم ارزقنا علماً نافعا اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً يا رب العالمين واجعل دليلنا إليك كتابك وسنة نبيك يا رب العالمين اللهم إنا نعوذ بك أن نضل أو نضل أو نظلم أن نظلم أن نجهل أو يجهل علينا يا رب العالمين ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وأكثروا أيها المسلمون من الصلاة والسلام على نبيكم الذي لم يأتكم خير إلا من قبله ولم تعلموا شراً تتركونه إلا من قبله فهو المبلغ عن ربكم شريعة الله عز وجل إليكم فأكثروا من الصلاة والسلام عليه اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين يا رب العالمين اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد …

http://www.ibnothaimeen.com/all/khotab/article_446.shtml


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة