في التحذير من هوى النفس
يا نَفسُ دُنياكِ تُخفي كُلَّ مُبكِيَةٍ : وَإِن بَدا لَكِ مِنها حُسنُ مُبتَسَمِ
فُضّي بِتَقواكِ فاهًا كُلَّما ضَحِكَتْ : كَما يَفُضُّ أَذى الرَقشاءِ بِالثَرَمِ
مَخطوبَةٌ مُنذُ كانَ الناسُ خاطِبَةٌ : مِن أَوَّلِ الدَهرِ لَم تُرمِل وَلَم تَئَمِ
يَفنى الزَمانُ وَيَبقى مِن إِساءَتِها : جُرحٌ بِآدَمَ يَبكي مِنهُ في الأَدَمِ
لا تَحفَلن بِجَناها أَو جِنايَتِها : المَوتُ بِالزَهرِ مِثلُ المَوتِ بِالفَحَمِ
كَم نائِمٍ لا يَراها وَهيَ ساهِرَةٌ : لَولا الأَمانِيُّ وَالأَحلامُ لَم يَنَمِ
طَورًا تَمُدُّكَ في نُعمى وَعافِيَةٍ : وَتارَةً في قَرارِ البُؤسِ وَالوَصَم
كَم ضَلَّلَتكَ وَمَن تُحجَب بَصيرَتُهُ : ِن يَلقَ صابا يَرِد أَو عَلقَمًا يسم
يا وَيلَتاهُ لِنَفسي راعَها وَدَها : مُسوَدَّةُ الصُحفِ في مُبيَضَّةِ اللَمَمِ
رَكَضتُها في مَريعِ المَعصِياتِ وَما : أَخَذتُ مِن حِميَةِ الطاعاتِ لِلتُخَمِ
هامَت عَلى أَثَرِ اللَذّاتِ تَطلُبُها : وَالنَفسُ إِن يَدعُها داعي الصِبا تَهِمِ
صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ : فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ
وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ : وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ
تَطغى إِذا مُكِّنَت مِن لَذَّةٍ وَهَوًى : طَغيَ الجِيادِ إِذا عَضَّت عَلى الشُكُمِ
* من نهج البردة - لأمير الشعراء أحمد شوقي