فضاءات شنهور

شنهور

فضاء التربية والتعليم

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
الطيب سيد أحمد محمد
مسجــل منــــذ: 2011-02-13
مجموع النقط: 1458.41
إعلانات


باب ظننت و أخواتها

باب ظننت و أخواتها

إن قال قائل على كم ضربا تستعمل هذه الأفعال قيل أما ظننت فتستعمل على ثلاثة أوجه أحدها بمعنى الظن و هو ترجيح أحد الاحتمالين على الآخر و الثاني بمعنى اليقين قال الله تعالى ( الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم ) و قال تعالى ( فظنوا أنهم مواقعوها ) وقال الشاعر - من الطويل فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج ... سراتهم في الفارسي المسرد ) و هذان يتعديان إلى مفعولين
والثالث بمعنى التهمة كقوله تعالى ( وما هو على الغيب بظنين ) في قراءة من قرا بالظاءا أي بمتهم وهذا يتعدى إلى مفعول واحد وأما خلت و حسبت فتستعملان بمعنى الظن وأما زعمت فتستعمل في القول عن غير صحة قال الله تعالى زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا وأما علمت فتستعمل على اصلها فتتعدى إلى مفعولين و تستعمل بمعنى عرفت فتتعدى إلى مفعول واحد قال الله تعالى ( لا تعلمهم نحن نعلمهم ) وأما رأيت فتكون من رؤية القلب فتتعدى إلى مفعولين نحو رأيت الله غالبا و تكون من رؤية البصر فتتعدى إلى مفعول واحد نحو رأيت زيدا أي أبصرت زيدا وأما وجدت فتكون بمعنى علمت فتتعدى م - إلى مفعولين ا نحو وجدت زيدا عالما وتكون بمعنى أصبت فتتعدى إلى مفعول واحد نحو وجدت الضالة لم وجدانا وقد تكون لازمة في نحو قولهم وجدت في الحزن وجدا و وجدت في المال وجدا و وجدت في الغضب موجدة وحكى بعضهم وجدانا قال الشاعر - من الوافر -
( كلانا رد صاحبه بغيظ ... على حنق ووجدان شديد )

فإن قيل فلم أعملت هذه الأفعال و ليست مؤثرة في المفعول قيل لأن هذه الأفعال و إن لم تكن مؤثرة إلا أن لها تعلقا بما عملت فيه ألا ترى أن قولك ظننت يدل على الظن والظن يتعلق بمظنون وكذلك سائرها
ثم ليس التأثير شرطا في عمل الفعل وإنما شرط عمله أن يكون له تعلق بالمفعول فإذا تعلق بالمفعول تعدى إليه سواء كان مؤثرا أو غير مؤثر ألا ترى أنك تقول ذكرت زيدا فيتعدى إلى زيد وإن لم يكن مؤثرا فيه إلا أنه لما كان له به تعلق لأن ذكرت يدل على الذكر و الذكر لا بد له من مذكور تعدى إليه فكذلك ههنا
فإن قيل فلم تعدت إلى مفعولين قيل لأنها لما كانت تدخل على المبتدأ والخبر بعد استغنائها بالفاعل وكل واحد من المبتدأ والخبر لا بد له من الآخر وجب أن يتعدى إليهما
فإن قيل فهل يجوز الاقتصار فيها على الفعل والفاعل قيل اختلف النحويون في ذلك فذهب بعضهم إلى أنه يجوز واستدل عليه بالمثل السائر وهو قولهم من يسمع يخل فاقتصر على يخل و فيه ضمير الفاعل وذهب بعضهم إلى أنه لا يجوز واستدلوا على ذلك من وجهين أحدهما أن هذه الأفعال تجاب بما يجاب به القسم كقوله تعالى ( وظنوا ما لهم من محيص ) فكما لا يجوز الاقتصار على القسم دون المقسم عليه فكذلك لا يجوز الاقتصار على هذه الأفعال مع فاعلها دون مفعوليها و الثاني أنا نعلم أن العاقل لا يخلو من ظن أو علم أو شك فإذا قلت ظننت أو علمت أو حسبت لم يكن فيه فائدة لأنه لا تخلو عن ذلك.
فإن قيل فهل يجوز الاقتصار على أحد المفعولين قيل لا يجوز لأن
هذه الأفعال داخلة على المبتدأ والخبر وكما أن المبتدأ لا بد له من الخبر والخبر لا بد له من المبتدأ فكذلك لا بد لأحد المفعولين من الآخر.

فإن قيل فلم أوجب إعمال هذه الأفعال إذا تقدمت وجاز إلغاؤها إذا توسطت أو تأخرت قيل إنما وجب إعمالها إذا تقدمت لوجهين أحدهما أنها إذا تقدمت فقد وقعت في أعلى مراتبها فوجب إعمالها ولم يجز إلغاؤها و الثاني أنها إذا تقدمت دل ذلك على قوة العناية بها و إلغاؤها يدل على اطراحها وقلة الاهتمام بها فلذلك لم يجز الإلغاء مع التقديم لأن الشيء لا يكون معنيا به مطرحا وأما إذا توسطت أو تأخرت فإنما جاز إلغاؤها لأن هذه الأفعال لما كانت ضعيفة في العمل و قد مر صدر الكلام على اليقين لم يتغير الكلام عما اعتمد عليه وجعلت في تعلقها بما قبلها بمنزلة الظرف فإذا قال زيد منطلق ظننت فكأنه قال زيد منطلق في ظني و كما أن قولك في ظني لا يعمل فيما قبله فكذلك ما نزل منزلته وأما من أعملها إذا تأخرت فجعلها متقدمة في التقدير و إن كانت متأخرة في اللفظ مجازا و توسعا غير أن الإعمال مع التوسط أحسن من الإعمال مع التأخر و ذلك لأنها إذا توسطت كانت متقدمة من وجه متأخرة من وجه لأنها متأخرة عن أحد الجزئين متقدمة على الآخر ولا يتم أحد الجزئين إلا بصاحبه فكانت متقدمة من وجه و متأخرة من وجه فحسن إعمالها كما حسن إلغاؤها فإذا تأخرت عن الجزئين جميعا كانت متأخرة من كل وجه فكان إلغاؤها احسن من إعمالها لتأخرها وضعف عملها فاعرفه تصب إن شاء الله تعالى.

أسرار العربية

أبو البركات الأنباري


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة