باب التحذير
باب التحذير
إن قال قائل ما وجه التكرير إذا أرادوا التحذير في نحو قولهم ا الأسد الأسد قيل أنهم أرادوا أن يجعلوا أحد الاسمين قائما مقام الفعل الذي هو احذر و لهذا إذا كرروا لم يجز إظهار الفعل و إذا حذفوا أحد الاسمين جاز إظهار الفعل فدل على أن أحد الاسمين قائم مقام الفعل
فإن قيل فأي الاسمين أولى بأن يقوم مقام الفعل قيل أولى الاسمين بأن يقوم مقام الفعل هو الأول لأن الفعل يجب أن يكون مقدما على الاسم الثاني لأنه مفعول فكذلك الاسم الذي يقوم مقام الفعل ينبغي أن يكون مقدما فإن قيل فلم انتصب قولهم إياك والشر قيل لأن التقدير فيه إياك احذر فإياك منصوب ب احذر و الشر معطوف عليه وقيل أصله إياك احذر من الشر فموضع الجار والمجرور النصب فلما حذف حرف الجر صار النصب فيما بعده فإن قيل فلم قدروا الفعل بعد إياك و لم يقدروه قبله قيل لأن إياك ضمير المنصوب المنفصل فلا يجوز أن يقع الفعل قبله لأنك لو أتيت به قبله لم يجز أن تأتي به بلفظه لأنك تقدر على الضمير المنصوب المتصل و هو الكاف ألا ترى أنك لو قلت ضربت إياك لم يجز لأنك تقدر على أن تقول ضربتك فأما قول الشاعرا - من الرجز - إليك حتى بلغت إياكا فشاذ لا يقاس علية فإن قيل فلم لم يستعملوا لفظ الفعل مع إياك كما استعملوه مع غيره قيل إنما خصت إياك بهذا لأنها لا تكون إلا في موضع نصب لأنها ضمير المنصوب المنفصل فصارت بنية لفظه تدل على كونه مفعولا فلم يستعملوا معه لفظ الفعل بخلاف غيره من الأسماء فإنه يجوز أن يقع مرفوعا ومنصوبا ومجرورا إذ ليس في بنية لفظه ما يدل على كونه مفعولا فاستعملوا معه لفظ الفعل
فاعرفه تصب إن شاء الله تعالى.
أسرار العربية
أبو البركات الأنباري