فضاءات شنهور

شنهور

فضاء التربية والتعليم

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
الطيب سيد أحمد محمد
مسجــل منــــذ: 2011-02-13
مجموع النقط: 1458.41
إعلانات


باب إن و أخواتها

باب إن و أخواتها :

إن قال قائل لم أعملت هذه الأحرف قيل لأنها أشبهت الفعل ووجه الشبه بينهما من خمسة أوجه الوجه الأول أنها مبنية على الفتح كما أن الفعل الماضي مبني على الفتح والوجه الثاني أنها على ثلاثة أحرف كما أن الفعل على ثلاثة أحرف
والوجه الثالث أنها تلزم الأسماء كما أن الفعل يلزم الأسماء والوجه الرابع أنها تدخل عليها نون الوقاية كما تدخل على الفعل نحو إنني وكأنني ولكنني وكذلك سائرها والوجه الخامس أن فيها معاني الأفعال فمعنى إن و أن حققت ومعنى كأن شبهت ومعنى لكن استدركت ومعنى ليت تمنيت ومعنى لعل ترجيت فلما أشبهت هذه الحروف الفعل من هذه الأوجه وجب أن تعمل عمله وإنما عملت في شيئين لأنها عبارة عن الجمل لا عن المفردات كما بينا في كان.
فإن قيل فلم نصبت الاسم و رفعت الخبر قيل لأنها لما أشبهت الفعل وهو يرفع و ينصب شبهت به فنصبت الاسم تشبيها بالمفعول ورفعت الخبر تشبيها بالفاعل فإن قيل فلم وجب تقديم المنصوب على المرفوع قيل لوجهين أحدهما أن هذه الحروف تشبه الفعل لفظا و معنى فلو قدم المرفوع على المنصوب لم يعلم هل هي حروف أو أفعال فإن قيل الأفعال تتصرف والحروف لا تتصرف قيل عدم التصرف لا يدل على أنها حروف لأنه قد يوجد أفعال لا تتصرف كـ نعم و بئس و عسى و ليس و فعل التعجب و حبذا فلما كان ذلك يؤدي إلى الالتباس بالأفعال وجب تقديم المنصوب على المرفوع رفعا لهذا الالتباس
و الوجه الثاني أن هذه الحروف لما أشبهت الفعل الحقيقي لفظا ومعنى حملت عليه في العمل فكانت فرعا عليه في العمل وتقديم المنصوب على المرفوع فرع فألزموا الفرع الفرع
و تخرج على هذا ما فإنها ما أشبهت الفعل من جهة اللفظ و إنما أشبهته من جهة المعنى ثم الفعل الذي أشبهته ليس فعلا حقيقيا وفي فعليته خلاف

بخلاف هذه الحروف فإنها أشبهت الفعل الحقيقي من جهة اللفظ والمعنى من الخمسة الأوجه التي بيناها فبان الفرق بينهما وقد ذهب الكوفيون إلى أن أن و أخواتها تنصب الاسم ولا ترفع الخبر وإنما الخبر يرتفع بما كان يرتفع به قبل دخولها لأنها فرع على الفعل في العمل فلا تعمل عمله لأن الفرع أبدا أضعف من الأصل فينبغي ألا تعمل في الخبر وهذا ليس بصحيح لأن كونه فرعا على الفعل في العمل لا يوجب ألا يعمل عمله فإن اسم الفاعل فرع على الفعل في العمل ويعمل عمله على أنا قد عملنا بمقتضى كونه فرعا فإنا ألزمناه طريقة واحدة و أوجبنا فيه تقديم المنصوب على المرفوع ولم نجوز فيه الوجهين كما جاز ذلك مع الفعل لئلا يجري مجرى الأصل فلما أوجبنا فيه تقديم المنصوب على المرفوع بأن ضعف هذه الحروف وانحطاطها عن رتبة الفعل فوقع الفرق بين الفرع و الأصل ثم لو كان الأمر كما زعموا و أنه باق على رفعه لكان الاسم المبتدأ أولى بذلك فلما وجب نصب المبتدأ بها وجب رفع الخبر بها لأنه ليس في كلام العرب عامل يعمل في الأسماء النصب و لا يعمل الرفع فما ذهبوا إليه يؤدي إلى ترك القياس و مخالفة الأصول لغير فائدة وذلك لا يجوز فإن قيل فلم جاز العطف علي موضع إن و لكن دون سائر أخواتها قيل لأنهما لم يغيرا معنى الابتداء بخلاف سائر الحروف لأنها غيرت معنى الابتداء لأن كأن أفادت معنى التشبيه و ليت أفادت معنى التمني و لعل أفادت معنى الترجي.
فإن قيل فهل يجوز العطف على الموضع قبل ذكر الخبرا قيل اختلف النحويون في ذلك فذهب البصريون إلى أنه لا يجوز ذلك على الإطلاق و ذلك لأنك إذا قلت أنك وزيد قائمان وجب أن يكون زيد مرفوعا بالابتداء ووجب أن يكون عاملا في خبر زيد وتكون أن عاملة في خبر الكاف وقد اجتمعا معا وذلك لا يجوز.

وأما الكوفيون فاختلفوا في ذلك فذهب الكسائي إلى أنه يجوز ذلك على الإطلاق سواء تبين فيه عمل إن أو لم يتبين نحو إن زيدا و عمرو قائمان و إنك و بكر منطلقان و ذهب الفراء إلى أنه لا يجوز ذلك إلا فيما لا يتبين فيه عمل إن و استدلوا على ذلك بقوله تعالى ( إن الذين آمنوا و الذين هادوا و الصابئين و النصارى ) ا فعطف الصابئين على موضع إن قبل تمام الخبر و هو قوله ( من آمن بالله واليوم الآخر ) و بما حكى عن بعض العرب أنه قال أنك وزيد ذاهبان وقد ذكره سيبويه في الكتاب
و الصحيح ما ذهب إليه البصريون وأما ما استدل يه الكوفيون فلا حجة لهم فيه أما قوله تعالى ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون ) فلا حجة لهم فيه من وجهين أحدهما أنا نقول في الآية تقديم وتأخير والتقدير فيها إن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن بالله واليوم الآخر - وعمل صالحا - فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون والصابئون والنصارى كذلك والوجه الثاني أن تجعل قوله من آمن بالله واليوم الآخر خبرا للصابئين والنصارى وتضمر للذين آمنوا والذين هادوا خبرا مثل الذي أظهرت للصابئين والنصارى ألا ترى أنك تقول زيد وعمرو قائم فتجعل قائما خبرا لعمرو و تضمر لزيد خبرا آخر مثل الذي أظهرت لعمرو و إن شئت جعلته خبرا لزيد و أضمرت لعمرو خبرا كما قال الشاعر - من الوافر -
( وإلا فاعلموا أنا وأنتم ... بغاة ما بقينا في شقاق ) فإن شئت جعلت قوله بغاة خبرا للثاني وأضمرت للأول خبرا وإن شئت جعلته خبرا للأول وأضمرت للثاني خبرا على ما بينا.
وأما قول بعض العرب أنك وزيد ذاهبان فقد ذكر سيبويه أنه غلط من بعض العرب ا و جعله بمنزلة قول الشاعر - من الطويل -
( بدا لي أني لست مدرك ما مضى ... ولا سابق شيئا إذا كان جائيا ) فقال سابق بالجر على العطف و إن كان المعطوف عليه منصوبا لتوهم حرف الجر فيه و كذلك قول الآخر - من الطويل - مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ... ولا ناعب إلا ببين غرابها )
فقال ناعب بالجر بالعطف على مصلحين لأنه توهم أن الباء في مصلحين موجودة ثم عطف عليه مجرورا و إن كان منصوبا و لا خلاف أن هذا نادر لا يقاس عليه فكذلك ههنا فاعرفه تصب إن شاء الله تعالى.

أسرار العربية

- أبو البركات الأنباري


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة