في سيمياء العلاقة بين المؤسسة التعليمية والمحيط (تأهيلية أولاد صالح نموذجا )
عبدالحق السالكي
المؤسسة التعليمية بناية قانونية تفصل عالما عن عالم . داخلها من متعلمين ومعلمين وهيئة حراسة وتسيير تحكمهم علاقات قانونية وتربوية وتعليمية . وداخل هذا الإطار الهندسي التربوي / القانوني تلقى المعارف والقيم ، إلا أن وافده لا يأتي صفحة بيضاء ، بل هو يدوره مزود بما يشكل شخصيته / خصوصيته التي أصبح مطالبا بتكييفها مع الجماعة الجديدة أي المؤسسة التعليمية كوسيلة من وسائل التنشئة الاجتماعية . من هنا تبدأ عملية التأثير والتأثر والاستقطاب ثم الاندماج في المجتمع الذي تنشده المدرسة . هذه الأخيرة تاسعى بوساطة المناهج الدراسية وأنشطة الحياة المدرسية قولبة المتعلم وصهره في قالبها المعرفي التربوي ، لكن المتعلم يتأثر بمحيطه الخارجي ، إذ يربط به علاقات تتجاوز عالم المدرسة ، فتسعى هذه الأخيرة من خلال ملامسات منظريها ومفكريها ومسيريها إلى إعادة هذا المتمرد إلى بيت الطاعة ، إلا أن شخصية المتعلم ومحيطه اللذين تتحكم فيهما عدة معطيات تحسم في النهاية طبيعة العلاقة ودرجة الحصيلة والمطاوعة..من هنا تختلف مؤسسة عن مؤسسة في جوها التربوي وفي نتيجتها التحصيلية ، وفيما يسود داخلها من علاقات ونركز في هذه المداخلة على الاسم 2 كمعطى نلتمس من خلاله معرفة طبيعة شخصية المتعلم بالثانوية التأهيلية أولاد صالح ، وعلاقة هذه الطبيعة بالمحصلة التي تسعى إليها المؤسسة ، الاسم هو الكيان والكينونة التي تحدد حامله ، وقد سعى الإنسان إلى تحسينه لهذا الاعتبار ، ولاعتبار ديني " إذ هو الاسم الذي سننادى به يوم القيامة.."
وقد غلب ( بكسر اللام ) على أمر البعض فألصق به إسم لا رغبة له فيه كبعض الصفات القدحية " الأعوج" إلا أن للإسم أشكال ن فقد عرفت العرب الاسم واللقب والكنية والنسبة التي تقابل الاسم أحيانا بإضافة حرف " ي" فيقال : الشاوي والدكالي والعبدي والصحراوي نسبة إلى الشاوية ودكالة وعبدة والصحراء..وكان استعمال الكنية أو اللقب لتقوية شخصية حامله ، وتقويم إسمه وإشهاره "أبو القاسم" "ذات النطاقين" " أبو عمار" مثلا ، إذ يوظف الاسم حسب أغراض متكلمية متعددة كالدلال ، إذ يصير أحمد ومحمد وحميد " حمودي أو حمودة " وتصير زينب "زوزو" ، وقد يراد للاسم أن يحمل معاني القوة فيسمى الشخص : فهد أو نمر أو سيف..كما قد يرتبط إسمه بحدث غير مرغوب فيه فيسمى المولود حنظلة ـو علقمة ، فتساعد الأسماء على معرفة فترة تاريخية معينة أو منطقة جغرافية كأن يدل اسم مغربي " صدام" على أن ولادته صادفت مرحلة التسعينات من القرن العشرين حيث الحرب على العراق ، أو يدل إسم "محند " على أن صاحبه من منطقة جبال الاطلس بالمغرب..
بالنسبة لموضوعنا سنركز على الاسم العائلي . فحين نبحث من أين تستقي الشعوب أسماءها الشخصية وأسماءها العائلية ، نجد لذلك تفسيرات وتعليلات . وعندنا في المغرب نجد أسماء عائلية مشهورة ك " العلوي " ، " ابن جلون " " بنيس " و " الفهري " و " لحلو"..لدى العائلات التي تنتسب إلى وسط مثقف ومتميز . أما أرباب الأسر الأميون الذين طلب " بضم الطاء " منهم المجيء باسم عائلي لكنانيشهم العائلية " كناش الحالة المدنية " بعد الاستقلال ، فلكل قصة في إبداع الاسم العائلي الذي ألصق به .
ولنقف عند الأسماء العائلية الاتية عينة الأسماء موضوع البحث ، لقراءتها في ضوء التصور الذي انطلقنا منه :
- " الكردة" ، تجمع على " الكرادي " وتعني حسب اللهجة المحلية البقعة الأرضية التي غالبا ما تستغل للزراعة البورية أو الرعي .
- الكرط ، الكرطي : هناك تجمع سكاني يحمل اسم " كروطة " ، ولفهم معنى الكلمة نربطها باسم " المكرط" ، وهو إسم يدل في اللهجة المحلية ، على الأرض الصخرية التي لا تصلح للزراعة وإنما تستغل لرعي المواشي فقط .
- الحريزي : نسبة إلى أولاد حريز وهو إسم يشمل مناطق وتجمعات سكنية من ضمنها أولاد صالح ، الاسم الذي تنسب إليه التأهيلية .
- ضمانة : نسبة إلى دار الضمانة . فهي أسماء ترتبط بالأرض والحياة المعتمدة على الجهد العضلي وتحمل المشاق في سبيل الحصول على القوت . ومن هنا نفهم لماذا اختيار بعض الأسماء التي على وزن " فعال" الدالة على كثرة الفعل وتكراره مثل : بطاش : كثرة البطش ، العكال ، كلاع ، عفان ، حبادي..
أو أسماء دالة على بعض الصفات أو النباتات أو الحيوانات أو الملابس التي تعرفها المنطقة مثل : الحضناوي ، المدهوص ، قزبور ، السهبي ، بوطربوش ، بوالطير ، الكسيان ، الغوات ، الصردي ، الحولي ، الجلدي..فالارتباط بشيء معين حتم هذا الاختيار للاسم العائلي..
وإذا ما رجعنا إلى طبيعة المنطقة التي تشكل محيط المؤسسة التعليمية سنجدها منطقة صخرية صعبة الاستغلال والاستثمار بحكم قلة الامكانيات وضعف ذات اليد ، الأمر الذي يتطلب تكلفة باهضة تتجاوز المتيسر المحلي الشيء الذي سينعكس على مردودية مستوطنيها في كل المجالات : الفلاحة والتربية والتكوين..مما يتطلب معه جهودا لتدليل الصعاب..ف
على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر أهل الكرام المكارم
إن سمات المكان تسم سلوك الإنسان فتضفي عليه خصوصيات تميزه من باقي أشكال السلوك الإنساني . هذا من جهة . ومن جهة أخرى مكونات التراب من معادن كالحديد والزنك والأملاح..هي أيضا مكونات جسم الإنسان . فألا يمكن استثمار هذا التقابل لتوظيفه فيما تنشده التربية والتعليم من أبنائها ، خاصة إذا ما تم التفكير فيما يجعل الفرد أكثر عطاء وتميزا كالذكاء الفطري؟
1 – نيابة النواصر أكاديمية جهة الدار البيضاء الكبرى / المغرب
2- خاصة الاسم العائلي للتلاميذ والتلميذات