مقدمة رائعة
الحمد لله المتفرد باسمه الأسمى ، المختص بالملك الأعز الأحمى ، الذي ليس دونه منتهى ، و لا وراءه مرمى ، الظاهر لا تخيلا و وهما ، الباطن تقدسا لا عدماً ، وسع كل شيء رحمةً و علماً ، و أسبغ على أوليائه نعما عماً ، و بعث فيهم رسولاً من أنفسهم عرباً و عجماً ، و أزكاهم محتداً و منمى ، و أرجحهم عقلاً و حلماً ، و أوفرهم علماً و فهماً ، و أقواهم يقيناً و عزماً ، و أشدهم بهم رأفة و رحمى ، و زكاه روحاً و جسماً ، وحاشاه عيباً و وصماً ، و آتاه حكمة و حكماً ، و فتح به أعيناً عمياً ، و قلوباً غلفاً ، و آذاناً صماً ، فآمن به و عزره ، و نصره من جعل اللهُ له في مغنم السعادة قسماً ، و كذب به و صدف عن آياته من كتب الله عليه الشقاء حتماً ، ((وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) (الإسراء : 72 )) . صلى الله عليه وسلم صلاةً تنمو و تنمى ، و على آله و سلم تسليماً كثيراً .
أما بعد أشرق الله قلبي و قلبك بأنوار اليقين ، و لطف لي و لك بما لطف لأوليائه المتقين ، الذين شرفه م الله بنزل قدسه ، و أوحشهم من الخليقة بأنسه ، و خصهم من معرفته و مشاهدة عجائب ملكوته و آثار قدرته بما ملأ قلوبهم حبرة ، و وله عقولهم في عظمته حيرة ، فجعلوا همهم به واحداً ، و لم يروا في الدارين غيره مشاهدا ، فهم بمشاهدة جماله و جلاله يتنعمون ، و بين آثار قدرته و عجائب عظمته يترددون ، و بالإنقطاع إليه و التوكل عليه يتعززون ، لهجين بصادق قوله : (قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ))- سورة الأنعام - آية 91-